Site icon IMLebanon

دستور ما قبل الطائف اعتمد على المبادئ القانونية الدستورية في «تصريف الأعمال العادية»

 

فجاء مجلس شورى الدولة اللبناني يحدّدها ويضيّقها خلافاً لمجلس الشورى الفرنسي

 

 

جاء دستور الطائف فكرَّس بنص مكتوب هذه المرة: أن لا تمارس الحكومة المستقيلة صلاحياتها إلا بالمعنى الضيّق لتصريف الأعمال.  وكأنه يريد أن يضغط على سرعة تأليف الحكومات

 

 

 

«تصريف الأعمال بالمعنى الضيق..», هذه هي حدوده:

 

1- دستور الطائف نص كتابة على مبدأ دستوري ولكنه كان متشدداً إذ نص لأول مرة على سلطة تصريف الأعمال «بالمعنى الضيق».

 

تنص المادة 64 الفقرة 2 من الدستور المعمول به في الوقت الحاضر:

 

«2- يجري الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة ويوقّع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها. وعلى الحكومة أن تتقدّم من مجلس النواب ببيانها الوزاري لنيل الثقة في مهلة ثلاثين يوماً من تاريخ صدور مرسوم تشكيلها. ولا تمارس الحكومة صلاحياتها قبل نيلها الثقة ولا بعد استقالتها أو اعتبارها مستقيلة إلا بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال».

 

إذاً فإن الحكومة (الوزراء من باب أولي) تمارس صلاحياتها قبل الثقة وبعدها بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال.

 

فما هو المعنى «الضيق» لتصريف الأعمال، كما هو وارد في الدستور اللبناني، الذي أضاف هذه العبارة التي لم تكن واردة في الدستور السابق (قبل الطائف)؟

 

وقد تبيّن ان الدكتور حسن رفاعي الذي شارك في صياغة دستور الطائف، هو الذي اقترح إضافة هذه العبارة في دستور الطائف.

 

فالدساتير هي 10% مكتوبة و90% مبادئ عامة يضعها الفقه ويحرسها القضاء الدستوري والعدلي والإداري. بالنسبة لتصريف الأعمال.

 

٢- On ne tue pas les morts

 

فالمبدأ المنصوص عنه في كل الدساتير في الأنظمة الديمقراطية ان الحكومة بوزرائها تعيش بثقة المجلس. وبعد استقالتها لا يعود بالإمكان محاسبتها من البرلمان، لهذا فإن المبدأ الدستوري يقول بلسان العالم الدستوري الفرنسي Marcel Waline: On ne tue pas les morts (فليس لجرح ميت ألم) ولكن بما انه يجب استمرارية المؤسسات الحكومية، في الفترة التي لم تعد الحكومة ووزرائها خاضعة للمحاسبة السياسية أمام البرلمان، بحكم استقالة الحكومة. فقد أوجد الفقه الدستوري نظرية «تصريف الأعمال».

 

وهذه القاعدة لم ينص عليها دستور ما قبل الطائف، بل كان معمولاً بها كمبدأ من مبادئ القانون الدستوري غير المكتوب. أما الدستور الفرنسي فهو أيضاً لم ينص عليها واعتمدت المبادئ العامة للقانون الدستوري في تطبيقها في الدستور الفرنسي في دساتير الجمهوريات 1- 2- 3- 4- 5 حول استقالة الحكومة لفقدانها الثقة ولكن الفقه أكد مفهوم «تصريف الأعمال» على انه مبدأ من المبادئ الدستورية القانونية العامة:

 

ويقول الفقه في شرح هذه المادة 50 من الدستور الفرنسي بالقول:

 

«L’activité quotidienne et continue de l’administration» et qui se traduisent par des décisions «sur lesquelles les ministres se bornent habituellement à exercer en fait un simple contrôle et à apposer leur signature», ainsi que les affaires importantes qui doivent être réglées en cas d’urgence (concl. Delvolvé sous C.F.4 avr. 1952. Syndicat régional des quotidiens d’Algérie: Rec. C.E. p. 210; S. 1952, 3. P. 49, concl. Delvolvé, RD publ, 1952, p. 1029, note Waline; JCP 1952, II, 7138, note G. Vedel), en d’autres termes, ce sont les affaires qui expriment les exigences minimales de la continuité de l’action gouvernemental et des services publics et « pour le règlement desquelles il n’y a pas de possibilité réelle de choix, si bien qu’on peut penser qu’il n’y a pas de risque de divergence de vues entre l’autorité désinvestie et celle qui lui succèdera ».

