Site icon IMLebanon

أهل مكة أدرى بشعابها

كان لافتاً ومثيراً للاهتمام تصريح وزير خارجية فرنسا الأخير الذي جاء فيه أن باريس لا ترى مانعاً من التعاون مع النظام (الذي قتل 400 ألف من شعبه) في مجال الحرب على «داعش».

نستغرب أنّ دولة مثل فرنسا التي تعرف المنطقة جيداً وبالذات كانت منتدبة على سوريا ولبنان وأسميناها «الأم الحنون» أنّ وزير خارجيتها لوران فابيوس تتعدد مواقفه وتتضارب: مرة يقول: لا مكان للأسد في أي حل، ومرة ثانية: سنتعاون مع النظام للقضاء على «داعش».

ومع احترامنا للمسؤولين الفرنسيين، فإنّ هذا الكلام الذي يتبدّل يومياً يصب في إضعاف الثورة والمعارضة وتقوية النظام.

لسنا في وارد إعطاء دروس للرئيس الفرنسي ولا لوزير خارجيته، فقط اننا نسجل هذا التناقض في المواقف الذي نرى أنه يسيء الى الصدقية الفرنسية.

الى ذلك، لا يمر يوم إلاّ ونسمع أنّ مجلس العموم البريطاني سمح للحكومة بإرسال قوات بريطانية لمحاربة «داعش»، حتى المستشارة الالمانية انجيلا ميركل قررت إرسال 1200 جندي للمشاركة في محاربة «داعش»، وفرنسا بعد الإعتداء الأخير أرسلت حاملة الطائرات «شارل ديغول» الى البحر المتوسط أيضاً مشاركة منها في الحرب على «داعش».

سبق ذلك تشكيل واشنطن ائتلافاً من 64 دولة للغاية ذاتها، بأساطيلها وطائراتها وفنييها.

ولاحقاً جاءت روسيا بطائراتها وأساطيلها وخبرائها الفنيين…

لست أدري أي عقل استراتيجي يخطط في إدارات الدول العالمية وبينها الدول العظمى أميركا وبريطانيا وفرنسا وروسيا التي لم تتعلم شيئاً من التاريخ.

مثلاً لو أخذنا الولايات المتحدة الاميركية التي لم تتعلم الدروس من الڤييتنام حيث هزمها آكلو الرز، فكررت الدور في أفغانستان… وأيضاً لم تتعلم من هذه التجربة فكررتها في العراق.

ولو نظرنا، اليوم، الى ما تطرح واشنطن والدول العظمى لوجدنا ادعاءهم بأنهم يأتون الى المنطقة لمحاربة «داعش» وأخواتها.

الولايات المتحدة تظن أنه في مقدورها أن تكرر تجربة التجمع الدولي العسكري الذي نظمته سنة 1990 لتحرير الكويت من الغزو العراقي، وقد نجحت فيه يومذاك لسبب بسيط وهو أنّ حرب تحرير الكويت كانت بين الجيوش الاميركية والحليفة ضد جيش نظامي هو الجيش العراقي… طبعاً هذه الحرب تقتضي قوة نار وطيراناً مكثفاً… يقصف الطيران فيتم حسم المعركة من دون خسائر على الارض، فتتقدم القوات البرية بعدما يكون الطيران قد مهّد الطريق قاطعاً إمدادات العدو… والآلية التي يشتغل عليها الجيش تختلف كلياً عن حرب تخاض مع «القاعدة» أو «النصرة» أو «داعش» التي هي تعتمد على التضحيات البشرية الكبيرة، وليس هناك خوف من طيران أو مدافع أو دبابات لأن العناصر هدفها الموت، بينما الجندي في الجيش النظامي لا يتوخى الموت، وإن كان يتوقعه، فهو يخوض المعارك لينتصر، مهما كانت النتيجة.

المخطط الواجب اعتماده إذا أرادوا فعلاً القضاء على «داعش» يجب عليهم أولاً بأول، الاتفاق مع المعارضة توصلاً الى حل سلمي على قاعدة حكومة توافق وطني ويكون بشار خارح أي دور… ومن خلال هذه الحكومة والتعاون معها يمكنهم القضاء ليس على «داعش» وحدها بل عليها وعلى أخواتها وأمهاتها أيضاً.