Site icon IMLebanon

مواقف الكتل المسيحيّة ضبابيّة..

شكلت دعوة الرئيس نبيه بري في خلال جلسة انتخاب رؤساء ومقرري اللجان يوم الثلثاء والتي وصل فيها الى حدود «توسل النواب» بحضور جلسات التشريع جرس انذار غير مسبوق في تاريخ عمل المؤسسات الدستورية وبخاصة مجلس النواب من حيث شعور رئيس المجلس بمدى المخاطر التي تتهدد الاوضاع المالية والاقتصادية في البلاد، وان كان عنوان الدعوة للنواب ينطلق من تنبيه البنك الدولي بالغاء القروض الميسرة الممنوحة للبنان لاقامة عدد من المشاريع الحيوية.

ومن الواضح ان دعوة الرئىس بري التي جاءت مقتضبة سارع وزير المال علي حسن خليل الى شرح كل تفاصيل المخاطر الاقتصادية والمالية التي تهدد البلاد ليس فقط من حيث امكان الغاء القروض، بل ايضاً من حيث الحاجة لاصدار قوانين حول موازنات الرواتب والاجور للقطاع العام والا فانه قد يضطر لاقفال ابواب الوزارة.

لذلك، فالسؤال الذي يطرح نفسه لماذا اضطر الرئيس بري الى حدود «توسل» النواب لحضور جلسات التشريع بعد امتداد الفراغ والشلل الى كل المؤسسات الدستورية، وبات يهدد باسقاط الدولة بكل مكوناتها اذا ما استمر السلوك التعطيلي للحكومة ومجلس النواب، وانتخاب رئىس للجمهورية، وحتى اذا ما استمر الشغور في قصر بعبدا؟

وعلى هذا الاساس يقول زوار عين التينة ان ما دفع الرئىس بري لرفع الصوت بهذه الطريقة مجموعة اعتبارات واستحقاقات لم يعد من الممكن تأجيلها او التفرج على البلد يتساقط بكل مؤساسته ومنها:

ـ الانهيار الشامل الذي يتهدد ما تبقى من عوامل استمرار وسيرورة الاوضاع الداخلية في المجالات كافة، بحيث ان هذا التعطيل لم تشهد البلاد مثيلاً له في ظروف اصعب واكثر تعقيداً مما هي عليه اليوم، فالفراغ في رئاسة الجمهورية، بغض النظر عن خلفياته ومن يقف وراء استمرار الفراغ، لا يستوجب دفع البلاد نحو الهاوية، وتعطيل كل المؤسسات بما في ذلك بت قضايا الناس الحيوية.

ـ الانهيار الاقتصادي والمالي الذي بلغته الدولة والذي بات يتطلب حد ادنى من عمل المؤسسات وخاصة مجلس النواب لبت بعض القضايا الملحة والحيوية ليس اقلها ما يتعلق برواتب القطاع العام بالاضافة الى قضايا اخرى لا تقل اهمية.

ـ اعادة الاعتبار للثقة الدولية بلبنان بعد انتظار صندوق النقد الدولي الذي سيؤدي ليس فقط الى الغاء القروض الميسرة والتي تبلغ حوالى ملياري دولار، بل ايضاً منع القروض للسنتين المقبلتين، بالاضافة الى تخفيض التأمين الائتماني للبنان.

ـ معالجة بعض القضايا المعيشية والحياتية للناس بدءا من سلسلة الرتب والرواتب التي طال انتظارها، بات اقرارها مسألة ملحة وضرورية بعد تآكل روابت موظفي الدولي نتيجة الارتفاعات الكبيرة في تكاليف الحياة على كل المستويات.

ويشير هؤلاء الزوار الى ان بري رفع الصوت اكثر من مرة لدفع القوى السياسية، والكتل النيابية الى تحمل مسؤولياتها في بت واقرار الامور الحياتية وعدم تعطيل المؤسسات لاسباب غير منطقية الا ان اهمية ما طرحه رئىس المجلس هذه المرة يتزامن مع انتظار البنك الدولي وشعوره بوصول الازمات الحياتية والاقتصادية الى الخط الاحمر، ولذلك وجد الفرصة سانحة في خلال الجلسة العامة لانتخاب رؤساء ومقرري اللجان التي حضرها 52 نائباً، وهو الامر الذي لم يحصل منذ فترة طويلة.

اذا، هل ستتجاوب الكتل النيابية وبخاصة الكتل المسيحية مع صرخة الرئىس بري لعقد جلسة تشريعية او اكثر لبت هذه الامور الحيوية؟

وفق مصادر نيابية متابعة فان ما صدر عن الكتل النيابية من ردود فعل اولية كان ايجابياً، الا ان هذه الردود لا تكفي للقول ان الطرق اصبحت سالكة امام انعقاد جلسات تشريع الضرورة. ولاحظت ان الكتل المسيحية بشكل خاص عادت بما طرحته من شروط الى المربع الاول، فكتلتي التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية تشترطان لحضور هذه الجلسات وضع قانون الانتخابات وقانون استعادة الجسنية على جدول الاعمال، بينما ذهبت كتلة الكتائب الى ابعد من ذلك برفضها اي تشريع قبل انتخاب رئيس للجمهورية، بينما لوحظ ان كتلة تيار المسقبل غير جاهزة لبحث قانون الانتخاب وهو ما اشار اليه رئيسها فؤاد السنيورة، كذلك الامر بما يتعلق بموقف النائب وليد جنبلاط وكتلته.

وتوضح المصادر انه رغم اعلان كتلتي التيار الوطني الحر والقوات ان المسائل المالية تدخل ضمن مصالح الدولة الوطنية، الا ان الربط بين حضور جلسة التشريع ووضع قانوني الانتخابات والجنسية على جدول اعمال الجلسة يشير بشكل واضح الى ان لا قرار بالمشاركة في تشريع الضرورة وهو امر قد لا يحصل، خصوصاً ان بت قانون الانتخابات يعادل انتخاب رئيس للجمهورية، بل انه من الناحيتين السياسية واعادة تكوين السلطة اهم من مسألة انتخاب الرئىس، وبالتالي فالاتفاق على قانون للانتخابات لا يبدو انه تتوفر اليوم. وتقول ان هذا القانون ومعه شخص الرئيس الجديد والحكومة المقبلة لا يمكن الاتفاق عليها الا ضمن سلة متكاملة على غرار ما حصل في اتفاق الدوحة، الا ان الاتفاق على سله متكاملة تتضمن هذه المسائل الكبرى يحتاج الى مظلة اقليمية ودولية، وهذه المظلة غير موجودة اليوم، في حين ان الجميع يدرك ان الحديث عن لبننة هذه الاستحقاقات، هو من الاوهام طالما ان بعض القوى في 14 آذار تربط بين الدخول في سلة متكاملة وبين مسار الامور في المنطقة، ولذلك فلبنان سيبقى في دائرة الانتظار حتى تتبلور المعطيات الخارجية.