Site icon IMLebanon

“الأقوياء” المأزومون!

التحق اجتماع الأقطاب الموارنة الاربعة في بكركي مع بدايات ازمة الفراغ الرئاسي بمحطات الاجتهاد الفضفاض التي تطبع الانقسامات اللبنانية حتى في صلب الدستور والميثاق والطائف. بات هذا الاجتماع ضيفا يوميا على الفتاوى السياسية والصحافية طلوعا وهبوطا مع موجات ازمة الرئاسة المسدودة، فإذا بمبادرة الرئيس سعد الحريري لترشيح سليمان فرنجيه تفجر من حيث لا يدري صاحبها مكبوتا معتملا في الجانب المسيحي الماروني عنوانه أزمة الأقوياء. أمسك الرئيس نبيه بري، المقلّ جداً هذه الايام بالكلام والتعليق والموقف، بناصية الضعف في جبهة الرفض لانتخاب فرنجيه الكامنة في حصر الجانب الماروني مروحة المرشحين بالأقطاب الاربعة ليبرر للحريري ومن دعم مبادرته بأنهم اختاروا من لائحة بكركي الحصرية ولم يتجاوزوها، فلمَ إذاً شيطنة هذه المبادرة؟ ولكن يصعب تصور زعيم محنك وأعتق رئيس لمجلس النواب اللبناني تخفى عليه تفاعلات الازمة التي اودت بألاقطاب الاربعة ومعهم البطريرك راعي الاجتماع ومهندسه الى مقلب آخر شديد التأزيم، جراء عجز هذه الحصرية للترشيحات الرئاسية عن منع الإحراق المتدرج لاقطابها وما سينشأ عنه في حال سقوط الإطار الكبير الذي رسمه أقوياء الموارنة للاستحقاق الرئاسي بتعذر وربما استحالة انتخاب “الرئيس القوي” وفق مواصفات اجتماع بكركي.

والحال ان البطريرك الراعي يكرر المغامرة بكثير منها عبر دعوته الأقطاب الاربعة الى قمتهم الثانية في بكركي وسط انهيار محقق للتجربة الاولى وانعدام اي فرصة للخروج باختراق مضمون من اي اجتماع آخر. فالأزمة اكتسبت بعدا تراكميا جديدا واشد تعقيدا في بلوغ تصنيف المرشح صفة القوة التي اذا كانت تنطبق فعلا على الجانب التمثيلي للأقطاب الاربعة فإنها لم تعد مجدية بعد مرور ١٨ شهرا مفتوحة على مزيد ومزيد من عمر أزمة الفراغ. لا تتصل الأزمة بصراع الشخصانيات المارونية على كرسي الرئاسة فقط بل باتت تمس المسؤولية المسيحية التاريخية عن الحفاظ على النظام الدستوري والتمايز الذي ينبغي ان يتقدم معه اهل البيت الرئاسي في الهرمية الطائفية الى المبادرات والتسويات المؤلمة منعا لسقوط الهيكل فوق رؤوسهم ورؤوس اللبنانيين قاطبة، وهنا تماما ستكون المساءلة التاريخية للأقطاب الاربعة وبكركي نفسها في ما بلغته الازمة. سال حبر كثيف جدا في التباسات تسوية ترشيح سليمان فرنجيه وشكلياتها من جانب أحادي “طائفي” فضلا عن الجانب المتصل بالعنوان السياسي الصادم لكثيرين. ولكن الامعان في تسليط الضوء على هذه الالتباسات لا يحجب الأخطر في اشهار العجز الكامل لدى “المؤسسة” السياسية والدينية المارونية والمسيحية عن تغيير انماط ثبت فشلها وكلف سقوطها كل هذه الأضرار البالغة المرشحة لتراكم مفزع بعد. ولعل الأدهى من كل شيء ان قلة فقط من اهل البيت تعترف بهذا السقوط فيما يمضي المعاندون في الغرق بالأوهام !