كتبت الهام سعيد فريحه:
ما من لقاء ناجح إلا ويُرمى بسِهام المُغرضِين الذين لا يتمنون التوفيق لأحد أو النجاح لمشروع.
وهذا ما يحصل هذه الأيام بالنسبة إلى اللقاء الذي انعقد في روما بين البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي والرئيس سعد الحريري.
قبل الإجتماع كان هناك تشكيك، بعد الإجتماع ازداد التشكيك وانتقل من الضمنيّ إلى العلنيّ، سواء لجهة التقليل من أهميته أو لجهة الدعوة إلى المراهنة على عدم فاعليته.
هنا يُطرَح سؤالٌ بديهيّ:
إذا كان لقاءٌ على هذا المستوى، بين هاتين الشخصيتين الكبيرتين، ليس مهماً في عيون البعض، فما هو اللقاء المهم؟
ومَن هي الشخصيات التي تفوق أهميةً؟
إنَّ أحد دلائل نجاح المؤتمر هو هذا إطلاق النار السياسي الكثيف الذي يتعرَّض له، لكن في المقابل فإنَّ صاحبَي الشأن، الكاردينال الراعي والرئيس الحريري، قرَّرا عدم الرد على مصادر النيران، إنطلاقاً من قناعتهما الحقيقية بأنَّ الردَّ الحقيقيّ يكون في الفعل وليس في ردة الفعل أو الإنفعال. والإنفعال هو ما يحاول الخصوم أن يستدرجوهما إليه.
***
في الفعل، وليس في الإنفعال، بدأت ورشة التحضير للتمديد لمجلس النواب، ويصح أن تُطلَق عليه تسمية تمديد الضرورة وليس تمديد القناعة، فالرئيس الحريري صارم وحاسم وحازم بأنَّ لا إمكانية لإجراء هذه الإنتخابات في ظلِّ الشغور في موقع رئاسة الجمهورية، وإذا كان هناك من مزايدين في هذا الموضوع على قاعدة عنزة ولو طارت، فإنَّ الرئيس الحريري سيكون مضطراً إلى إشهار سيف المقاطعة لهذه الإنتخابات، ترشيحاً واقتراعاً، بهذا المعنى سيجد المعنيون أنفسهم مضطرين إلى عدم إجراء الإنتخابات، بسبب عدم ميثاقيتها، إنطلاقاً من مقاطعة مكوِّن أساسيّ من مكوِّنات التركيبة السياسية والدينية اللبنانية، أي الطائفة السنية، لها.
هكذا سيكون الرد على المشككين الذين لم يستسلموا، بل سيحاولون إعادة الكَرَّة من زاوية أخرى وفي موضوع آخر، لكن إرادة تمرير التمديد لإنضاج الإنتخابات الرئاسية، هي التي ستستمر بعدما ثبت للجميع أنَّ مسألة الشغور في موقع رئاسة الجمهورية تضرب سائر المؤسسات، فاليوم كلُّ شيءٍ عالقٍ تقريباً، وإذا سُئل أحد المعنيين عن الأسباب، يأتي جوابٌ واحد:
لننتظر ملء الفراغ الرئاسي وعندها لكلِّ حادثٍ حديث.
***
أما مسألة عودة الرئيس سعد الحريري فهي لا تُبنى وفق أقاويل أو تأويلات داخلية، بل وفق معطيات يُحدِّدها هو شخصياً. لقد بدأ البعض يروِّج لهذه العودة القريبة وكأنها شرطٌ لازم لتحريك عجلة الملف السياسي، وقد تناسى هذا البعض أنَّ حركة زعيم المستقبل لا تتأثر بالجغرافيا، بمعنى جغرافيا الإقامة، بدليل أنَّ حرية حركته وتحرُّكه تحافظ على فاعليتها أينما كان، وبدليل إنتقاله إلى روما للقاء الكاردينال الراعي. أكثر من ذلك فلو كان في لبنان لكانت ترتيبات مثل هذا اللقاء أكثر تعقيداً مما هي عليه في روما.
***
وفق كل ما تقدَّم فإنَّ بالإمكان القول:
الورشة انطلقت وما على العاملين سوى المشاركة فيها وليس العمل على عرقلتها.