IMLebanon

احتمالات التمديد و«الستين» ما تزال قائمة إلا بطرد شياطين التفاصيل بعقل الرحمن

    إعلان بري عن إنتهاء مفعول السلة يعني ان الأمور تؤخَذ بالجملة وليس بالمفّرق

    معركة عض الاصابع ستصل  إلى ارفع مستوياتها قبل  جلسة 12 حزيران طالما تفاهم بعبدا  لم يحسم التفاصيل

صحيح انه تمّ التوافق بين القوى السياسية على مسألة النسبية كقاعدة لانتاج قانون الانتخاب ومن ثم اجراء الانتخابات النيابية على هذا الأساس، الا ان هذا الأمر ليس كافياً لإسقاط إمكانية حصول التمديد من الحسابات، وكذلك اجراء الانتخابات على القانون النافذ أي «الستين».

فالاتفاق على ما يبدو انتصر على الشكل من دون ان ينسحب ذلك على الأمور التفصيلية، وهو ما يشرع الأبواب على شتى الاحتمالات ومنها إمكانية الاطاحة مجدداً بهذا التوافق والدخول مجدداً في الدوامة.

وقد عبّر عن هذا الواقع بوضوح رئيس مجلس النواب نبيه برّي الذي نبّه إلى ان مفعول «السلة» المتكاملة قد انتهى، وأن القبول بها من قبل الذين رفضوها على طاولة الحوار لم يعد يجدي نفعاً بعد ان وصل الفأس إلى الرأس.

فالرئيس برّي كان يُدرك كامل الادراك بأن إنجاز الاستحقاقات الوطنية الكبرى لا يمكن ان يحصل بالتجزئة، وأن التركيبة السياسية الموجودة في البلد تفرض بأن يتم التعامل مع هذه الاستحقاقات على قاعدة الجملة وليس المفرق، ومن هنا ابتدع فكرته واخرج أرنب «السلة» المتكاملة على طاولة الحوار، الا انه سرعان ما أطلقت النار على هذا الطرح من كل حدب وصوب، ساعتئذٍ فضل الرئيس برّي سحب الموضوع من التداول والاكتفاء بالتفرج على ما يحصل، وهو العليم بأن ما ترفضه بعض القوى السياسية سيصل بها الأمر يوماً ما وتنادي هي به لكنها ستجد انه قد فات الأوان.

فالاستحقاقات الوطنية عند الرئيس برّي هي أقرب إلى لعبة «البازل» حيث لا يمكن اكتمال الصورة مع وجود مربع فارغ، وهو لذلك سعى لكي يكون أي تفاهم شامل لكل القضايا المطروحة، من الرئاسة مروراً بالحكومة وصولاً لقانون الانتخاب، لكنه لم يوفق، وجاء الخلاف على قانون الانتخاب ليؤكد صوابية طرحه الذي كان في وقته الهدف منه إرضاء كل الأطراف.

اما وقد حصل ما حصل فإن معركة عض الأصابع ستصل إلى ارفع مستوياتها قبل جلسة الثاني عشر من الحالي، سيما وأن اتفاقاً نهائياً لم يحصل بعد على القانون الذي ما تزال تسرح وتمرح فيه شياطين التفاصيل التي لم يستطع افطار بعبدا القضاء عليها، وهي تُهدّد بشكل فعلي التفاهم الذي حصل حول النسبية والاطاحة به لصالح حصول أمر واقع معين يحمل كل الأطراف على القبول بالتمديد للمجلس الحالي أو ربما اجراء الانتخابات على أساس القانون النافذ.

وفي هذا المجال تؤكد مصادر عليمة ان ما جرى في بعبدا، وما سبقه من اجتماعات ومشاورات اقتصر على التفاهم على العناوين العريضة لقانون الانتخاب، وأن المسائل التفصيلية تركت للقدر ومنها عتبة الفوز، والصوت التفضيلي، ومصير تصويت المغتربين الخ…، ومن هنا جاء موقف وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي أعلن فيه ان اجراء الانتخابات على أساس القانون النسبي يحتاج إلى سبعة أو ثمانية أشهر لاعتبارات كثيرة، منها ما هو متعلق بكيفية حصول عملية الاقتراع، وأخرى تتعلق بالتوقيت حيث لا يمكن اجراء الانتخابات في فصل الشتاء، وقد بدأت بعض القوى السياسية تُشير إلى هذا الواقع بوضوح، ومنها «التيار الوطني الحر» الذي تؤكد اوساطه وجود تعقيدات كثيرة تواجه عملية إقرار القانون على المستوى التقني، خصوصاً وأن القانون النسبي معقد بعد ان اعتاد اللبنانيون على القانون الأكثري، وهو ما يبعث على الاعتقاد بأن التمديد التقني لن يقتصر على أشهر قليلة بل هو يحتاج إلى وقت يكفي لتسويقه للناخبين، حيث تظهر الوقائع بأن غالبية الشعب اللبناني تجهل الاقتراع على أساس القانون النسبي، لا بل إن الكثيرين من النواب يوضعون في مواقف حرجة عندما يسألون عن كيفية التعامل مع هذا القانون على مستوى الاقتراع.

وفي هذا السياق، تؤكد مصادر عليمة حصول التفاهم السياسي على القانون، غير ان ذلك وقف على عتبة الأمور التفصيلية المعقدة والتي من شأنها إعاقة عملية الاقتراع، ومن هنا يتوجّب على المعنيين إعطاء الوقت الكافي لتوضيح مسائل كثيرة يجهلها اللبنانيون في هذا القانون الذي يتطلب وجود اختصاصيين وعلماء رياضيات لتوضيح كيفية احتساب الأصوات، وعلى أي أساس يصل المرشح إلى الندوة البرلمانية، كون ان مسألة احتساب الأصوات معقدة وتستلزم وقتاً لشرحها للناخب وكذلك للمرشح.

وانطلاقاً من هذا المشهد، لا يمكن الجزم بأن قانون الانتخاب أصبح في قبضة اليد، الا في حال نزل عقل الرحمن على المعنيين، وتم طرد الشياطين من تفاصيل هذا القانون الذي على ما يبدو ما زال عالقاً في حقل الألغام الذي يعول على مناقشات جلسة الثاني عشر من الحالي اخراجه منه.