Site icon IMLebanon

ماذا تحمل زيارة البابا من رسائل مُتعدّدة الإتجاهات وأبعاد سياسيّة؟

تحفيز لـ «لبنان الرسالة والتعايش والسيادة والحياد والقرار المسيحي وانطلاق الحلّ»

 

بعد جدل تناول زيارة قداسة البابا فرنسيس الى لبنان، افيد رسمياً بأنّ تاريخها سيكون في 12 و13 من حزيران المقبل، على ان يعلن لاحقاً برنامجها بالتنسيق بين لبنان والكرسي الرسولي، وتأتي في توقيت صعب وظروف حساسة يعيشها اللبنانيون، وسط الانهيارات على كافة الصعد، كما تأتي بعد الانتهاء من الاستحقاق الانتخابي، الذي قد يحمل بعض الامل والانفراج بتغيير ولو بسيط، الذي سيعطي بصيص نور وسط العتمة الظلماء، التي ستشّع مع مجيء قداسته الى لبنان الجريح والحزين، بعد كل الكوارث التي عاشها وفي طليعتها انفجار مرفأ بيروت، الذي شكّل الخسارة الكبرى للبنان على صعيد البشر والحجر، مع كل ما تبعه من تداعيات لن تنتسى.

 

الى ذلك تكتسب زيارة الحبر الاعظم اهمية كبرى، فهي تؤكد اولاً انّ الانتخابات النيابية جارية في موعدها، وأنّ لبنان موضوع في خانة الاهتمام الدولي، خصوصاً من قبل الفاتيكان، الذي بدأ هذا الاهتمام الكبير بلبنان منذ سنوات، وتحديداً بعد تاريخ 4 آب المأسوي، وتبعه حراك غربي وعربي تداخل معه الحبر الاعظم، بحثاً عن حلول للازمة اللبنانية والمبادرات التي طرحت حينئذ، في ظل تناحر المسؤولين اللبنانيين وخصوصاً المعنيين بالتشكيلة الحكومية، التي بقيت اشهراً عديدة من دون حلول، ومن ثم اتت دعوة قداسة البابا في الاول من تموز الماضي، الى لقاء في الفاتيكان مع القادة الروحيين المسيحيين في لبنان، لتشكل مفاجأة عنوانها المبطّن مناقشة الوضع المقلق على مصير لبنان والمسيحيين فيه، بهدف خرق جدار الازمة المستعصية، وقد نقلت الدعوات الى بطاركة لبنان، بعد مخاوف اقلقت البابا فرنسيس على التعايش المسيحي- الاسلامي، الذي لطالما دعا للحفاظ عليه دائماً ومنع اهتزازه، واتى ذلك الاهتمام اللافت بعد نقل البطريرك الماروني بشارة الراعي، هواجس القيادات الروحية والطوائف اللبنانية، من تدهور الاوضاع في سابقة لا مثيل لها، وعلى الاثر بدأ التحرّك من قبل الفاتيكان، خصوصاً بعد الزيارة لتي قام بها البطريرك الراعي والرئيس المكلف حينذاك سعد الحريري الى هناك، وتبعتها رسالة وجهّها البابا الى رئيس الجمهورية ميشال عون، حيث ابدى تعاطفه مع اللبنانيين ومعاناتهم، واعداً بمساعدتهم في حل الازمات التي تعصف ببلدهم، وبأنّ الملف اللبناني سيكون ضمن اولوياته . كما انّ التقارير التي تصل الى الفاتيكان دائماً من قبل السفير البابوي او من بكركي، اوجدت قلقاً كبيراً لدى البابا على اللبنانيين عموماً، الذين يقفون امام ابواب السفارات بالالاف طلباً للهجرة، وبصورة خاصة المسيحيين منهم.

 

هذه المشاهد المأسوية ما زالت تتعايش مع الحبر الاعظم، لذا قرّر المجيء الى لبنان والوقوف اولاً مع الشعب اللبناني الذي يعاني وحده، وللقول لهذا الشعب الصامد:» لا تخافوا فلستم وحدكم»، وفق ما تنقل مصادر كنسية وتشير الى انّ قداسته يعمل من اجل الحفاظ على لبنان بلد الرسالة والتنوّع، وللتذكير بما قاله البابا الراحل يوحنا بولس الثاني خلال زيارته لبنان في العام 1997، معتبرة أنّ الزيارة المرتقبة للبابا فرنسيس ستحمل رسائل متعددة الاتجاهات وأبعاداً سياسية، ستساهم في انطلاقة الحلول ولو بعد حين، مع تأكيد هذه المصادر على وجود توافق وتنسيق بين الفاتيكان وبكركي، خصوصاً في ما يخص طروحات البطريرك الراعي حول الحياد الايجابي، وضرورة إبعاد لبنان عن سياسة المحاور الاقليمية، والتشديد على لبنان السيّد الحر المستقل، وتطبيق القرارات الدولية وتنفيذ الاصلاحات المطلوبة، التي تنقذه كلما سارع المعنيون في تحقيقها، كما لن يغيب ملف النازحين السوريين عن الملفات المطروحة لمساعدة لبنان، مع طرح مرتقب لقمة لبنانية في الخارج ستكون على الارجح في باريس، ستبحث في إمكان إجراء تعديلات دستورية في اتفاق الطائف، بهدف إعادة التوازن بين الطوائف اللبنانية، وبالتالي الاتفاق على تنفيذه.

 

وختمت المصادر المذكورة « بأنّ مجيء قداسته الى لبنان سيعطي الامل ليس فقط للمسيحيين في لبنان، بل لكل مسيحييّ المنطقة الذين كانوا وما زالوا يتعرّضون للاضطهاد، مع امل كبير بخروج مرتقب للبنان الى النور ، لانّ فصل الربيع السياسي لا بدّ ان يصل الى ربوعنا».