اذا سارت الرياح الانتخابية كما تشتهي سفن العهد وفق المرجّح، يفترض ان يبصر قانون الانتخاب الذي طال انتظاره 8 سنوات، النور اليوم على طاولة مجلس الوزراء الذي سيلتئم في قصر بعبدا، ولو لم يحصل ذلك، فان ولادته حاصلة حتما قبل 19 حزيران مع ادراك جميع القوى مدى الضرر الذي سيُلحقه الاخفاق في تحقيق هذا الهدف، في «هيكل» العهد العوني-الحريري الذي وعد أركانه بالكثير من استعادة الثقة.
فبين تفاؤل بعبدا والسراي غير المستندين الى معلومات رسمية من المقرين ،ما عدا بعد التسريبات العمومية، وتشاؤم عين التينة الذي تقصد رئيس مجلس النواب ان يعبر عنه موثقا بالصوت والصورة، ساد «التشاؤل» الاوساط السياسية المتابعة لملف قانون الانتخابات الذي فشلت اللجنة الخماسية المجتمعة في بيت الوسط في تاكيد اكثر مما كان مقررا مسبقا، ومراوحة العقد العالقة مكانها مرحلة الى اللجان تارة الخماسية وطورا الوزارية علها تجد المعجزة المنتظرة. فجدية قرار الحسم ترجمه رئيس الحكومة بالغاء كل مواعيده وتفرغه لحل الاشكالات العالقة في ما تبقى من نقاط، لتتحقق المعجزة وتنجح اللجنة الخماسية في اجتراح الحل، القائم على ترحيل الخلاف حول مدة التمديد للمجلس وموعد اجراء الانتخابات لمشاورات يتولاها الرئيس الحريري مع الرئيسين عون وبري.
صيغة الخماسية التي حملها رئيس الحكومة الى بيت الوسط لعرضها شكليا على اللجنة الوزارية لاقرارها وتوزيعها على الوزراء قبل جلسة الغد تضمنت بحسب ما سربت مصادر شاركت في الاجتماع التالي: اعتماد الصوت التفضيلي على اساس القضاء، لوائح غير مكتملة على ان تضم مرشحا من كل قضاء، وهي تتحمل مسؤولية فقدان او خسارة اي مقعد حصلت عليه ولم ترشح عليه طائفيا ويحسب من حصة اللوائح الاخرى وعلى ان لا يقل عديدها عن 40 بالمئة، عدم زيادة عدد النواب واحتساب حصة المغتربين من ضمن ال 128 على ان يبدأ ذلك اعتبارا من دورة الانتخاب المقبلة، عتبة نجاح اللائحة هي الحاصل الانتخابي = عدد المقترعين/عدد المقاعد،نقل مقعد الاقليات من بيروت الاولى الى بيروت الثانية،في طريقة الاحتساب يعتمد الكسر الاكبر، البطاقة الممغنطة والورقة المطبوعة سلفا،تعتمد طريقة دمج اللوائح وترتيب المرشحين في الدائرة على اساس نسبة الصوت التفضيلي في القضاء، فيما تركت مسائل الكوتة النسائية وتخفيض سن الإقتراع وتصويت العسكريين لمجلس الوزراء.
فعليه تكشف اوساط وزارية ان الولادة الحكومية باتت ميسرة وان نسبة عرض المشروع في الحكومة للتصويت على ما تبقى من نقاط ضئيلة جدا كونه لا يلقى قبولا من الثنائي الشيعي، لا سيما الرئيس نبيه بري، ولا من الحزب التقدمي الاشتراكي حيث يتمسكون بـ«التوافق» كوسيلة وحيدة لردم أي تباعد «انتخاب»، كاشفة الى ان المشاورات الحالية تهدف لايجاد «مخرج» لـ«السلّة» التي ينادي بها الوزير جبران باسيل ويضع فيها جملة اصلاحات يسعى الى أن تُقرّ مع قانون الانتخاب (كتكريس المناصفة النيابية في الدستور وانشاء مجلس للشيوخ وإشراك الاغتراب والعسكريين في الانتخابات) من خلال وضع هذه المطالب في عهدة رئيس الجمهورية على أن يتابع هو، بعد اقرار القانون، بذل الجهود للوصول اليها، كونها ضرورية لضمان أفضل تمثيل للمكونات اللبنانية كلّها، حسب التيار الوطني الحر.
مصادر مقربة من عين التينة من جهتها نفت طابع التشاؤم او السلبية التي حملها قول رئيس المجلس النيابي نبيه بري «ما عاد يفيد الا الدعاء» بالنسبة الى قانون الانتخاب، معتبرة في المقابل ان الصيغة التي تم التوصل اليها تفرغ الى حد كبير النسبية من مضمونها الفعلي، الا ان المصلحة الوطنية والاصرار على تفويت فرصة هدم البلد التي يحلم بها البعض، دفعت بالقوى السياسية الى التنازل للوصول الى افضل الممكن وانقاذ العهد الذي ليس من مصلحة احد تفشيله خصوصا في ظل الاوضاع التي تمر بها المنطقة، مشيرة الى ان ايا من الافرقاء لم يحقق نصرا ولم يسجل نقاطا، جازمة بان القانون الحالي يحتاج الى الكثير من التعديل لاحقا ليصبح بمستوى آمال وطموحات اللبنانيين، واعدة بان يتم تمريره في المجلس وانهاء النقاشات بالسرعة المطلوبة، مرجحة ان يكون التمديد لاكثر من سبعة اشهر، كاشفة ان الاتصالات من وزارية ونيابية وحزبية لا تزال ناشطة ولن تتوقف حتى ساعة انعقاد مجلس الوزراء وان عين التينة ستتبع سياسة الصمت الانتخابي حتى تلك الساعة، خصوصا بعدما استنفدت كل ما عندها ولديها من افكار وطاقة وباتت على قناعة تامة ان الكرة الانتخابية في ملعب الحكومة وجلستها، وان مآل المرحلة ومصير البلاد رهن ما سيصدر عنها بالنسبة الى المشروع الانتخابي.
انحصرت المفاوضات حول قانون الانتخاب بين مجموعة محددة من المفاوضين،مقصين خلالها أطرافا أساسيين ان كان في مقلب المعارضة أو الموالاة،فطبخوا الطبخة التي على باقي الاطراف اكله، بعد الاعتراض على بعض مكوناتها خلال الجلسة العامة، دون ان يقدم او يؤخر ذلك في شيء لتنتهي اللعبة كما بدأت محصورة بالقوى السبع التي نجحت من جديد في اعادة استيلاد نفسها ومواقعها تحت عنوان النسبية هذه المرة.