Site icon IMLebanon

أيّ «سوبرمان» للرئاسة في لبنان؟! 

 

 

 

كيف يصبح رئيس الجمهورية «سوبرمان»؟! وبأي مواصفات؟ وهل يحتاج لبنان رئيساً للجمهورية استثنائياً بمواصفات خارقة للمرحلة المقبلة؟!

 

في الواقع، يحتاج لبنان رجلاً أو امرأة، بمواصفات «عادية» لرئاسة للجمهورية! فهل هذا ممكن؟!

 

في المواصفات «العادية» المطلوبة مثلاً، أن يكون الرئيس اللبناني «لبناني»! أي أن يحترم دستور لبنان ويسهر على تطبيقه. وبالتالي، أن يحافظ على الكيان اللبناني بالاعتماد على القوى المسلحة اللبنانية من جيش وقوى أمن… أليس كل ذلك «عادياً»؟!

 

رئيس، كأي مواطن «عادي»، يحترم الدستور، ويعمل على أن يستمر لبنان فاعلاً في جامعة الدول العربية وفي محيطه العربي.

 

وأن يكون بشكل «عادي» رئيساً لكل لبنان ولكل اللبنانيين! وبالتالي ألّا يعمل لطائفة دون أخرى أو لمذهب دون آخر، وأن يحافظ على المساواة في الحقوق والواجبات بين كل المواطنين اللبنانيين الى أي جهة انتموا. أليس ذلك «عادياً»؟!

 

أن يكون متعاوناً، بشكل «عادي»، كما ينص الدستور مع المجلس النيابي لتسمية رئيس الحكومة ولتشكيل الحكومة مع رئيسها في وقت مقبول. وأن يتعاون بعدها مع الحكومة. وأن يساهم مع الآخرين بالحفاظ على المؤسسات وعلى احترام المهل، من دون «فذلكات» المعطلين للحياة العامة. أليس ذلك «عادياً؟!

 

أن يطبق الدستور لجهة فصل السلطات وتحقيق القضاء المستقل، بشكل «عادي». فالهيمنة على القضاء خروج عن الدستور، وليس أمراً «عادياً»! وهو ليس سلطة وقوة وذكاء خارقة، بل هو سوء إدارة وجهل وغباء… من الأمور «العادية»!

 

أن يكون الرئيس مواطناً صالحاً «عادياً»، و «عادياً» في نزاهته! فمن المفترض أن يكون كل مواطن صالحاً. كما أن النزاهة هي صفة يُفترض أن تتوافر في الجميع، وألا تكون صفة «استثنائية». و»العادي» هو احترام كل مواطن للقانون وللآخرين!

 

والنزاهة «العادية» هي التي توحي للرئيس بشكل «عادي» أن من أولويات الحكم هو إعادة لكل ذي حق حقه، ولكل صاحب مال ماله، وبالتالي إعادة أموال اللبنانيين المنهوبة وكل الودائع. أليس ذلك عادياً؟! أليس عادياً الاستعانة بجواد يريد الفوز بالسباق، بدلاً من جواد يرفض خوض السباق؟! أياً تكن النتيجة لاحقاً!

 

أن يكون محترماً، بشكل «عادي»! فليس المطلوب منه أن يكون «قبضاي شارع» أو «بلطجي» أو «زعوري»… بل أن يفرض احترامه ككل مواطن، بالقانون!

 

ليس مطلوباً منه أن يكون رئيساً «قوياً»، بل رئيساً قوته «عادية»، من قوة تطبيقه القانون على الجميع. فالرئيس يكون الأقوى، عندما يكون الجميع، وهو أولهم، تحت سقف الدستور والقانون.

 

أن يعمل بشكل «عادي» لمصلحة لبنان واللبنانيين، من دون أن يكون «عميلاً» أو تابعاً لأحد، أو أن يقدم أجندات الخارج ومصالح الخارج على مصلحة وطنه! وهذا هو «العادي»! فالرئيس العميل، والرئيس الذي يخضع لعميل… أو يخضع لكل شيء آخر غير مصلحة لبنان هو شاذ «جنسياً» (أي بجنسيته)!

