IMLebanon

الرئاسة والحكومة: مسؤولية  العودة الى الأصول

مناخ التكليف يضيف المزيد من الانفتاح الى مناخ الانتخاب. والمشهد يبدو أجمل من أن يكون حقيقة حسب القول الفرنسي الشهير. فالخطاب الوطني صار لغة الجميع. والمواقف السلبية التي سبقت الشغور الرئاسي ثم تحكّمت به على مدى عامين ونصف انقلبت في أيام الى مواقف ايجابية. وليس ذلك بالطبع من صنع عصا سحرية قادت أربع قوى أساسية في مواقع مختلفة الى انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية ثم جعلت الجميع يتصرّف كأن خطاب القسم هو كتابه. فهل ما نراه ونسمعه هو خليط من المجاملات والتهاني والآمال والارتياح الى مجرد ملء الشغور الرئاسي والتخلص من حكومة وصفها رئيسها بأنها الأسوأ والأفشل أم انه نتاج يقظة وطنية لدى معظم القوى؟ والى أي حدّ يستطيع الذين انتخبوا الرئيس ميشال عون بأكثرية ٨٣ صوتا والذين رشحوا الرئيس سعد الحريري لتأليف الحكومة بأكثرية ١١٢ صوتا أن يتفقوا على سياسات داخلية وخارجية، لا فقط على تأليف حكومة؟

مهما يكن، فان المسؤولية الأولى المباشرة في مواجهة التحديات هي على عاتق الرئيس عون والرئيس الحريري. التحدي الأول هو اعادة تأليف الحكومات الى الأصول في اطار الحرص على إتمام الاستحقاقات الرئاسية في مواعيدها الدستورية، فالشواذ صار القاعدة منذ ما سمّي الاستقلال الثاني والأحاديث عن رئيس صنع في لبنان. الشغور الرئاسي يستمر شهورا وحتى سنوات بدل انتخاب الرئيس في المهلة الدستورية.

تأليف الحكومة يستغرق شهورا ويقترب أحيانا من سنة كما في تأليف الحكومة الأسوأ والأفشل بدل ان يتم سريعا. والكل يدرك حاليا ان المعادلة هي: إما حكومة سريعة وإما معطوبية سريعة لاعادة تكوين السلطة.

والتحدّي الثاني هو نوعية الحكومة. أولا بالاصرار على أن ترشح الكتل النيابية للتوزير أفضل من لديها من أهل الخبرة، لا مجرد أهل الثقة. وثانيا بتوزيع الحقائب على الأسماء المؤهلة لكل منها، وليس بتخصيص الحقائب للكتل وترك كل كتلة تختار. وثالثا بالتفاهم على السياسات السياسية والمالية والاقتصادية والاجتماعية، لا كعناوين عامة في بيان وزاري يوضع في الأرشيف بل كمشاريع واتجاهات.

والتحدّي الثالث هو تحديد معنى حكومة الوفاق الوطني. هل هي حكومة تضم الجميع، بحيث تصبح المعارضة والمشاكسة داخل مجلس الوزراء بدل أن تكون في المجلس النيابي أم حكومة تضم المتوافقين على السياسات بحيث تصبح حكومة منتجة؟ الحريري يتحدث عن حكومة وفاق وطني تتخطى الانقسام السياسي، لكن الجلوس حول طاولة مجلس الوزراء ليس بوليصة ضمان لنهاية الانقسام السياسي، ان لم يكن تكريسا للانقسام.