 

(Code constitutionnel- Editions du Juris-Classeur- Const., 4 oct. 1958, art. C. 50- p. 471)

 

٣- الفقه الفرنسي متساهل في حالة العجلة والضرورة

 

إذاً فالوزير تقتصر سلطته على الأعمال العادية، أما الأعمال غير العادية فيشترط فيها «العجلة» لتؤمّن الاستمرارية الحكومية ولكن يشترط فيها أن لا تحمل مخاطرة اختلاف في الرأي بين سلطة تصريف الأعمال والسلطة الأصلية التي ستأتي بعدها.

 

٤- ماذا يقول ادمون رباط؟ يقول: «الاعمال التي لا تحتمل التأجيل والأمن وسلامة الأراضي»

 

ونعود الى العلّامة ادمون رباط الذي يستقي منه الأستاذ سليم جريصاتي كل دراساته وهي دراسات تكون عادة من جزئين، جزء مؤلف من موقف ورأي العلّامة ادمون رباط ويكون في حدود 90% وجزء فيه رأي الاستاذ جريصاتي وهو 10% عادة.

 

ما هو موقف العلّامة ادمون رباط؟ يقول ادمون رباط تحت عنوان «تصريف الأعمال»1:

 

«ومن الضرورات المستحكمة في حياة الدولة، وتطبيقاً لمبدأ استمرار الإدارة، أن تبقى الوزارة «المستقيلة مولجة، وذلك بتكليف من رئيس الجمهورية، وبموجب كتاب يوجهه إليها، اثر قبوله استقالتها، بتصريف الأعمال العادية (وهو الاصطلاح المستعمل، مع ان الأصح أن تنعت هذه «الأعمال بالجارية (courantes)، لأن ثمة فرقا بين الأعمال العادية، التي لا تفترض العجلة، وبين الأعمال الجارية المشتملة أيضاً على الأعمال، التي تقضي العجلة بإجرائها (Expédition des affaires courantes). لحين تشكيل الوزارة الجديدة، واستلام كل عضو من أعضائها مهام وزارته من سلفه.

 

ولكن إذا كانت هذه القاعدة مستقرّة في النظام البرلماني، فإن الخلاف ما زال ينشب، في لبنان وغير لبنان، حول ما تحتوي عليه الأعمال العادية، التي يجوز للوزارة المستقيلة أن تظل متولية تصريفها.

 

فالمسلم به ان هذه الأعمال هي التي لا تعرّض مسؤولية الوزير أو الوزارة، الى نتائج سياسية، ما دامت هذه الوزارة قد فقدت الثقة – ثقة البرلمان وثقة رئيس الجمهورية – التي كانت تتمتع بها، ولم يعد بإمكانها ان تتخذ قرارات سياسية2.

 

ولكن المشكلة إنما هي في تحديد تلك الأعمال التي لا تعرّض مسؤولية الوزارة المستقيلة الى نتائج سياسية، لأن ما من عمل، عادياً كان أو استثنائياً، مستعجلاً كان او غير مستعجل، إلا وفي اجرائه التزاماً لتلك المسؤولية.

 

والرأي الذي يبدو أكثر دقة هو ان الأعمال العادية هي الأعمال التي لا تتحمّل التأجيل أو الارجاء لحين تأليف الوزارة الجديدة، وهو مفهوم للأعمال العادية، يقبل التضييق والتوسيع، بقدر ما تدوم الأزمة الوزارية القائمة، مما يعني ان ثمة أعمالاً عادية تستطيع الحكومة اجراءها، لأنها لا تستلزم مسؤولية كبيرة، في حين ان بجانبها أعمالاً خطيرة، من اثرها ان تعرض مسؤولية الوزارة المستقيلة الى نتائج سياسية، فتمتنع هذه الوزارة عن إجرائها، لأنها غير ملحّة، أو تضطر الى ان تجريها لأنها ضاغطة، لأسباب سياسية، كمقتضيات الأمن العام، أو سلامة الأراضي اللبنانية، أو موجبات العلاقات الدولية، أو الحرب الخارجية، أو قانونية، إذا ما كانت الأعمال المطلوبة تستدعي اتخاذ اجراءات عاجلة تحت طائلة سقوط حقوق الدولة أو بطلانها، أو تجميد مصالح الدولة والحؤول دون سيرها.

