IMLebanon

هل يتروّى “الحزب” أم يقدّم هديّة مجانية لإسرائيل؟

 

 

في غمرة التساؤلات عن حتمية رد “حزب الله” على اغتيال الرجل الثاني “والمؤسس الرمز” لحزبه فؤاد شكر، وفي غمرة التحركات الناشطة والجهود الديبلوماسية المكثفة لردء “الرد ” المفترض أو للحد من قساوته، يتساءل اللبنانيون هل من رد أم لم يعد هناك رد فعلي على”الانجاز” الإسرائيلي، بحسب تعبير السيد حسن نصرالله نفسه !

وفي السياق، تأجلت فجأة مهمة اللجنة الخماسية العربية ـ الدولية التي كانت منتظرة غدا الخميس وإستبدلت بخبر وصول الموفد الرئاسي الاميركي عاموس هوكشتاين في زيارة خاطفة لبيروت اليوم! الأمر الذي يشير إلى فرضية تجميد الضربة أو “رد” حزب الله في انتظار ما قد يحمله الوسيط الأميركي من اقتراحات أو تهديدات! فهل من مؤشرات أخرى تجمّد رد “الحزب” ان لم نقل تخفف من حدته ؟ أم ان الرد قد حُسِم ؟

يقول المراقبون أن قدوم هوكشتاين المفاجئ اليوم وهو المعني بملف ترسيم الحدود البرية فقط، يطرح تساؤلات عدة حول احتمال الربط بين ملفي حرب غزة وترسيم الحدود. علما أن هوكشتاين هو من أبرز المسؤولين القائلين بضرورة الفصل بين الملفين وذلك لتسهيل وتسريع عملية التوقيع . والسؤال المطروح هو هل تغيرت المعادلة وهل من ارتباط غير ظاهر للعيان بين “الرد” وترسيم الحدود؟.

 

وبالعودة الى مؤشرات تجميد “الرد ” فهي متعددة ومنها:

 

– قدوم وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن إلى المنطقة (قطر ومصر وإسرائيل) هو احتمال يؤجل الرد لإستشراف ما قد يحمله من رسائل الى المعنيين.

ـ ‏تصريح الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني أن بلاده لا تسعى إلى زيادة التوتر في المنطقة وقد وظفت جهودها الديبلوماسية لوقف الحرب، وأن الرد على الكيان الصهيوني سيكون في إطار القوانين والأعراف الدولية.. الا انه في المقابل أكد أمس أن “طهران عازمة على الدفاع عن أمنها القومي وسيادتها ولا تنتظر إذناً من أحد”، داعيا “الترويكا الأوروبية” الى “ردع إسرائيل إذا كانت حقا تسعى الى استقرار المنطقة”.

 

– قول الرئيس الأميركي جو بايدن في مقابلة تلفزيونية اخيرا أنه “سينهي الحرب قبل انتهاء ولايته” .

– عنصر التأجيل في حد ذاته يبقى المؤشر الاساسي لقرار تجميد “الرد” حالياً عبر اعتماد تكتيك جديد المح اليه السيد نصرالله في اطلالته الاخيرة وهو شد الاعصاب المنهِك الذي احدثه تروي الحزب وبالتالي ارباك اسرائيل في انتظار تحديد نوعية الرد وتوقيته والذي انعكس ايضاً ارباكاً في الداخل اللبناني وقد يكون مؤشرا الى احتواء الرد او تروياً لإجراء درس دقيق لتفاصيله ونوعه…

عن الرد وحدته !

 

في المقابل وبقوة زيارة بلينكن نفسها الى المنطقة وأهميتها للدلالة على تجميد الرد الإيراني تبرز استقالة نائب الرئيس الإيراني محمد جواد ظريف التي لا توحي بالتهدئة والتي تخفض قوة التيار الاصلاحي الانفتاحي والمعتدل في ايران، وتدفع بقرار الحرب وتضعه في يد إسماعيل قاءاني قائد فيلق القدرس في الحرس الثوري الإيراني في وقت كان يشكل تيّار ظريف توازنا بينه بين التيار المتشدد المندفع والمؤيد للحرب وللمواجهة الذي يمثله قاءاني.

