Site icon IMLebanon

الحراك الشعبي انعش احلام اليسار التقليدي

اذا كان الفساد المستشري في مفاصل الدولة قد اخرج الاغلبية الصامتة من موقف اللامبالاة، لتترجم انتفاضتها ضد الطبقة السياسية الحاكمة بتظاهرات بدأت خجولة وتحولت الى كرة ثلج قد تطيح بالجميع بمن فيهم «هيئات المجتمع المدني» كون «الثورة تأكل ابناءها» من جهة ولان الطامحين باستثمار الحراك المدني وحرفه عن اهدافه كثر، لا سيما وان الساحة المحلية متخمة بالاجهزة الخارجية، اضافة الى الظروف الاستئنائية حيث حرائق المنطقة ليست بعيدة عن الهشيم الداخلي، فان اللافت في التظاهرات تعدد الجهات التي تقودها ولكل منها شعاراتها وعناوينها من «طلعت ريحتكم» الى «بدنا نعيش» الى «محكمة الشعب» بالاضافة اى حملة «الشعب يريد اصلاح النظام» وحملة «لهون وبس»، ناهيك بان المجموعات المذكورة وان وحدتها النفايات السياسية، فانها لا تعترف ببعضها بعضاً ما يطرح السؤال عن «الليدر» الذي يقف وراء الحراك المدني ويدير الشارع وفق الايقاع المنشود كما تقول اوساط مواكبة للمجريات.

الا ان الثابت وفق الوقائع الميدانية للحراك عودة الروح الى اليسار اللبناني عبر وجوه معروفة، حيث لا يزال بعض قيادييه يعيشون على خلفية ان الاتحاد السوفياتي لم ينفرط عقده وان الماركسية بالف خير وما ينعش احلامهم الرومانسية فشل السلطة في تأمين ابسط البديهيات للمواطنين حيث لا ماء ولا كهرباء مع بلوغ الفساد مرحلة تعيد الى الاذهان ايام الامبراطورية العثمانية في آخر عهودها، اضافة الى ان رغيف المواطن يصعب تحصيله مع دخول الفقر الى معظم البيوت، ما يوفر للحالمين الثوريين وفق تصورهم الظروف التي يرونها مناسبة «لاسقاط النظام»، حيث بلغت النشوة لدى بعض المتراكضين للظهور على الشاشات حدا ابعدتهم عن الواقعية، لا سيما وان الصراع الدموي في المنطقة من ادناها الى اقصاها في لعبة الامم لا يسمح تغيير الطبقة السياسية المهترئة بالاضافة الى ان المشاركين في السلطة من اصحاب الاوزان الثقيلة ولهم قواعدهم ومليونياتهم عندما يدق النفير.

وتشير الاوساط الى ان «محكمة الشعب» كحركة شعبية تبقى الاكثر وضوحاً وهي حركة اسسها المحامي زياد البيطار الذي يشغل منصب «سفير الشؤون القانونية في الشرق الاوسط للمنظمة العالمية لحقوق الانسان» الذي تقدم بشكوى جزائىة باسم «جمعية التعاون الدولي لحقوق الانسان» ضد وزير البيئة محمد المشنوق امام النيابة العامة التمييزية «لوجوب مساءلته تبعاً للمادة 66 فقرة 2 من الدستور لارتكابه الجرم المنصوص عليه في المادة 604 من قانون العقوبات واحكام قانون 444/202 «حماية البيئة». وهذه الحركة سبق لها تقديم طعن امام مجلس شورى الدولة بمرسوم دعوة الهيئات الناخبة عام 2014 كون المرسوم مخالف للقانون عن سابق تصور وتصميم من حيث المهل ومن حيث عدم انشاء الهيئة المشرفة على الانتخابات التي تتولى تنظيم الحملة الانتخابية.

وتقول الاوساط ان هيئات المجتمع المدني بدأت الاعداد للحشد لتظاهرة الاربعاء في 9 من الجاري موعد انعقاد طاولة الحوار الذي دعا اليها رئىس مجلس النواب نبيه بري في ساحة النجمة بحثاً عن مخارج للازمة التي ادخلت البلد عنق الزجاجة وقد تستدرج الآتي الاعظم لا سيما وان هناك منازلة دولية في لبنان حول الانتخابات الرئاسية وفق ما قاله وزير الداخلية محمد المشنوق، وما يخشاه المراقبون خروج التظاهرة المرتقبة عن سلميتها واهدافها بفعل «الطوابير الخامسة» والاشباح الذين غالباً ما يصادرون الحراك الشعبي، ولعل ما يتساءل عنه المراقبون هو هل كان هناك مندسون في التظاهرات السابقة قاموا باعمال الشغب التي استهدفت رجال قوى الامن الداخلي وتحطيم واجهة بعض المحلات في الوسط التجاري ولماذا لم تعلن السلطات المعنية عن اسمائهم خصوصاً وانه كان بين من ثم توقيفهم شخص سوري وآخر سوداني، ام ان مقولة المندسين كانت نسخة عن حكاية «راجح» الرحابنة لتبرير عملية استعمال القوة المفرطة لقمع المتظاهرين، فهل تمر التظاهرة المرتقبة على خير، وهل سيسمع اهل الحوار الاصوات التي تطالب برحيلهم ام ان «الطرش» نعمة منت بها السماء على الطبقة السياسية الحاكمة.