IMLebanon

«الشعب يريد» عودة الانتظام ويترقب اصطفاف الحلفاء بالنظام

كثيرة هي الامور التي سيحددها التوجه الانتخابي في مدينة طرابلس، اذ ان ذلك سيحسم خريطة الاستحقاق الانتخابي في طرابلس وكذلك في المنية والضنية ، وبالطبع فان إنجاز اي تفاهم سياسي في وقت مبكّر أفضل بكثير من الانتظار الى حين التوجه نحو حسم اسماء المرشحين والإعلان رسميا عن طريقة خوض الانتخابات النيابية. ولا نقول بمثل هذا الكلام تحسبا ولا حتى احترازيا او من باب العبرة من الانتخابات البلدية الاخيرة فكل الظروف مختلفة، وكل المعطيات تبدلت حتى ان بعض الشعارات ومنها ان هذا الرمز او ذاك انتهى بلا عودة، هذه الشعارات صارت فعلا من الماضي  «والمي كذبت الغطاس».

وبالطبع ينبغي ان يدرك الفرقاء على الساحة السياسية لا سيما منهم المعني بمصير طرابلس والشمال سياسيا واقتصاديا، ينبغي ان يدرك هؤلاء ان التفاهمات السياسية المبكرة والتي تبنى على أساس التنمية والحفاظ على أدنى مستوى من المكتسبات هي التي تحفظ لهم قوة النفوذ والتأثير الكافي لخوض اي استحقاق باندفاعة مجدية كفاية تتوفر فيها شروط إيجابية قادرة على تحقيق الموجودية وبالتالي تحقيق الفوز أياً كانت نسبته.

ولا يمكن على الإطلاق العودة الى نمط معين يوحي للناس ان القرار المصيري في المدينة يمكن له ان يتحدد وفقا لخيار يرتجل ارتجالا في غضون ايام او وفق تمن إقليمي معين سواء توفر فعلا او حاولت الأطراف الإيحاء به لتأمين خط سير امن نسبيا في اي استحقاق انتخابي، لذلك قد يبدو التأخير في حسم مثل هذا الامر بالغ السوء كما ان اثارا سلبية تضعف كل القوى سواء منها التي تتمتع بالقوة او التي تتوخى الحصول على المزيد منها. اما الانتظار الاضافي لحسم اي توجه توافقي فانه يوفر اولا مساحة من التباعد بين القوى المعنية ويفتح شهية الشارع الموالي للتراشق وهذا قد يكون مفيدا للمنافسين في اي استحقاق انتخابي، كما ان الانتظار ايضا قادر على تنمية موجة البغض والتحاقد وتبيان مواطن الضعف المتبادلة وامور اخرى.

ولا نقول مثل هذا الكلام تحفيزا لهذا التيار او ذاك انما من باب الإشارة الى موجة الامتعاض الكبيرة التي تجتاح الساحة الطرابلسية، او التي تحتل مساحة واسعة من احاديث المجتمع الذي تتوفر في مضامين احاديثه مادة كافية من المفهومية السياسية او حتى المعرفة سواء لواقع الحال او لما كانت عليه المدينة في وقت سابق. انه التذمر الذي بدأ يميل في جانب من الحياة السياسية في طرابلس لصالح هذه القوى او تلك  لا مجال لذكر المستفيد فقد يكون هو شخصيا غير مدرك لحصوله على ذلك.

هو واقع تختلط فيه الامور في طرابلس بين الخاص والعام وما لم تتمكن مثلا حكومة الرئيس تمام سلام من تحقيقه هو اليوم عبء على حكومةالعهدالاولى وحكومة الرئيس سعد الحريري عند انطلاقتها الجديدة، لا احد في طرابلس راضٍ عن الواقع ويمكن لكل فريق ان يتذرع بحرمان هنا واستهتار هناك واهتراء هنالك وروائح صفقة هنالك..

وبالانتظار كل القوى تعمل على تحصين ساحتها، تيار العزم يتمدد بصلابة في طرابلس والمنية الضنية وايضاً في عكار  ، وتيار المستقبل يرص الصفوف وبعض العائدين الى المنسقيات من رموز الانتخابات الماضية ومن مفاتيحها، واللواء اشرف ريفي يجري التعداد الاول لمؤيديه وقد غابت الظواهر العسكرية وحضر رشاد ريفي مخففا من خطاب الوزير اللواء كمن يستبدل الماء بالتيمم.

