نعم، في البلاد كتائب جديدة.
والافكار الصادرة عن رئيسها، جديدة.
تحبها أو لا تحبها، فإنه لا يسع أحد أن يكون غريبا عما اطلقه رئيسها الشيخ سامي الجميل.
قبل نصف قرن، كان الكتائبيون يشعرون بأنهم كل لبنان.
على الطرقات ظهرت عبارات توحي بذلك.
وفي البلاد شعارات تشير الى كتائب الشيخ بيار الجميل هي كذلك.
وفي السياسة مراحل تجسد حينا زعامة الرئيس الشهيد بشير الجميل، هي مرحلة لبنان الجديد.
اراد خصومه تصفيته، فكان الاغتيال المفجع، نهاية لاحلام راجت، ثم انهارت بعد تداعي الصراعات الاقليمية على رؤوس اللبنانيين.
بعد ذلك، التحمت البلاد، في معظمها حول الرئيس الجديد.
وجسد الشيخ امين الجميل، صورة جمهورية لم يكتب لها التوحد، بسبب مراهنات غامضة بين الرئيس السوري حافظ الاسد، والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.
الا ان اللحمة اللبنانية تداعت، بدورها، ووقع ما لم يكن في الحسبان، الا وهو الانهيار اللبناني امام الانهيار الاقليمي.
ومن روبرت مورفي في العام ١٩٨٢ الى ريتشارد مورفي في العام ١٩٨٨ تمزق لبنان، وحلت فيه حروب اقليمية، وانتقل البلد من وصاية الى وصاية، ومن هيمنة حافظ الاسد الى سيطرة نجله بشار الاسد.
وسط هذه الغابة من الوصايات، برز رئيس جديد للكتائب اللبنانية، في خضم احزاب طائفية وصراعات مذهبية.
ومع انكفاء العقائد، وظهور الأفكار التكفيرية، يعلو صوت الشيخ سامي الجميّل في الآفاق، رئيساً جديداً للكتائب الجديدة.
ولا يكفي أن يترجل الرئيس أمين الجميّل عن جواد القيادة، ذلك ان المنافسة على موقع القيادة، ترافقت مع اعلان الفائز، انه لا يستطيع أن يفعل وحده، ما تريد الكتائب الحديثة أن تحققه.
وعلى مدى خمس سنوات، في الندوة النيابية، استطاع الرئيس الجديد، بلورته من خلال مشاريع قوانين وانجازات في هذا المضمار.
ولعل اختيار جوزيف أبو خليل نائباً أول للرئيس بالاجماع، والوزير السابق سليم الصايغ نائباً ثانياً بالأكثرية، هو الجديد للمرحلة الآتية.
والتباينات في الآراء، داخل الكتائب كانت الجزء الأكبر، على الساحة اليمينية.
هكذا كانت الكتائب في حقبة الرئيس المؤسس، ولا سيما بعد ظهور النتوءات الأولى في زمان موريس صقر الحزب وزملائه، وفي أثناء ظهور كتائب معروفة وغير معروفة، من أيام الرؤساء ايلي كرامة، وجورج سعاده ومنير الحاج وكريم بقرادوني.
هذا، من دون أن ينسى أحد، العصر الذهبي، بوصول الرئيس الشيخ بشير الجميّل، والشيخ أمين الى رئاسة الجمهورية.
الآن، لا بد للمراقب، من أن يرافق حقبة سامي الجميّل، وهي ظاهرة في الديمقراطية كبيرة، ذلك ان انتخابه بوجود منافسه بنّاءة للصحافي بيار عطاالله، خطوة جديدة وخارقة.
والمنافسة لا تبغي الربح، لكنها تعني الحرص على الحرية والأصالة.
كانت الكتائب حزب العائلة، لكنها، في الانتخابات الأخيرة، أصبحت حزباً في قلب الوطن.
والوطن، لا يعيش بحزب واحد وفكر واحد، ولعل التنوّع السياسي هو رمز بقاء لبنان.