Site icon IMLebanon

أهل الفكر العربي «يناغشون» رئاسة لبنان!

استقطب الوافدون من لبنان اهتمام المشاركين في الندوة الفكرية حول القضايا التي تشغل الأمة القلقة على مصائر دولها وشعوبها التي تنظمها «مؤسسة الفكر العربي»، متخذة من القاهرة المنبر.

أما السبب فلا علاقة له بهذه الندوة المميزة بجديتها ومكانة المشاركين في دراساتها ثم في المناقشات الغنية التي أسهم فيها مفكرون وبحاثة وكتّاب وأهل صحافة وفضوليون جمعوا بين المشارقة والمغاربة، بعد أن افتتحها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بكلمة جامعة…

السبب: معركة الرئاسة الأولى في لبنان، ومواقع المرشحين لها، وحظوظ كل منهم وسط غابة الخلافات السياسية والاضطرابات التي يعيشها ـ مع لبنان وقبله وبعده ـ العديد من الأقطار العربية، في المشرق كما في المغرب.

الكل يسأل بلهجة تختلط فيها الجدية بعدم تصديق ما يقال: هل سيكون لكم، أخيراً، وبالفعل، رئيس للجمهورية؟ وما هي حظوظ سليمان فرنجية؟ هل ترشيحه جدي، حقيقة؟ وهل تأييد الرئيس سعد الحريري يعكس، بالضرورة، رأي المملكة السعودية؟!

يضيف من يهتم بمواقف «الدول»: وأين الولايات المتحدة الأميركية من هذا الترشيح؟ وهل صحيح أنها كانت المشجع الأول لفرنجية، وقبل فرنسا، بل وقبل السعودية ذاتها؟!

يتساءل ثالث: وماذا سيكون الموقف النهائي للجنرال عون؟! هل يستمر في معارضته أم أنه قد يغلّب، في اللحظة الأخيرة، «الواقعية» فيحجز «حصته» في العهد الجديد، قانون انتخابات يناسبه وشراكة فعلية في السلطة عبر وزراء مميزين.. أم تراه سوف يستمر مرشحاً قوياً فيُحرج حليفه الوازن «حزب الله»، وقبله وبعده سوريا التي وقفت معه واستقبلته بحفاوة مميزة وساندته في اللحظات الصعبة؟

تتوالى الأسئلة والاستفسارات: إلى أي حد سيؤثر سمير جعجع بموقفه الرافض بحدة لهذا الترشيح على ميشال عون مستغلاً منطق «المصيبة تجمعنا، فعلينا أن نواجه معاً»، وترفع العلاقات بينهما من مستوى التنسيق في المواقف إلى تحالف جديد وطيد الأركان، بين عناوينه قانون الانتخابات الجديد، يواجه الشراكة المستجدة بين الحريري وفرنجية ومعهما نبيه بري ووليد جنبلاط؟!

يستدرك آخر فيقول: ـ إذا سلّمنا جدلاً بأن تحرّك سعد الحريري يعبّر عن الموقف الفعلي والنهائي للسعودية، فهل هو يشمل «كل المملكة»، أم يعبّر عن رأي طرف في الحكم قد يكون قوياً لكن ثمة من يعارضه.. وبالتالي فهناك خطر أن تتخفف الرياض من هذا العبء فتكتفي بالحياد، ملتفتة إلى مشكلاتها الداخلية، وأخطرها نتائج حرب اليمن عليها وفيها؟

لا أحد يريد أن يُحرج راعي مؤسسة الفكر العربي الأمير خالد الفيصل، ولكن البعض حاول أن يستشف موقفه فاستعصى عليه ذلك، إذ اكتفى الأمير بأن قلب شفتيه في حين التمعت عيناه بما يشبه الابتسامة قبل أن يطرح بنفسه سؤالاً عن موقع هذا الحدث، وفي هذه اللحظة، من موضوع الندوة وهو «التكامل العربي»؟!

ينبري «محلل خطير» للإدلاء باستنتاج طريف مفاده: إلى أي حد يعتبر تأييد السعودية لترشيح سليمان فرنجية للرئاسة في لبنان اقتراباً بالمصلحة، حتى لا نقول بالضرورة، من سوريا التي تجمع رئيسها بشار الأسد إلى فرنجية علاقة بيتية حميمة تكاد تعادل الأخوة؟!

يذهب آخر إلى مزيد من الطرافة فيقول: هذه مسألة أخرى، ولكن فلنفكر قليلاً في احتمال أن يكون الهدف من التأييد إبعاد سليمان فرنجية عن بشار الأسد و«تحريره» من العبء الثقيل لصداقته التي قد تسد عليه الطريق إلى الرئاسة!

يندفع ثالث ذاهباً في الاستنتاج إلى حده الأقصى: على هذا يمكن القول إن التأييد الأميركي لفرنجية، معززاً بالدعم السعودي، قد يؤدي إلى وضع فرنجية أمام خيار صعب: صداقة الأسد أو رئاسة الجمهورية في لبنان؟!

يضحك البعض وكأنه يسمع نكتة، لكن «محللاً استراتيجياً» يستنتج العكس تماماً: ـ إنها بداية التلاقي بين واشنطن أوباما وسوريا بشار الأسد… وهذه بعض أفضال التدخل الروسي المفتوح في الحرب في سوريا وعليها. لا تستطيع الإدارة الأميركية أن تترك سوريا لإيران (ومعها حزب الله).. إن ذلك سيؤدي، في جملة نتائجه، إلى خروج أميركا من العراق، خصوصاً وقد تعالت المطالبة العراقية للروس بالتقدم من دمشق نحو بغداد، بعد الفشل الأميركي في مواجهة «داعش»!

صار الضحك قهقهة بعدما أضاف أحد الظرفاء: وهكذا يتكامل الهلال الخصيب مع إمبراطورية القيصر الروسي الجديد مع ولاية الفقيه في إيران، وسوف يكون لـ «حزب الله» دوره المميز في هذا كله..

ساد الصمت لحظات قبل أن يخترقه صوت غاضب يقول: تريدون أن تجمعوا هذه القوى العظمى معاً في وجه الجنرال ميشال عون، الزعيم الشرعي لمسيحيي لبنان، بل لمسيحيي المشرق جميعاً؟!

وكان لا بد من هدنة في النقاش، وهكذا تمت العودة به إلى موضوع الندوة الفكرية التي جمعت لها مؤسسة الأمير خالد الفيصل «فصائل النخبة» من البحاثة وأصحاب الرؤية في الوطن العربي المهدد في مصيره، والذي بات الآن أرض صراع، وبحر تصادم، وأفق تزاحم بين الساعين إلى إنقاذه من هويته، بماضيه وحاضره ومستقبله، لتفرغ هذه الأرض للقادرين على أخذها وأولهم: الإسرائيلي..

… هذا إلا إذا انتصر «داعش» على الجميع، وخضع له مع العرب «الفرنجة»، وكلهم «كفار»!!