IMLebanon

القمة منصة لتبادل رسائل لم تغيّر شيئاً

 

عدم إقرار البنود سوريا متوقع بسبب خلاف قديم

 

كان من الطبيعي ان يحصل ما حصل من انقسام الرأي في القمة العربية التنموية الاقتصادية التي انهت اعمالها امس في بيروت، حول البنود التي تخص سوريا، سواء لجهة عودة النازحين او اعادة الاعمار او عودتها الى مقعدها في الجامعة العربية، ولكن الدخان السياسي والاعلامي غطى على الوقائع القائمة اصلا من اشهر طويلة، والمتمثلة بوجود قرار اميركي – عربي بوقف كل الامور والخطوات المتعلقة بسوريا الى حين الانتهاء من الاتفاق على الحل السياسي لوقف الحرب فيها، وهو الحل الذي تتنازعه مصالح دول كبرى اقليمية ودولية، ما يؤشر الى تأخيره وعدم اقراره في المدى المنظور نتيجة الصراع الأميركي – الايراني في المنطقة.

ولكن ما جرى خلال الايام الثلاثة الماضية منذ افتتاح القمة وحتى انتهائها، أظهر وكأن ثمة امر مستجد يتعلق بسوريا، لكنه عمليا كان اعادة الطروحات ذاتها التي يطرحها كل فريق لبناني او عربي، لذلك تحولت القمة الى ما يشبه المنصة الكبرى لتوجيه رسائل من هذا الطرف الى ذاك وبالعكس، عبر طرح الفريق الحليف لسوريا مسائل استعادة مقعدها العربي واعادة النازحين واعادة الاعمار،  وعبر رفض الفريق المناوئ لسوريا هذه الطروحات، وهو ما عبّر عنه مصدر وزاري في هذا الفريق بالقول لـ«اللواء»: اننا كنا من مدة في صورة قرار بعدم عودة سوريا الى الجامعة العربية، ولا بحضورها للقمة الاقتصادية ولا حتى القمة العربية العادية في تونس المقررة نهاية اذار المقبل، بالرغم من محاولات الطرف الاخر الضغط باتجاه تحقيق هذه الامور.

وظهرت تجليات قرار الرفض هذا في ما تردد ايضا عن إعداد وزير الخارجية جبران باسيل رسالة مطلع هذا الشهر الى الامانة العامة للجامعة العربية يطلب فيها رسميا استعادة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية ولكن الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري رفض توجيه هذه الرسالة، فاستعاض باسيل عنها بالطلب ذاته خلال كلمته في افتتاح مجلس وزراء الخارجية العرب التمهيدي للقمة الاقتصادية. وهو الامر الذي رفضه ايضا الامين العام للجامعة احمد ابو الغيط في المؤتمر الصحافي مع الوزير باسيل حيث قال ان الوضع العربي غير مهيأ بعد لعودة سوريا.

وثمة من يعتقد ان القرار العربي الدولي – والاميركي بشكل خاص – برفض عودة سوريا، هو رسالة الى دمشق وايران وليس الى بيروت، ترتبط اساسا بما يدور في الكواليس السياسية الخارجية حول الحل في سوريا، وحتى ان موقف وزير شؤون النازحين معين المرعبي الرافض لموقف الوزير باسيل بإعادة النازحين هو تعبير عن هذا التوجه الاقليمي – الدولي.

ولكن ثمة من يعتقد ان ما اثير حول دعوة سوريا للقمة الاقتصادية وعودتها للجامعة من قبل حلفائها، وما اثير وجرى على الارض حول تمثيل ليبيا، وادى من ضمن جملة اسباب اخرى، الى خفض مستوى التمثيل العربي، هو ايضا رسالة سورية الى المعنيين العرب ومنهم لبنان الرسمي والسياسي، ان لا قمم عربية ناجحة وفعالة ومنتجة في ظل غياب سوريا.

وبين هاتين الرسالتين ثمة من يقول انها رسالة ضغط خارجية على الرئيس ميشال عون بسبب مواقفه من سوريا ودعم المقاومة، وتهدف الى إظهار فشل عهده وضعف علاقاته العربية عبر تدني مستوى التمثيل، وهو الامر الذي ردت عليه اوساط القصر الجمهوري بأن المهم ان القمة عقدت برغم بعض الدعوات لإلغائها أو تأجيلها، والاهم نتائجها وما يصدر عنها من قرارات. اضافة الى اقتراح صيغة مقبولة من قبل لبنان والعرب حول عودة النازحين، ما عكس اصرار لبنان على ادراج هذا البند في البيان الختامي.

وفي كلتي الحالتين، فإن الرسائل المتبادلة بين مؤيدي سوريا وخصومها، لم يغير شيئا في واقع الحال، بل اضاف تعقيدات جديدة على الوضع اللبناني والوضع العربي، ولعل تجلياته ستظهر في لبنان مزيدا من التأخير في تشكيل الحكومة، برغم الكلام الذي صدر امس الاول، عن الغاء الرئيس سعد الحريري مشاركته في «منتدى دافوس الاقتصادي» والبقاء في لبنان ليتفرغ مجددا اعتبارا من اليوم او غدا الثلاثاء لأحياء الاتصالات حول تشكيل الحكومة وطرح مقترحات او افكار جديدة تعالج مسألتي تمثيل اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين ومطالبة «التيار الوطني الحر» ان تكون حصته مع رئيس الجمهورية 11 وزيرا اي الثلث الضامن!