توضيحٌ حسابي: ليس صحيحا انه مرَّ على الشغور الرئاسي عشرون شهرا فقط، بل اثنان وعشرون، والسبب في ذلك ان المهلة لا تبدأ في 25 أيار 2014 بل في 25 آذار 2014، اذ ان الدستور يتحدث عن مهلة الستين يوما التي تسبق انتهاء ولاية الست سنوات لرئيس الجمهورية. بهذا المعنى فإن البلد بعد أقل من شهرين، أي في 25 آذار المقبل، سيحتفل بمرور عامين على الشغور العملي في موقع الرئاسة حين بدأت مهلة الستين يوما.
انه الشغور الاطول من دون أي شك، لكنه ليس شغورا عاديا بل ينم عن خطر كبير على الجمهورية والنظام وربما الكيان. ان يبقى البلد سنتين من دون رئيس جمهورية، فهذا يعني ان البلد بإمكانه ان يعيش من دون رئيس جمهورية، ستأتي ردود كثيرة على هذه الحقيقة لتقول انها ليست دقيقة، لكن مهلا: اذا استطاع مريض الاستعاضة عن دواء أو علاج بدواء أو علاج آخرين، فهذا يعني ان الدواء أو العلاج الأساسيين بالامكان الاستغناء عنهما، هذه هي الحقيقة المرَّة، وبإمكان البعض التطنيش عليها أو القفز فوقها لكن هذا لا ينفي وجودها.
اذا التحدي الجاثم أمام الجميع هو: ليس المطلوب فقط انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بل المطلوب انتخاب رئيس يعيد الى الرئاسة رونقها وألقها، ليعود دور الحَكَم في الحُكْم، وكلما تأخر الوقت في انجاز هذه العملية، كلما اضمحلَّ دور رئاسة الجمهورية.
هذه مسؤولية تقع على عاتق القيادات جميعا من دون استثناء فرئاسة الجمهورية ليست همَّاً مسيحياً أو مارونياً فقط، انها هَمٌّ لبناني بامتياز أو هكذا يجب ان تكون، فمن يعمل على انجازها يكون يلامس الوطنية، أما مَن يوهم الرأي العام بأنه يعمل على انجازها، فيما يكون غير ذلك فإنه يكون صاحب سياسة تتميّز بازدواجية المعايير.
في الوقت الذي فُرملت فيه الانتخابات الرئاسية في المدى المنظور على أقله لجلسة 8 شباط، تحولت الانظار الى دور الحكومة الغائبة عن معاناة الناس ومتطلباتهم خاصة في ما يخص النفايات وترحيلها في درجة أولى الى مكان خارج لبنان، بالارجح هذا الترحيل الى روسيا، بسعر 123 دولارا للطن الواحد. عظيم هذا الانجاز بعد طول غياب ان لم يغب ايضا مثل ما سبقه، لأن الشفافية الحكومية غير متوافرة ان بالشركة أم باصحابها أم بالسعر المبالغ فيه لكلفة الترحيل. الشيء الوحيد المغدق به في طول وعرض البلد ان الامراض انتشرت من تفاقم النفايات، لكنها لا تقترب على ما يبدو من المعنيين بملف النفايات وضرره الصحي والبيئي، إذ ان لديهم مناعة ضد الاوبئة، ليس مثل الناس العاديين التي دفعت وتدفع من جيوبها ثمن راحة المسؤولين الكرام.