 

وحول هذه النسبية، الناجمة عن الظروف والحاجات، التي تتصف بها تحديد الأعمال العادية، الداخلة في صلاحية الوزارة المستقيلة، برزت الآراء المتباينة بشدّة، في ابان الأزمة الوزارية التي مرّت على لبنان في سنة 1969، وكانت أطول أزمة وزارية في حياته الدستورية، بل ولعل أطول ازمة دستورية في تاريخ البرلمانية، إذ دامت سبعة أشهر متوالية، استمرت بخلالها الوزارة المستقيلة، برئاسة الأستاذ رشيد كرامة، على ممارسة كافة أعمالها، في السياسة الداخلية والسياسة الخارجية، وحتى في اصدار المراسيم، وفي بعض الأحيان، في اجتماع مجلس الوزراء، بغية اتخاذ قرارات عاجلة، وذلك مع الملاحظة ان هذه الاستقالة، فإن رئيس الوزارة قد قدّمها في معرض خطاب ألقاه في مجلس النواب، بتاريخ 25 نيسان (ابريل) سنة 1969، فأعقبه، على ما يبدو، كتاب استقالة وجهه الى رئيس الجمهورية، لكن المرسوم بقبول هذه الاستقالة لم يصدر عن رئيس الجمهورية، مما سمح للبعض بأن يقول ان الاستقالة غير واقعة دستورياً، ودفعه الى الاعتبار ان صلاحيات هذه الوزارة بقيت تامة أو شبه تامة.

 

إذاً فالعلّامة ادمون رباط يعتبر الأعمال العادية، وهو يفضّل عبارة الأعمال الجارية في وصفها، ويشترط لصحة أي عمل حكومي من وزير أو من الحكومة المستقيلة أن تكون أعمالاً:

 

١- لا تتحمّل التأجيل أو الارجاء لحين تأليف الوزارة الجديدة.

 

٢- أو تكون متصلة بمقتضيات الأمن أو سلامة الأراضي اللبنانية الخ..

 

٣- ويعلن ان حكومة رشيد كرامة المستقيلة لم تقبل استقالتها مما جعل استقالتها غير واقعية.

 

ثم يحيل العلّامة ادمون رباط الى حكم أصدره مجلس شورى الدولة اللبناني في هذا الخصوص ويتبنّاه، فما هو هذا الحكم الذي يحيل إليه الدكتور ادمون رباط والصادر عن مجلس شورى الدولة اللبناني.

 

٥- اجتهاد مجلس شورى الدولة اللبناني: «الظروف الاستثنائية وأمن الدولة والأعمال التي يجب اجراؤها في مهل محددة تحت طائلة السقوط»

 

في المراجعة التي تقدّم بها السيد فؤاد اسكندر راشد ضد القرار، الذي اتخذه وزير البرق والبريد والهاتف. والقاضي بنقله من وظيفة رئيس الديوان في المديرية العامة، الى وظيفة رئيس الدائرة الاقليمية للبريد في بيروت، وذلك استناداً الى السبب بأن الوزارة التي ينتمي الوزير إليها هي مستقيلة، ولا يجوز للوزير، بسبب ذلك، أن يتخذ هذا القرار، لتجاوزه حدود صلاحياته المنحصرة بالأعمال العادية، أصدر مجلس شورى الدولة، برئاسة الرئيس عبدو عويدات وعضوية المستشارين وليم نون وميشال عبود، بتاريخ 17 كانون الأول (ديسمبر) 1969، قراراً برقم 614 تضمّن، بما يتعلق بالصدد، الحيثيات التالية:

 

«2- نطاق وماهية «تصريف الأعمال العادية»

 

حيث أن الحكم في النظام البرلماني اللبناني كما حدده الدستور هو حكم مسؤول يخضع في جميع الأعمال الى رقابة مجلس النواب، وفي الأعمال الادارية الى رقابة القضاء.

 

وحيث أن مسؤولية الحكومة تنتهي في الحالات المبيّنة آنفاً ومنها الاستقالة.

 

وحيث أن زوال المسؤولية هو الذي يحدد نطاق «الأعمال العادية» التي يوكل الى الوزارة المستقيلة تصريفها، إذ أن السماح بتجاوز نطاق هذه الأعمال يؤدي الى قيام حكومة غير مسؤولة بأعمال تخضع للمسؤولية، مع ما يترتب على هذا التجاوز من مخالفة أحكام الدستور وقواعد «نظام الحكم التي يعتمدها».