 

‏ وفي السياق ‏ترجح التحليلات المحلية والخارجية خصوصا بعد الإطلالة الأخيرة لنصرالله الذي قال فيها صراحة “اننا نتحيّن الفرص” أن يكون الرد مبنياً على المعاملة بالمثل وهو السيناريو الذي رجحه ايضاً الخبير في الشؤون العسكرية العميد فادي داود وأن يكون ضمن ثلاثة ضوابط اساسية.

١- عدم جر المنطقة إلى مواجهة اشمل لا تحمد عقباها، لأن إيران وأميركا لا ترغبان بهذا الأمر، بل هي رغبة نتنياهو، وبالطبع ايران لن ترغب في أن تقدم له نصرا مجانياً.

٢- أن تؤلم إيران إسرائيل وتلحق بها الأذى نفسه الذي تسببت به باغتيال احد قادتها الكبار الذين يشكلون رموزاً اساسية بالنسبة الى الحزب وهذا يعني أن إيران أو الحزب لن يختارا قصف المباني وقتل مدنيين بل قادة عسكريين.

 

٣- ضرورة الرد القائم حتماً لانه ينتقم لكرامة إيران المجروحة والمستباحة. وهذا ما توعدت به ايران علناً بلسان رئيسها.

 

امّا الرد المحتمل بحسب داود فهو نوعان: الأكثر خطورة، والأكثر احتمالاً.

 

الأكثر خطورة هو رد بالمسيرات أسوة بالرد على قصف القنصلية الايرانية في دمشق في 14 نيسان الماضي وأن يكون مركباً جغرافياً وبنوعية الأسلحة، أي أن ينطلق من الجولان ـ العراق ـ اليمن أو لبنان، أي من كافة الأماكن التي لإيران اذرع فيها، أو من جزء منها وأخطر تلك الأماكن جغرافياً هو لبنان أي حزب الله، لأنه يستطيع الرد من المسافة صفر “ground zero” أي من الحدود والذي من الصعوبة اعتراض مسيراته او صواريخه في الجو مثل بقية المسيرات المنطلقة من الدول البعيدة جغرافيا والتي يلزمها مسافات بمئات وآلاف الكيلومترات في الجو وبالتالي من السهولة اعتراض مساراتها فيما مسيّرات “الحزب ” تنطلق من الحدود اللبنانية مباشرة في اتجاه إسرائيل وهو الأمر الأكثر خطورة بحيث من الممكن ايضاً وعن طريق الخطأ أن يحيد الصاروخ عن مساره اثناء اعتراضه ويسقط على المدن أو على سفارات أو على منشآت نووية… ويؤدي بالتالي إلى سقوط ضحايا مدنيين وتنزلق بالتالي المنطقة إلى مواجهة من نوع آخر لا تحمد عقباها ومجهولة النهاية ( مثل الصاروخ الذي سقط في زغرتا مرياطة ).

‏اما الرد الأكثر احتمالا فهو أن يقوم حزب الله عبر الإستعانة بالعنصر البشري الملتحق بـ”حماس” والموجود داخل إسرائيل بالتخطيط أو تنظيم عملية إغتيال توازي عملية اغتيال فؤاد شكر، وهو الاحتمال الأكثر ترجيحاً بحسب داود وعدد من المحللين العسكريين في الداخل والخارج والذين رجحوا ايضاً احتمال تنفيذ عملية نوعية داخل اسرائيل.

 

الى ذلك تجدر الاشارة إلى التصريح الذي أدلى به مدير “المركز العربي ـ الإيراني للدراسات الاستراتيجية” محمد صالح صادقيان من “أن في عملية الرد على القنصلية الايرانية طلب المرشد الأعلى من الحرس الثوري تحذير إسرائيل، إنما هذه المرة بعد عملية اغتيال اسماعيل هنية في الداخل الايراني فقد طلب المرشد الأعلى معاقبة إسرائيل”.