مجلس المطارنة ينضم إلى المشكِّكين بجدِّية المسؤولين في إجراء الإنتخابات بموعدها
إحتمال إتفاق اللجنة الوزارية المكلفة بدرس تطبيق قانون الانتخاب يتضاءل
يعترف المسؤولون بوجود التباينات بين الجهات الموكل إليها أمر تطبيق القانون الجديد للانتخابات ويؤكدون تمسكهم باجرائها في موعدها في شهر أيار من العام المقبل
عاد ملف الانتخابات النيابية يتصدَّر اهتمامات الوسط السياسي والمعنيين على ضوء الإحتدام بين أهل الحكم واستمرار شد الحبال القائم والنقاشات التي يبدو منها ان انقسام المصالح السياسية يضرب عرض الحائط التشريع في ما خص قانون الانتخاب، ما جعل مجلس المطارنة الموارنة يدخل على خط التشكيك في إجراء هذه الانتخابات في موعدها المقرر في شهر أيار من العام المقبل، ويطرح سؤالاً عمّا إذا كانت الجهات التي اتفقت على القانون وعلى اقراره في المجلس النيابي هي نفسها التي تنقلب عليه في الممارسة.
ويعتبر المراقبون ان طرح مثل هذا السؤال بات مشروعاً بعد الخلافات المستحكمة بين تلك الجهات حول الآليات الانتخابية التي نص عليها القانون الذي اقرته الجهات نفسها، والذي أخذ في الأيام القليلة الماضية منحى تبادل الاتهامات بينها بعدم الجدية في اجراء الانتخابات في موعدها، وطاولت هذه الاتهامات بشكل خاص وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي أوكل إليه مجلس الوزراء مهمة الإعداد لإجرّاء الانتخابات إدارياً ولوجستياً ولا سيما من جانب رئيس ووزراء التيار الوطني الحر الذين سجلوا أكثر من ملاحظة ويفهم منها أن وزير الداخلية لا يعمل بصورة جدية لإجراء الانتخابات في موعدها وربما العكس هو الصحيح، وذلك بالرغم من تجاهله لمثل هذه الاتهامات ومضيِّه في التأكيد على أن وزارته جاهزة لإجراء الانتخابات في موعدها وذلك في الاجتماع الذي ترأسه في الأيام القليلة الماضية لهيئة الاشراف على الانتخابات فضلاً عن الخلاف المستحكم أيضاً بين رئيس مجلس النواب نبيه برّي وبين التيار الوطني الحر حول التسجيل المسبق للناخبين من جهته، وبينه وبين تيار المستقبل حول التلزيم بالتراضي للبطاقة البيومترية من جهة ثانية واشتراطه الصريح باحالة هذا التلزيم الذي يفوق المائة مليون دولار إلى إدارة المناقصات العامة.
وفي هذا السياق توقع المراقبون ان تعقد اللجنة الوزارية المكلف البحث في سبل تطبيق القانون الجديد اجتماعاً لها بعد مجلس الوزراء وذلك على وقع اتّساع الهوة بين موقفي التيار الوطني الحر ورئيس مجلس النواب ووزير الداخلية من دون توقع حدوث أي خرق للاختلاف القائم حيال التسجيل المسبق للناخبين في أماكن سكنهم والبطاقة البيومترية، من شأنه أن تبدو التساؤلات المطروحة في شأن مدى جدية المعنيين في اجراء الانتخابات في موعدها أم ان ما يحصل ما هو الا من باب تسجيل المواقف والتمهيد لخلق الذرائع في شأن تأجيل موعد الانتخابات ومنح المجلس الحالي فرصة التمديد لنفسه للمرة الرابعة.
وفي حين يعترف المسؤولون بوجود هذه التباينات بين الجهات الموكل إليها أمر تطبيق القانون الجديد للانتخابات يؤكدون تمسكهم بإجرائها في موعدها في شهر أيار من العام المقبل، وفق ما عبر عنه الرؤساء الثلاثة في أكثر من مناسبة رداً على التشكيك الحاصل على هذا الصعيد، يدفع مجلس المطارنة الموارنة الرأي العام اللبناني والمسيحي بشكل خاص إلى عدم الثقة بما يصدر عن أهل السلطة وفي هذا الملف خصوصاً، استناداً إلى معطيات توفرت عنده وليس من باب المزايدة أو التحريض على الطبقة السياسية على أمل ان يحصل التغيير المطلوب في الواقع السياسي العام من خلال الانتخابات التشريعية المرتقبة، وما ردده الرئيس برّي في لقاء الأربعاء أمام النواب من شأنه ان يزيد الموقف ضبابية ويُعزّز الشكوك التي طرحها مجلس المطارنة الموارنة على هذا الصعيد، بصرف النظر عمّا إذا كان كلام برّي جاء رداً على ما صرّح به رئيس الجمهورية أمام الإعلاميين حول شرعية التمديد ثلاث مرات للمجلس الحالي أو جاء ليبرر رجوعه عن قراره بأن تتقدّم كتلته النيابية باقتراح قانون تقديم موعد الانتخابات، وتبريره هذا الرجوع بعدم وجود قبول له عند أكثرية النواب، وما يزيد في ضبابية المشهد السياسي بالنسبة إلى إجراء الإنتخابات هو ما بات معروفاً من استمرار التباين بل الخلاف بين المعنيين بهذه الانتخابات والذي عبر عن نفسه بعقد اجتماعات اللجنة الوزارية المكلفة للبتّ بآلية تطبيق القانون الجديد، ولا سيما بين تياري المستقبل والوطني الحر من جهة، وبين تيّار المستقبل والرئيس برّي من جهة ثانية، والذي ازدادت حدته في الايام القليلة الماضية بالشكل الذي يشي بأن الهوة بين الافرقاء تزداد اتساعاً وأن المخرج في النهاية لا يكون إلا بالاتفاق على التمديد الرابع للمجلس الحالي حتى تتخلص الجهات المعنية من الأعباء الانتخابية وما يمكن ان تحمله من مفاجآت على صعيد موازين القوى الحالية.
لكن المراقبين أنفسهم ما زالوا يرون بأن هناك بريق أمل في إمكان توصل الأفرقاء المعنيين إلى صيغة توفّر لهم الطمأنينة وقد لا يستبعد ان يكون منها إدخال تعديلات على القانون الجديد بحجة إزالة التعقيدات الواردة حالياً فيه ومنها ما هو مطروح على اللجنة الوزارية المكلفة بوضع خطة لتطبيق القانون الجديد من قبل وزير الخارجية جبران باسيل والذي لا يزال حتى الساعة يلاقي معارضة قوية من قبل عدّة أطراف سياسية أخرى فاعلة على الساحة الداخلية.