 

وحيث انطلاقاً من هذه المبادئ يجب التفريق في تحديد نطاق «الأعمال العادية» بين الأعمال الإدارية والأعمال التصرفية، وفي الأعمال التصرفية بين العادي منها والاستثنائي، كما يجب أن يستند الى النظرة التي ينظر بها تصريف الأعمال خلال الفترة الانتقالية الى مدى الحرص على المصالح العامة من مادية وسياسية واجتماعية.

 

وحيث أن «الأعمال العادية تنحصر مبدئياً في الأعمال الادارية»، وهي الأعمال اليومية التي يعود الى الهيئات الادارية اتمامها ويتعلق اجراؤها في الغالب على موافقة هذه الهيئات كتعيين ونقل الموظفين وتصريف الأعمال الفردية التي لا يمارس عليها الوزراء سوى اشراف محدود.

 

وحيث أن الأعمال التصرفية هي التي ترمي الى احداث أعباء جديدة أو التصرف باعتمادات هامة أو ادخال تغيير جوهري على سير المصالح العامة وفي أوضاع البلاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية تحت طائلة المسؤولية الوزارية.

 

وحيث أن هذه الأعمال التصرفية تخرج بطبيعتها عن نطاق «الأعمال العادية» ولا يجوز لحكومة مستقيلة من حيث المبدأ ان تقوم بها، لأن من شأن هذه الأعمال إلزام مسؤولية الحكومة أمام مجلس النواب. وان السماح لحكومة مستقيلة غير مسؤولة بإجرائها يؤدّي الى ضياع المسؤولية عنها خصوصاً إذا كانت التدابير المتخذة بشأنها قابلة النفاذ بدون أن يمارس مجلس النواب رقابته عليها.

 

وحيث أنه يستثنى منها التدابير الضرورية التي تفرضها ظروف استثنائية تتعلق بالنظام العام وأمن الدولة الداخلي والخارجي، وكذلك الأعمال الإدارية التي يجب اجراؤها في مهل محددة بالقوانين تحت طائلة السقوط والأبطال. وان ما يبرر مداخلة الوزارة المستقيلة في هذه الظروف الاستثنائية ليس نطاق الأعمال العادية الموكول إليها تصريفها إذ أن تدابيرها تخرج عن هذا النطاق، وإنما الحرص على سلامة الدولة وأمن المجتمع وعلى سلامة التشريع، وفي هذه «الحالات تخضع تدابير الوزارة المستقيلة وتقدير ظروف اتخاذها الى رقابة القضاء الاداري بسبب فقدان الرقابة البرلمانية وانتفاء المسؤولية الوزارية.

 

وحيث أنّ هذه الحدود والضوابط ترمي في غايتها الى الحرص على مصالح البلاد الحيوية من أن تهدر في فترة زوال المسؤولية الوزارية، وهي حدود وضوابط يوفرها النظام للبرلماني تأميناً «لقيام الحكم الصالح السليم».

 

ويقول العلّامة ادمون رباط:

 

«وفي هذا القرار المبدئي، لنجدنَّ خير تحديد وتصنيف للأعمال العادية، الداخلة في صلاحية الوزارة المستقيلة، والأعمال «التصرفية»، التي لا تقضي بها العجلة والمصلحة العامة، ولا يجوز بالتالي لهذه الوزارة اجراءها، ولا شك بأن نقل موظف من وظيفته الى وظيفة أخرى، هي أدنى منها، لا يتصل بنطاق «تصريف الأعمال العادية»، ولا سيما وانه لم يكن لهذا التدبير من مبرّر ناتج عن ضرورة مداهمة».

 

إذاً فإن الأعمال التصرفية التي ترمي الى احداث أعباء جديدة أو التصرف باعتمادات هامة أو إدخال تغيير جوهري على سير المصالح في أوضاع البلاد تحت طائلة المسؤولية السياسية تخرج بطبيعتها عن نطاق «الأعمال العادية» ولا يجوز لحكومة مستقيلة القيام بها إلا إذا كانت التدابير الضرورية تفرضها ظروف استثنائية تتعلق بالنظام العام وأمن الدولة الداخلي والخارجي وكذلك الأعمال الادارية التي يجب اجراؤها في مهل محددة بالقوانين تحت طائلة السقوط والابطال.

