IMLebanon

استطلاع الرأي مادة استهلاكية سياسية واعلامية

استطلاع الرأي هو غير الاستفتاء الشعبي، وفي لبنان لم يسبق ان اعتمدا الا في السنوات الاخيرة وتحديدا في الانتخابات النيابية حيث لجأ بعض المرشحين الى مكاتب متخصصة وهي نشأت حديثا، الى استطلاع رأي، كان مشكوك فيه دائما.

ولم يستخدم في اي انتخاب رئيس للجمهورية استطلاع الرأي، سوى مرة واحدة عندما اعلن الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد ان استطلاعات الرأي في لبنان اعطت قائد الجيش اميل لحود نحو 70% ليكون رئيسا للجمهورية، وقد حاول الرئيس الاسد ان يوصل رسالة الى الكتل النيابية بانتخاب لحود رئيسا للجمهورية، وهو ما ابلغه في حينه الى رئيس الجمهورية الياس الهراوي اثناء لقائه به في دمشق، والذي قام بدوره بابلاغ الرئيس نبيه بري بما قاله الرئيس الاسد له، الذي كان اعلن مع قرب انتهاء ولاية الهراوي في حديث لصحيفة «الاهرام» المصرية، انه من الضروري التمديد له، وهكذا تبلغ المسؤولون اللبنانيون القرار السوري بالتمديد للهراوي في عام 1995 وانتخاب لحود رئيسا للجمهورية في عام 1998.

هذا كان في زمن الوجود السوري في لبنان، عندما استخدم الرئيس الاسد الاستطلاع لانتخاب لحود، لابلاغ رسالة، اما في هذه المرحلة التي تشغر فيها رئاسة الجمهورية منذ اكثر من عام فان اقتراح «التيار الوطني الحر» اجراء استطلاع رأي بعد التراجع عن الاستفتاء الشعبي غير الدستوري، فانه اسلوب جديد تقول مصادر على صلة باستطلاعات الرأي، ان لبنان دخل حديثا الى هذا القطاع الذي لا يتعدى عمره السنوات العشر او اكثر، وهو موزع على خمسة مراكز ابرزها: الدولية للمعلومات، مركز بيروت للمعلومات مركز التوثيق والبحوث، stat Ipsos Statistic lebanon وقد يعهد الى اي من هذه المراكز باجراء الاستطلاع فيما لو حصل، او اللجوء الى مراكز دولية تقوم بدورها بتكليف مراكز محلية، وفق المصادر التي تشير الى انه لم يجر بعد اي اتصال مع احد من المراكز للقيام. بالاستطلاع من قبل الجهة صاحبة الاقتراح لكن تذكر ان استطلاعات رأي حصلت ونشرت وسائل اعلام نتائجها، حول من يريد اللبنانيون رئيسا للجمهورية.

فالمشكلة في لبنان بموضوع استطلاع الرأي، ان اللبنانيين لا يمتلكون ثقافته، وهو ما يترك الرأي العام المستطلع لا يقول رأيه صراحة او اذا اعطى رأيه فانه يرفقه بجواب ان لا قيمة لرأيي، وتعطي المصادر مثالا على ذلك، ان التمديد لمجلس النواب رفضه اللبنانيون في استطلاع الرأي، وحصل التمديد مرتين دون ان يكترث اي من المسؤولين له، مما يعني ان لا قيمة فعلية له، كما ان اي استطلاع له معايير علمية وموضوعية يجب اعتمادها بطرح السؤال ثم في اختيار العينة، وثقة المواطن بالاستطلاع، وهذه معايير، لا يمكن ان تتوافر في لبنان، وهو ما اضعف استطلاعات الرأي لو كانت سليمة وصحيحة.

ففي دول متقدمة في الديموقراطية وله تأثير الرأي العام فان استطلاعات الرأي موثوقة بها الى حد كبير، ويمكن اعتمادها، وهذا الامر يتعلق بممارسة الديموقراطية التي هي حكم الشعب، تقول المصادر التي تشير الى ان الدساتير في عدد من الدول باتت تتضمن فقرة الاستفتاء الشعبي، وهو ما تلجأ اليه في العديد من المسائل المصيرية، مثل دعوة الحكومة اليونانية مواطنيها الى استفتاء حول البقاء في منطقة «اليورو» في ظل الازمة الاقتصادية الخانقة التي تعانيها، وان ايرلندا استفتت الشعب حول قانون زواج المثليين، وبريطانيا ستطرح الاستفتاء حول الاستمرار في الاتحاد الاوروبي.

فهذه الاستفتاءات القريبة جدا التي تجري في دول اوروبية، هي نتيجة الثقافة الديموقراطية التي يتحلي بها الشعب، والتي تلزم الحكومات الاخذ بها، وهذا هو الاساس تقول المصادر التي تشير الى ان استطلاع الرأي الذي اقترحه «التيار الوطني الحر» يمكن ان يطلبه هو، لكنه غير ملزم للاخرين، لانه يريده ان يحصل عند المسيحيين، ولا يوجد اجماع حوله، فرفضه حزب الكتائب، وتحفظ عنه النائب سليمان فرنجية الذي يريده وطنيا وليس مسيحيا فقط، واكد انه لا يلزمه بانتخاب جعجع.

مما يعني انه لن يبصر النور، حتى ولو حصل فإن النتائج ستكون لمصلحة عون وجعجع كمرشحين لهما مؤيدين عند المسيحيين وهذا امر معلوم ولكن لا يحصل انتخابهما لاسباب سياسية ومعنى ذلك ان استطلاع الرأي هو مادة استهلاكية سياسية واعلامية لا اكثر ولا اقل و«لتقطيع» الوقت حتى تحين تطورات ما في المنطقة يتأثر بها لبنان تفرض رئىسا للجمهورية من هذا الخط السياسي او ذاك او مرشحاً ثالثاً وهذا ما يقرأه فرنجية في انتخابات رئاسة الجمهورية ويؤكد عليه دائما، لا في استطلاع رأي لا يقدم ولا يؤخر وهدر للوقت.