IMLebanon

هل يستعيد «حراك الأرز» الكرامة والأمان لشعب لبنان؟

 

تحرَّك المقهورون في لبنان ضد السلطة بكافة مكوناتها وأركانها، مثلما تحرك إخوتهم في مظاهرات العراق، حيث ذراع «الحشد الشعبي» التابع لإيران، طالب الشعبُ بخروجه، وحُرقت صور خامنئي، واليوم في لبنان، حيث «حزب الله» الخارج عن القوانين الدولية، والمصنف عالمياً كحزب إرهابي، وهو سبب لكل ما حدث ويحدث للبنان، خرجت ضده وضد غيره جماهير «حراك الأرز»، لكي تطالب برفض تدخل النظام الإيراني، في الشؤون الداخلية في لبنان. نعم أخيراً انتفض الشعب المهمش في لبنان، سنة وشيعة، مسلمين ومسيحيين، الذين لا حول لهم ولا قوة؛ انتفضوا في وجه أحزاب ومنظمات تتصارع فيما بينها للحصول على المزيد من المكاسب على حساب لبنان الذي كان في يوم ما وجهة للشعوب العربية وغير العربية، وكان تحفة بالنسبة للمدن العربية وواحة الديمقراطية والعلم والتمدن في الوطن العربي.

هذا الحراك الشعبي جاء بفعل تراكمات كثيرة على لبنان، وبسبب الصراع بين الأحزاب، وفي حرب عام 2006 دفع الثمن شعب لبنان بأكمله، إذ دمر البلد، وتشتت أسر، وخاض لبنان دورة أخرى من البناء والتعمير نتيجة ما حل ببنيته التحتية من دمار.

إن ما أشعل الثورة تصريح وزير الاتصالات عندما أعلن عن الزيادة التي سوف تفرض رسم 20 سنتاً على كل اتصال عبر «واتساب»، أو أشكال التخابر الأخرى عبر الإنترنت، بما يعادل 6 دولارات شهرياً، فهذا ليس إلا الفتيل الذي أشعل الثورة الشعبية ضد أمراء الطوائف؛ الذين عاشوا حياة الترف والرفاهية والبذخ، وغالبية الشعب، إما أنهم هاجروا، أو رضوا بمستوى معيشي متدنٍ،

إن حرائق الاحتجاج لم تكن في الواقع على فرض الضرائب، بقدر كانت سبباً في خروج الناس للمطالبة بوضع حد للفساد الكبير التي عمَّ البلد، وعطل الخدمات، وطال أرزاق الناس جميعاً، إنها ستستمر هذه المرة حتى تحقيق المطالب الشعبية. إن دخان هذه الحرائق الذي كشف مستور السلطة الحاكمة حجب أيضاً ستر السلطة الفعلية المتمثلة بـ«حزب الله». هذا الحزب الذي أقحم لبنان في قضايا لا ناقة لهم فيها ولا جمل، ففي سوريا دافع عن نظام بشار، وأخذ يدرب الميليشيات، ويزج بهم إلى كل بؤرة توتر في العالم العربي، إلى اليمن والعراق وسوريا، ومن هنا لا أتصور أن هناك شعباً عانى من الحروب والاغتيالات كشعب لبنان، ولذلك لا نلوم شعب لبنان، ولا نستغرب إذا ما رأينا هذه الأعداد الهائلة من المتظاهرين، من مختلف الأعمار، رجالاً ونساءً، وهو اليوم بحاجة لمساعدة العرب.

المعركة طويلة أمام اللبنانيين، ولكن البلد الذي يزخر بنماذج ثقافية حُرة وله تاريخ حضاري كبير، قادر على خوض غمار التحدي، وقادر على كسر قوقعة الطائفية والنظام السياسي المُتفكِّك، وقادر على أن يُعيد للبنان صوت الدولة والشعب.

إنها لحظات حاسمة في تاريخ هذا البلد العربي، الذي أكله الفساد، وخربته المحاصصة، وأفقره التدخل الإيراني الذي بلع البلد وأقصى أهلها.