 

٦- الفقه الفرنسي يشيد بقرار مجلس الشورى اللبناني والمبادئ التي ارساها في «تصريف الأعمال»

 

والملاحظ ان المجلة القانونية الفرنسية Revue du Droit Public التي يصدرها البروفسوران Marcel Waline et Georges Berlia في عددها السنوي الصادر في سنتها السادسة والتسعين ترجمت حكم مجلس الشورى اللبناني المذكور الى الفرنسية وعلقت عليه بكثير من الاشادة بقلم البروفسور Jean-Claude Douence، (page 1115 et suite) وقد ورد في التعليق:

 

«… Tout d’abord le Conseil d’Etat a adopté une excellente formule pour distinguer les deux catégories d’actes. Plutôt que de forger une nouvelle terminologie, il a préféré reprendre une formule éprouvée du droit privé et opposer les actes de gestion et les actes de disposition. La transposition est très éclairante malgré la différence évidente d’échelle qui existe entre la gestion d’un patrimoine privé et la direction des affaires publiques. Les deux institutions reposent en effet sur une inspiration analogue et il n’est sans doute pas inutile que sur ce point comme sur bien d’autres le droit public ait recours aux données élaborées depuis des siècles par le droit privé. Au demeurant le critère du contrôle parlementaire (et de l’importance politique des mesures à prendre) sous-tend bien la distinction proposée.

 

Il faut relever d’autre part que toute définition précise lie par sa précision même la jurisprudence et par conséquent l’administration active. C’est pour éviter ce qu’il estime être un inconvénient que le Conseil d’Etat français affectionne ces fameuses «notions stables à contenu variable» qui conservent sa souplesse à la jurisprudence. En matière d’expédition des affaires courantes, le Conseil d’Etat libanais a au contraire jugé qu’il convenait d’être fort strict: le souci de la continuité de l’Etat ne doit pas faire oublier celui de la limitation du pouvoir et du contrôle parlementaire. Cette orientation mérite d’être notée car elle n’est pas fréquente à notre époque et dans cette région du monde. Il est vrai qu’il existe une soupape de sûreté que donne la notion d’urgence…

 

Par contre les «mesures d’urgence que rendent nécessaires les circonstances exceptionnelles»  voient leur légalité directement subordonnée à leur nécessite. Le juge procède à un contrôle des motifs de fait que justifient la mesure litigieuse et le contrôle est particulièrement poussé puisque, par définition même, il doit y avoir adéquation entre la mesure prise et la situation exceptionnelle ou urgente. La doctrine s’est divisée sur le point de savoir s’il ne s’agit pas d’un contrôle d’opportunité pur et simple. C’est évident si l’on fait une opposition tranchée entre légalité et opportunité. Mais la réalité est plus nuancée et l’opinion qui prévaut actuellement est que, dans de telles hypothèses, l’opportunité devient un élément décisif de la légalité. C’est, semble-t-il, la position du Conseil d’Etat, toujours soucieux de limitation du pouvoir et de protection des libertés, lorsqu’il déclare «  que dans tous ces cas, les mesures prises par le gouvernement démissionnaire, ainsi que leur opportunité, relèvent du contrôle de la justice administrative, en raison de l’absence de contrôle parlementaire et de l’irresponsabilité gouvernementale», on voit clairement que l’extension exceptionnelle des compétences gouvernementales ne saurait aller sans une extension parallèle du contrôle juridictionnel, d’autant plus que ce dernier est le seul efficace en l’espèce.

 

Telle qu’elle vient d’être analysée, la jurisprudence libanaise semble faire la part belle à l’idéologie parlementaire et ne reconnaître que parcimonieusement les exigences de la vie politique et administrative. Incontestablement le Conseil d’Etat libanais veut être plus strict à l’égard d’un gouvernement démissionnaire que son homologue français. Mais cette impression doit être nuancée si l’on envisage le régime libanais dans son ensemble comme le font les premiers considérants de l’arrêt».

