إن المطالبة بإسقاط الحكومة (سواء بالإستقالة أم بأي أسلوب آخر) هي مدخل الى مأزق في غاية الخطورة. ونود أن نقول بداية اننا لسنا من المعجبين بأداء هذه الحكومة ولسنا من المتحمسين للدفاع عنها، ولكننا ننظر الى هذا الأمر من زاوية مختلفة:
أولاً – صحيح أن حكومة «المصلحة الوطنية» ليست تحفة زمانها، وصحيح أنها باتت أشبه ما تكون بحكومة تصريف أعمال. إلاّ أنّ لها حيثيتها الدستورية /القانونية/ الشرعية.
ثانياً – إن إستقالة الحكومة طوعاً أو دفعها الى الإستقالة تحت وطأة الشارع يعني أمراً واحداً: الفراغ فوق الفراغ، وتمديد الشلل الجزئي الى أن يصبح شللاً شاملاً، ما يعطل البلد كلياً ويدخله في المجهول.
ثالثاً – إذا إستقالت الحكومة فمن هي الجهة/ الهيئة/ المؤسسة الدستورية التي ستعمل على تشكيل الحكومة البديل؟
أ – ليس هناك من جهة تُقَدَّم إليها الإستقالة.
ب – ليس هناك من جهة تقبل الإستقالة.
ج – ليس هناك من جهة تجري الإستشارات الملزمة.
د- ليس هناك من جهة تصدر مراسيم: قبول الإستقالة، ثم التكليف، ومن ثم التأليف.
رابعاً – قد يعتبر بعض أهل الحراك المدني القائلين بالإستقالة إن هناك «قراراً» (من أصدره!) بتأليف حكومة أمر واقع… وأنهم أنفسهم من يعلن الأسماء!
ولكن كيف؟ وعلى أي قاعدة؟ وإنطلاقاً من أي نصوص؟
وأصلاً: هل هم موحدون؟
هل هم طرف واحد، أو على الأقل على رأي واحد؟
وهل يظنون إن العملية بهذه البساطة؟
ولنعترف بأن لبنان في أزمة مصيرية. بل هو في مأزق حقيقي بكل ما للكلمة من معنى. وبأنّ النظام الدستوري القائم، خصوصاً نظام الجمهورية الثانية فشل في ايجاد الحلول للأزمات، بل إنه سرعان ما يحولها الى مآزق.
هذا كله صحيح… ولكن النظام، وحتى إشعار آخر، يشكل (على علاته) مظلة مهما كانت واهية ومحدودة الفاعلية، سيسقط لبنان نهائياً من دونها ما سيجعله في نظر العالم دولة فاشلة بكل ما للكلمة من معنى.
فهل هذا ما يريده الناشطون؟
طبعاً ليس هذا مرادهم.
لذلك ندعوهم الى التريّث.
ونسألهم: هل تعرفون فعلاً قيمة هذا النظام؟
وفي الحالات كافة نؤكد لأبنائنا حاملي المطالب الشعبية المحقّة اننا معهم قلباً وقالباً، ونعرف حرصهم على سلمية حراكهم، وقلنا ما قلناه في العجالات الثلاث (بما فيها عجالة اليوم، وأيضاً الرابعة يوم الإثنين المقبل) من باب حرصنا عليهم وعلى سلامتهم وعلى عفويتهم والقضية التي يرفعونها والتي نضن بها أن يستغلها الطارئون.