IMLebanon

سياسة المجازر:  من يوقف التوظيف؟

صور الضحايا في مجزرة خان شيخون مروعة. ولا شيء يجمع الحزن والغضب أكثر من مشهد أطفال يختنقون بما لا يعرفون ماذا يأخذهم الى الموت. لكن سياسة المجازر مستمرة في حرب سوريا التي تقول الأمم المتحدة انها صنعت أكبر كارثة انسانية منذ الحرب العالمية الأولى. وهي بالطبع سياسة توظيف المجازر في خدمة أهداف كان ولا يزال تحقيقها بشكل كامل مهمة مستحيلة، كما دلّت سياسة حقول القتل في كمبوديا على أيدي الخمير الحمر بزعامة بول بوت.

ولا فرق، سواء كانت المجازر من صناعة الأنظمة أو المنظمات، وسواء حدثت بالقصف الجوي أو البرّي، بالأسلحة الكيماوية أو العادية، بالرصاص أو بالسكاكين والفؤوس. فلا مكان للبشر في الحسابات الباردة التي تدار بها الصراعات الحارة: الصراع على السلطة في الداخل، والصراع على النفوذ الاقليمي والدولي في اللعبة الجيوسياسة. ولا أفظع من المجازر التي يرتكبها ارهابيون متطرفون يقاتلون الأنظمة والمجتمعات سوى المجازر التي ترتكبها أنظمة تحارب الارهاب.

والكل يعرف ماذا يفعل مجلس الأمن الدولي الذي دعت فرنسا وبريطانيا الى جلسة عاجلة له في أعقاب مجزرة خان شيخون. فمن له ضامن بين الدول الخمس التي لها حق الفيتو يستطيع فعل ما يريد من دون خوف من العقاب. واذا قاد الإحراج الجميع الى الموافقة على تشكيل لجنة تحقيق لتوثيق الوقائع وتحديد المسؤوليات، فان شهورا تمرّ قبل ان تتمكن اللجنة من تقديم تقريرالى المجلس. واذا جاء التقرير، فان من السهل، كما أكدت تجارب السنوات الماضية، على القوة الكبرى الضامنة التشكيك بالنتائج والقول انها غير مقنعة ولا حيادية.

حتى قرارات مجلس الأمن التي تحدّد أسس التسوية السياسية المطلوبة وترسم خارطة طريق لها، فانها تبقى حبرا على ورق في محادثات جنيف. وحتى اجتماعات استانة باشراف الدول الثلاث الضامنة لوقف النار، وهي روسيا وايران وتركيا، فانها تدور في ما يشبه العالم الافتراضي في حين تدور المعارك في العالم الحقيقي على الأرض السورية حيث دخلت الحرب عامها السابع. فالحل العسكري بالنصر الكامل لأي طرف مستحيل، ولو استمرت الحرب مئة عام. والتسوية السياسية صعبة، ولو وصل رقم الجولات في جنيف الى الألف.

وعلى طريقة الحكمة القائلة ان الدم يستسقي الدم، فان العنف والارهاب يتبادلان الخدمة. العنف يزيد من الارهاب الذي يزيد من العنف. واعطاء الأولوية للقضاء على داعش والنصرة بالوسائل العسكرية والأمنية في غياب التسوية السياسية يقود، ولو نجح، الى قيام تنظيمات ارهابية أخطر.

وكل ربح جيوسياسي على حساب سوريا وشعبها هو كارثة استراتيجية، لا فقط انسانية.