 

٧- مجلس الشورى اللبناني اكثر تشدداً من مجلس الشورى الفرنسي في مفهوم «تصريف الأعمال العادية» وهذا ما جعل دستور الطائف يضيف في نص المادة 64 فقرة 2 المعنى «الضيق»

 

إذاً فمجلس شورى الدولة اللبناني أكثر تشدداً من مجلس شورى الدولة الفرنسي في تضييق مفهوم «تصريف الأعمال العادية» وهذا هو تماماً السبب الذي جعل دستور الطائف ينص صراحة على المبدأ كتابة وهو مبدأ متعارف عليه وغير مكتوب عادة، وقد نص دستور الطائف على «تصريف الأعمال العادية» مضيفا عبارة «بمعناها الضيق» الى المبدأ ليحد من سلطة الوزراء في تصريف الأعمال في الحكومة المستقيلة وربما ليكون في هذا النص ضغط من أجل أن لا يتأخّر تشكيل الوزارة الجديدة بعد استقالة الوزارة السابقة بعد تجربة حكومة رشيد كرامة المستقيلة خلال سبعة أشهر.

 

إذاً فالمقياس الذي اعتمده مجلس شورى الدولة اللبناني هو «الضرورة المداهمة» و«الظروف الاستثنائية المتعلقة بالنظام العام وأمن الدولة» و«الأعمال التي يجب اجراؤها في مهل محددة بالقوانين تحت طائلة السقوط او الابطال».

 

وهذه القيود التي تجيز للوزير او للحكومة المستقيلة الخروج عن تصريف الأعمال العادية هي ضيقة جداً وكما أوضحها الاجتهاد والفقه فهي أضيق بكثير من اجتهاد مجلس شورى الدولة الفرنسي. لهذا جاء دستور الطائف فكرّسها بنص وأضاف تأكيداً لتبنّيه المبدأ الذي أقرّه مجلس الشورى اللبناني في ظل الدستور السابق، والذي قد كان ضيق أصلاً نطاق السلطة التي يحق للوزراء وللحكومة ممارستها خلال فترة استقالة الحكومة.

 

بعد هذه النتيجة التي وصلنا إليها على ضوء تحديد الفقه والاجتهاد اللبناني، الذي ضيّق كثيراً حقل تصريف الأعمال العادية التي يجوز للحكومة وللوزراء القيام بها خلافاً للإجتهاد الفرنسي.

 

نعود الى ما يدلي به الأستاذ سليم جريصاتي.

 

وأتساءل، هل الذي أدلى به يصب في خانته أم في خانة موقفي القانوني؟

 

8- المعنى «الضيّق» يضغط على هذه الطبقة السياسية لتؤلف الوزارة.. ولعل هذا ما قصده دستور الطائف «بالتضييق»

 

الكتابة عن كل ذلك رقابة، وواجب على كل رجل قانون.

 

وكنّا نتمنى أن يسارع النواب الى ذلك قبلنا بتقديم استجوابات وأسئلة، ولكن الحياة السياسية معطّلة بسبب إستقالة الحكومة. فليكن في تصريف الأعمال بالمعنى الضيّق ضغط على هذه الطبقة السياسية لعلها تهتدي وتقلع عن البحث عن «الغلّة» في تأليف الوزارة وتقاسم الحقائب…

 

المعنى «الضيق» هو أداة الضغط الوحيدة، فلماذا يريد الأستاذ سليم جريصاتي أن يوسّع ما ضيّقه الدستور… والفقه والاجتهاد… لماذا؟

 

 

 

* محامٍ بالإستئناف – دكتور في الحقوق – رئيس الهيئة العربية للتحكيم الدولي في باريس.

 

—————-

 

1- الوسيط في القانون الدستوري اللبناني – ادمون رباط – دار العلم للملايين – بيروت – الطبعة الأولى 1970 (أيار – مايو) صفحة 798.

 

2- أتيح للإجتهاد الفرنسي بأن يتكوّن حول هذه المسألة – أنظر:

 

Marcel Lachaize, L’expédition des affaires courantes, en période de crise ministérielle, D. Ch. Hebd., 1952, p. 65 et s; Conseil d’Etat, 4 avril 1952, Syndicat des Quotidiens d’Algérie, Sirey, 1952.3.1949, conc. Delvolvé; Revue du Droit Public, 1952, p. 1029, note Waline; Juris-Classeur Périodique, 1952.2.7318, note Vedel; C.E. 19 oct. 1962, Brocas, Rev. du Dr. Pub., 1962, p. 1181, conc. M. Bernard; C.E., 22 avril 1966, Fédération nationale des Syndicats de Police. Actualité Juridique, 1966, p. 355, conc. Galmot.