هي صورة بانورامية

الجميع يسعى الى تحديد وزنه في مدينة وحدها «جمعية العزم والسعادة» بنت فيها مزيدا من مداميك الصمود المجتمعي، مستوصفات وملاعب ومؤسسات وقروض ومنح مدرسية وثمار التي بدأ البعض يعرف قيمتها الاقتصادية وجامعة و«نور الفيحاء» التي تنتظر قرارا حكوميا منصفا للمدينة كما هي الحال في زحلة.

أما اشرف ريفي فحدد شروط اللعبة، ومضى في معركة مواجهة يريد من خلالها ان يتوسل سبل القدرة على ممارسة نفوذ سياسي على خريطة الساحة اللبنانية، ولكن من اللقاءات الشعبية الى لقاء الأصدقاء افتقد الى الأدوات البشرية القادرة على تشكيل قوة دفع محلية، ففريق الهجوم بدأ يستهلك من قوة ريفي، وهنا نظرية مهمة بل قاعدة تقول لا يمكن للمستشارين ان يقوموا بما يقوم به الهجوم المفترض، ففريق الهجوم في السياسة هو الفريق المحلي الذي لا تصور له مخيلته الامور كلها على انها عسل فيسعى ليجني منها ما لا يتوقعه فعلا.

تعود بذلك اللعبة الى المربع الاول، والى خيارات اللواء السابق الوزير السابق الذي يبدو متحمسا لشن هجوم بوزراء من شب في رقعة شطرنج طرابلس الحركة الاولى لهم والسؤال ماذا عن الثانية، من هم الذين سيختارهم ليقول للملك تراجع او اكثر من ذلك، هل يعرف كيف سيدير الامور؟ من هم فرسان الهجوم الاول وبأي لون سيلعب؟  أمس تنازل عن الجمهور الحريري طوعا عندما رمى السعد بوردة الفراق، وقبله لوح باقتحام في مواجهة مع تيار العزم قائلا انا غير  وسطي وايضا تنازل عن الوسطية، صار بمواجهة الجميع، وحتى مصباح الاحدب تبرع  ليوجه له السهام « بما صنعت ايديكم».

والآن ما هي الخطوة التالية؟

هل يتجه الى التحالف مع رفعت عيد مثلا او الاحباش، في الواقع لفتت معلومات فائقة الأهمية الى ان اللواء ريفي سعى لكي يخترق الطرف العلوي عبر عبد اللطيف صالح وان ذلك كان السبب المباشر في إقصاء الأخير من الحزب العربي الديمقراطي، وتعليقا على ذلك قال مراقبون طرابلسيون ان صالح سعى منذ تحسسه بقرب انتهاء جولات العنف الى نوع من الاعتدال حال دونه حزبه فحاول التواصل مع أركان المدينة في محاولة لتمتين محاولاته وخطواته الاولى بعد مغادرة رفعت عيد.

بالانتظار تبدو طرابلس متوترة كفاية اذ انها تتطلع الى الفائدة من الحكم اذ تعتبر انها دفعت ثمنا كبيرا لمرحلة العشر سنوات العجاف فثمة من يقول ان لها في تسوية الحكم نصيبا وافرا جدا، ومن هنا يقول المتابعون ان الحكومة ملزمة بتعويض طرابلس ولو جزئيا وتيسير الامور العالقة وفتح ما أغلق من سبل التنمية اذ ان كل ذلك مرتبط بدوره بمعركة الاحجام التي للمدينة ان تحددها في المستقبل للعزم او المستقبل او حتى لريفي ولمن يسعى لخوض غمار معركة ما بعد عودة الحريرية الى الحكم.

باختصار والكلام يعكس واقع الحال الآن، الشعب في طرابلس يريد عودة الانتظام ويترقب اصطفاف الحلفاء بالنظام، تبدو المدينة في هذه الأثناء على مرمى حجر من الانتخابات النيابية قاب قوسين من خيار بين «عزم» و«مستقبل» والريفي ثالثهما.