Site icon IMLebanon

قوى ادارة التوحش: لا تمكين في سوريا

 

ليس ما يدور في مجلس الأمن سوى ظلّ لما يحدث على الأرض في حرب سوريا: المناورات الديبلوماسية لمندوبي القوى الكبرى هي استمرار للمعارك العسكرية بوسائل أخرى وانعكاس للمصالح السياسية. وأقصى ما تفعله هدنة موقتة ومحدودة وملغومة باستثناءات تسمح بخرقها شرعيا هو اعطاء فسحة من الوقت في حرب لم تتوقف منذ سبع سنوات لدفن الموتى ومعالجة الجرحى واغاثة المحتاجين الى الغذاء والماء. واذا كانت مهمة الأمم المتحدة، كما قال الأمين العام الأسبق داغ همرشولد ليست ايصال العالم الى الجنّة بل انقاذه من الجحيم، فان مجلس الأمن فشل على مدى سنوات في انقاذ السوريين من جحيم على الأرض رآه الأمين العام أنطونيو غوتيريس في الغوطة الشرقية ويعرف انه على امتداد سوريا وبلدان عدة في الشرق الأوسط.

 

والسؤال هو: ما الذي تفعله القوى المحلية والاقليمية والدولية التي أعلنت النصر على وحوش داعش؟. والجواب البسيط هو انها تمارس ادارة التوحش على حدّ التعبير الذي يستخدمه السلفيون قبل مرحلة التمكين حسب الكتاب الموقّع باسم مستعار هو أبو بكر ناجي. فلا طرف وصل الى مرحلة التمكين لنفسه في سوريا، وان كان هناك من يبالغ في تقدير أرباحه. لا الروس الذين قاموا بأكبر استثمار عسكري وسياسي وديبلوماسي، بحيث نجحوا من تثبيت النظام وتغيير مسار الحرب وفرض روسيا كقوة عالمية ولاعب في كل الساحات حسب العنوان الأخير في منتدى فالداي من دون ان يضمنوا تسوية سياسية تثبت أرباحهم. ولا الأميركيون الذين انخرطوا في الحرب ضد داعش بعد طول انكفاء وحموا سيطرة الكرد على نحو ثلاثين في المئة من أرض سوريا هي الأغنى بالنفط والقمح والقطن، ولم يضمنوا ديمومة نفوذهم في سوريا.

لا الايرانيون الذين خاضوا كل معارك الحرب مباشرة وعبر وكلائهم للحفاظ على الجسر السوري للمشروع الاقليمي الايراني، لكنهم لم يصلوا الى نقطة في نهاية السطر. ولا الأتراك الذين فتحوا حدودهم أمام تدفق المسلحين وساهموا في تسليح أكثر من تنظيم في اطار الاسلام السياسي، ثم انخرطوا مباشرة في الحرب عبر غزو الشمال السوري، وبقي ضمان مصالحهم في حاجة الى التعاون مع الروس والأميركيين.

ومع ان تركيبة النظام لم تتبدل خلال سنوات الحرب، في حين تغيّرت وجوه المعارضين وهياكل المعارضة وأطرها، فان من الصعب الحديث عن اطمئنان النظام الكامل الى استعادة السيطرة على كل سوريا وعن خروج المعارضين من اللعبة. والأصعب هو تصوّر خروج كل هذه القوى من سوريا التي لم تعد سوريا التي عرفناها، ولا أحد يعرف كيف تتبلور صورتها النهائية.