الإثنين المقبل، مع بدء مجلس النواب جلسته التشريعية التي دعا إليها رئيس المجلس نبيه بري، لمناقشة مشاريع القوانين المعجَّلة المكرَّرة المحالة إلى مجلس النواب من الحكومة، لن يكون في وسع النواب التصويت كما كان يحصل في السابق. بمعنى أنه لم يكن يُعرَف مَن كان يصوِّت مع ومَن كان يصوِّت ضد، حتى جاء قرار المجلس الدستوري بإبطال قانون الضرائب، ومن أسباب قبول الطعن والإبطال أنَّ النواب لم يصوتوا برفع الأيدي، لذا وتحاشياً لطعن آخر فإنَّ النواب اعتباراً من جلسة الإثنين سيكونون ملزمين التصويت برفع الأيدي، وعندها سيُعرَف مَن من النواب صوَّت مع هذه الضريبة أو تلك، وعندها ستكون المحاسبة من الرأي العام.
***
هذه الشفافية المُلزمة والمستجدة ستوقِع النائب في حرج ما بعده حرج، فهو إذا سار بقانون الضريبة من دون إيجاد الضمانات لمَن ستقع عليهم الضرائب، فهذا يعني أنه يكون قد تصرَّف بمزايدة لا أكثر ولا اقل، وإذا لم يصوِّت لمصلحة الضريبة يكون كمَن صوَّت للسلسلة من دون إيجاد إيرادات لها.
هذه هي عاقبة الإستهتار التشريعي من قِبَل بعض النواب والذي كان يحصل قبل قرار المجلس الدستوري، أما اليوم فإنَّ الأنظار شاخصة حيث لم يعد ممكناً التصرف بلامبالاة كما كان يحصل في السابق.
***
هكذا، الإثنين لناظره قريب، وسيعتاد النواب، ولو في الشهور الثمانية المتبقية من ولايتهم المستمرة من العام 2009، على نمط جديد من شأنه أن يؤثِّر سلباً أو إيجاباً على نتائج مَن سيترشَّح منهم إلى الإنتخابات المقبلة.
إذا كانت هذه هي حسابات النواب، فماذا عن حسابات الوزراء؟
ليست بعيدة حسابات بعض الوزراء عن حسابات بعض النواب، الإثنان يهتمان بما ستؤول إليه نتائج الإنتخابات النيابية، لذا هُم يتصرفون وفق قاعدة أن لا نُغضِب الناخبين والمفاتيح الإنتخابية، ربما لهذا السبب لن تُقدِم السلطة التنفيذية على إصلاح الإدارة الرسمية في هذه الفترة التي تسبق الإنتخابات، لئلا يؤثِّر ذلك سلباً على شعبيتها، وطالما الأمر كذلك فإنَّ عملية الإصلاح الإداري لن تُبصِر النور، طالما أنَّ الذين يفترض أن يقوموا بها، لا تناسبهم.
***
لهذه الأسباب مجتمعةً، يُخشى أن يكون الإصلاح مؤجلاً فيما حافة الإنهيار لا تنتظر التأجيل.
وعليه فإنَّ السلطة التنفيذية مدعوة إلى وضع مصلحة البلد ككل فوق مصالح الناخبين.
***
ربما لهذه الإعتبارات كان كلامٌ عالي النبرة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون أعلن فيه أنَّ لا عودة عن إجراءات ضبط الواردات والنفقات ومكافحة الفساد.
وطمأن الرئيس عون إلى تبدّل إيجابي في ميزان المدفوعات، مذكِّراً بأنَّ موسم السياحة، كما أنَّ المداخيل من الرسوم الجمركية قد ازدادت، وهذا ما ساهم في ضخ الأوكسيجين في رئة خزينة الدولة.