يتصرف بعض سياسيي قوى 8 اذار وكأن لا حاجة الى رئيس الجمهورية «طالما ان امور الدولة ماشية من دون رئيس»، الامر الذي يوحي وكأن ما يرد على ألسنة هؤلاء خارج على المنطق، فضلا عن ان هؤلاء يغيبون عن جلسات الانتخاب لاسباب سياسية، فيما المقصود غير ذلك، قناعة من قبل هؤلاء المعنيين ان لا شيء يحول دون الوصول الى الغاية المرجوة، اي الوصول الى انتخاب رئيس بحسب ما تقتضيه المصلحة الوطنية العليا، لاسيما اننا نتطلع الى رئيس مثالي قادر على مواكبة التطورات!
من هنا يفهم الفراغ في رئاسة الجمهورية، حيث لا يعقل ان تستمر الاوضاع على ما هي عليه من شلل سياسي ومؤسساتي خصوصا لما فيه مصلحة الوطن وليس مصلحة الاشخاص بعد طول ارتهان الى سلطة الوصاية التي تطورت في هذه الاثناء من لغة سورية الى لغة ايرانية وهذا ما يبعد اللبنانيين عن دولتهم التي تحتاج تفاهما على الشؤون المصيرية وتشجع الجميع على ان يكونوا تحت جناح السلطة وليس كما هو حاصل في هذه الايام حيث يتصرف كل فريق بحسب ما تمليه مصلحته الشخصية جراء غياب الدولة المستقرة والامنة.
ولجهة ما هو مرجو بالحاح من مجلس النواب، ثمة من يجزم بان الامور العامة تخطت مصالح المواطن العادي، لاسيما بعد التمديد لمجلس النواب وبعد رفض نواب 8 اذار الانصياع الى مندرجات القانون الذي يملي انتخاب رئيس للجمهورية، حيث لا انتخابات حتى الان على رغم مرور زهاء اربعة اشهر، من دون ان يرف جفن للذين يتجاهلون ما هو المطلوب، لاعادة تصحيح الخلل في مؤسسات الدولة.
ومن جهة ثانية فان رئيس مجلس النواب نبيه بري يسعى جاهدا لاحياء مجلس النواب على اساس تشريع الضرورة الذي يكاد يتجاوز المنطق والمتعارف عليه، طالما بقيت السلطة التشريعية عالقة بمنطوق القوانين التي تمنع عليها عقد جلساتها، شرط معرفة اين تكمن ضرورة التشريع وما هي حدودها الدستورية والقانونية قبل انتهاء العقد العادي لمجلس النواب الشهر المقبل، حيث لا بد وان يكون بحث دستوري في الخارج للازمة لتحريك عجلة مجلس النواب.
والجديد على صعيد المجلس النيابي ان الرئيس بري اعرب عن استعداده شخصيا لاستضافة لبنان فكرة الحوار بين العرب وايران لحل التعقيدات القائمة من غير ان يفصح عما اذا كان ثمة مشروع لربط الافكار ببعضها، اقله بالنسبة الى ما يجب فعله لعقد حوارات بين اللبنانيين الذين تعذر عليهم بعد شهور الاتفاق على مخرج لرئاسة الجمهورية.
وفي مقابل كل ما تقدم تبدو الامور العامة على شيء من عدم وجود حلحلة لموضوع النازحين، اضافة الى ان شيئا ايجابيا لم يتحقق بالنسبة الى العسكريين المحتجزين، الا بما يقال عن ان امور هؤلاء سائرة نحو الحلحلة، فيما يعرف الجميع من دون استثناء تفاقم مشكلة النازحين الذين يزيدون الازمة السياسية والاجتماعية تفاقما، حيث لا يعقل ان يبقى اكثر من مليون ونصف مليون نازح سوري من دون ان يعرف مصيرهم!
وما يثير التساؤل هو جديد الاخبار ذات العلاقة بقرب وصول السلاح الفرنسي الى لبنان من دون تحديد ماهيته مسبقا، حيث لا بد من انتظار بعض الوقت لمعرفة كل ما له علاقة بالسلاح الذي اشتراه لبنان من هبة الثلاثة مليارات دولار من السعودية!
وما يدعو الى التساؤل في هذا الظرف العصيب هو اعتراف المجتمع الدولي بان لبنان يتصدر الدول التي تشكل الحماية الاولى للمجتمع الدولي مع الاردن والعراق الذي يحتاج بدوره الى من يمد له يد المساعدة. ومن ضمن ما يتردد في هذا المجال هو فتح الحدود الدولية امام النازحين السوريين الذين لم يعودوا يعرفون ما اذا كانوا في وارد العودة الى منازلهم، وصولا الى اعادة تركيز المهمات الانسانية وان يكون هناك تسهيل لسياسات «سمات الدخول» بما في ذلك تحديد برامج اخرى عادلة (…)
وفي السياق عينه يجمع كبار المسؤولين اللبنانيين على اهمية تحديد حاجات لبنان الملحة لمساعدة النازحين السوريين من غير ان يتأثر الشعب اللبناني بالكارثة التي تكاد تقصم ظهر جميع السوريين على السواء اضف الى ذلك ان هناك حالا ملحة بالنسبة الى النازحين من العراق الذين امكن لجهات روحية تأمين حاجات موقتة لهم، طالما بقيت اعدادهم قيد التحكم بمجريات اللجوء من العراق الى لبنان؟!