 

أن ينفذ قسم يمينه بشكل «عادي» ككل من يقسم على علم أو دستور لبنان! وأن يقوم بعمله الرئاسي كأي موظف «عادي» يقوم بالخدمة العامة وفي القطاع العام، بنزاهة وباحترام القوانين وبالسهر على تطبيقها، مع مسؤولية قيادية وطنية «عادية» بحكم موقعه الرئاسي!

 

أن ينفذ واجبه بشكل «عادي» كما تنص مهامه كقائد أعلى للقوات المسلحة. مع كل ما يطلبه عمله كما هو منصوص عليه من صلاحيات دستورية. وأن يعمل بشكل «عادي» للاستمرار في بناء جيش قوي، محترف، عالي التسليح، قادر أن يواجه كل التحديات والتعديات على لبنان!

 

أن يكون مواطناً «عادياً» بموقع الرئيس يجعله حُكماً رجل دولة! أن يكون مجتهداً بشكل «عادي» يجعله حُكماً رئيساً ناجحاً!

 

أن يكون ذكاؤه «عادياً»! فالذكاء «العادي» يدرك أن المطلوب دائماً هو الرجل المناسب في المكان المناسب! وأن الهدر والرشوة والفساد تؤدي الى خسارة الوطن.

 

والغباء هو وضع شخص غير مناسب في موقع معين! وقلة الذكاء «الاحتيالية» و»غير العادية» هي التي يعتقد بها شخص ما، خاصة في موقع المسؤولية، أنه يجب أو يمكن أن يقتطع قسماً من المال العام لمصلحته أو لمصلحة طاولة شركائه في السلطة.

 

الرئيس السوبرمان!

 

الرئيس «السوبرمان» هو رئيس يسمع للجميع ويحترم الجميع ويعمل للجميع ويلتزم بتنفيذ القانون على الجميع بالتساوي. وليس مطلوباً لذلك أي قدرات استثنائية، بل قدرات «عادية»!

 

الرئيس «السوبرمان» هو من يطبق مبدأ بشكل «عادي» مبدأ «العدل في السوية»، من دون أي «ظلم في الرعية»!

 

الرئيس «السوبرمان» هو الذي يعمل على كل ورش الوطن في الوقت نفسه، مع حكومة ووزارات وإدارات وهيئات محلية. فلا يعتبر نفسه، وهو أمر «عادي» قادراً وحده على حل كل المشاكل!

 

الرئيس «السوبرمان» هو الذي ينجح في وجه «ما خلونا» بتطبيق «عادي» للقانون في إلغاء «المحميات» المالية، ومزاريب الهدر.

 

الرئيس «السوبرمان» يمتنع بشكل «عادي» عن الدخول في المحاصصة في الحكومات! فالمحاصصة أمر «غير عادي». وبالتالي ألا يكون له «حصة»، لأن الكل حصته هو أمر عادي! فالاكتفاء بحصة هو اضعاف «استثنائي» للرئاسة. فالرئيس «العادي» يرأس الكل، متسلحاً بما يُعرف ب «عدة الشعل»! أي بفريق عمل من مستشارين أكفاء!

 

الرئيس «السوبرمان» هو رئيس «بنطلونه بلا جياب».

 

الرئيس «غير العادي» هو رئيس يرتدي «بنطلون بجياب كثيرة»، هو، و/أو زوجته، و/أو أولاده، و/أو أزلامه، و/أو أصدقاؤه من المتعهدين والتجار والمصرفيين… أي من المستفيدين «غير العاديين»!

 

الرئيس «السوبرمان» هو الذي يلتزم بتطبيق القانون بوجه من يعتبر نفسه فوق القانون! ومن يلتزم بمصلحة الوطن بوجه من يريد مصلحة فئة واحدة على حساب الفئات الأخرى! أليست هذه أموراً «عادية»؟

 

والأهم أن الرئيس «السوبرمان» هو الذي يزين الكرسي ولا تزينه الكراسي! هو القادر على إعطاء قيمة للكرسي الرئاسية، ولا يحتاج أن يأخذ قيمته منها!

 

أي مرشح لرئاسة الجمهورية في لبنان (وفي كل مكان)، يتمتع بصفات قيادية، يستطيع أن يكون رئيساً «سوبرمان» إذا كان مواطناً صالحاً!

 

*كاتب ومحلل سياسي