IMLebanon

أمر اليوم: مواجهة البطريرك

 

بين “سبت البطريرك” و”أحد القوطبة” على كلامه وتفريغه من فحواه وتأويله ما يساهم بنظرية المؤامرة واستجرار الوصاية، يبدو أن كل ما يهم “حزب الله” هو سعيه الدائم الى القضاء على أي محاولة لتقويض سطوته وقبضته الممسكة بمفاصل السيادة اللبنانية. ولا علاقة للمصلحة الوطنية بالأمر.

 

لا يرى الحزب في طرح بكركي إلا تهديداً لمحوره ومشاريعه. فهو ينزع عنه هيبته وهالته التي تتساقط كما قناع سيئ الصنع. وتحديداً لأن مكانة الصرح تستوجب استنفاراً على أعلى مستوى، ولا يمكن مواجهتها فقط بما كان يحصل سابقاً لقمع أي تحرك إبتداءً من معالجة أزمة النفايات، وليس إنتهاءً بتصنيف ثوار طرابلس إرهابيين.

 

والإستنفار بدأت تتبلور ملامحه مع طغيان السفسطائية الكلامية عبر منابره بمفردات من عيون الكلام السياسي والتحذيري.

 

لا يريد الحزب أن يتوقف عند سبب نزول اللبنانيين الى الشارع في 17 تشرين الأول 2019، او لماذا يصرون على العدالة والمحاسبة في جريمة إنفجار المرفأ او الإغتيالات التي سبقت وتلت، وأخيراً وليس آخراً في الحج الى بكركي والتجاوب مع ما قاله البطريرك بشارة الراعي.

 

لا يريد الحزب أن يرافق منطق البطريرك وصولاً إلى مطالبته بمؤتمر دولي لبحث وسائل إنقاذ لبنان. يريد له أن يصمت عن الكلام المباح بمواجهة خطر زوال الكيان.

 

وإذا تكلم فيتم تشريح كلامه وكأنه ينطق عن الهوى والفتنة، ولا يعرف أبعاده، ويصبح طرفاً يخدم من يريد القضاء على “المقاومة” و”التيار الوطني الحر” بما يمثلان، خدمةً للفريق الآخر.

 

بالتالي، صدر أمر اليوم. وانطلق الترويج بأن مواقف سيد بكركي تساهم بجر لبنان إلى خطر العدوان الإسرائيلي والتطرف الداعشي. وكأنه لا يعي مصلحة الأقلية المسيحية المشرقية المهددة من المد السني، وتحتاج إلى حماية من أقليات أخرى يوفرها النظام الأسدي تحت راية المحور الإيراني الغانم المظفَّر، لتبقى ولا تتم إبادتها.

 

وليس صحيحاً أن الهتاف “إرهابي إرهابي.. حزب الله إرهابي” هو ما أزعج المحور ومن لفَّ لفَّه. فالهتاف هو نقطة للإستثمار لا أكثر ولا أقل. وهو حجة لتتحرك ميليشيات الدراجات النارية وجماعة “شيعة شيعة” المبرمجة ليخاف الآخرون.

 

وكما الأمس، كذلك اليوم. ممنوع الإزعاج. فالمحور مشغول بقضايا أهم بكثير من “حياد لبنان” ومؤتمر دولي لإنقاذه وشل تشكيل الحكومة عن سابق تصور وتصميم، مهما تغيرت السيناريوات وزرعت العقد التعطيلية، والمزيد من انهيار سعر صرف الليرة مع المزيد من النهب والسلب والتهريب عبر المعابر غير الشرعية وكل ألوان الفساد وأشكاله.

 

والإعتراض ممنوع، على الرغم من يقين المحور بصعوبة، وربما استحالة تطبيق طرح بكركي، لأن المعطيات الداخلية والإقليمية والدولية تجعل أي خطوات إنقاذية بعيدة المنال.

 

لكن منبت الإعتراض مرتبط بقمع أي إحتجاج يتضمن توصيفاً لما يجري. فالطبيب الشاطر، وفق منظور المحور والحزب من بعده، هو من يقنع المريض أن كل أوجاعه طبيعية سببها الطقس وفيروس “كورونا” ربما، وليس الخدمات المتبادلة بين “الفساد والميليشيا” ليرتاح المحور على وضع ورقته اللبنانية، ويستمر في إدارة اللعبة بين الإلهاء والإلغاء.