Site icon IMLebanon

الرئاسة ليست مجرد سراب؟!

 

فيما يكثف رئيس مجلس النواب نبيه بري مساعيه لعقد جلسات نيابية تشريعية، تحركت اوساط سياسية على موجة القول انها تقبل ببحث المواضيع الملحة ليس الا، في الوقت الذي اوضحت اوساط  سياسية اخرى، ان لا مجال امام اي كان للبحث في مواضيع تشريعية عادية، بقدر ما قالت ان المواضيع الملحة تنحصر ببحث مشروع قانون الموازنة،  بما في ذلك مشروع قانون الانتخابات النيابية فقط، كونها ستقاطع اية جلسة  عادية وكي لا يقال انها ستشرع قضايا ومواضيع غير ملحة، في ظل الفراغ  في رئاسة الجمهورية، كي  لا يقال ان «الدولة ماشية من دون رأس»!

الذين من اصحاب وجهة النظر هذه هم الاحزاب والتيارات المسيحية التي فاجأهم قول رئيس المجلس انه في صدد الاعداد لجلسات تشريعية من دون العودة الى الكتاب – الدستور الذي يحول دون عقد اية جلسة لا يبحث فيها موضوع الفراغ الرئاسي، مع ما يعنيه ذلك من امكان مقاطعة الجلسات التشريعية من قبل النواب المسيحيين، فيما هناك اتجاه مماثل لدى فريق كبير من النواب غير المسيحيين الذين سيقاطعون الجلسات التشريعية كي لا يفسر موقفهم بانهم راضون عن عدم وجود رئيس للجمهورية؟!

المهم في نظر بعض من يهمهم الامر، تجنب حدوث شرخ في مجلس النواب او بينهم وبين الرئيس بري بالتحديد لاسيما ان الاخير لم يستطع تأمين عقد استثنائي لمجلس النواب، ما يعني ايضا ان مجالات التشريع في غير الامور الاستثنائية لن يكتب له النجاح، مهما تباينت النتائج، حتى ولو حصل خلاف سياسي – رسمي مع الرئيس نبيه بري الذي يمكن ان يفسر المقاطعة وكأنها موجهة ضده فيما الواقع غير ذلك، بحسب  اجماع من يعنيهم الامر، خصوصا ان نوابا ابلغوا رئيس المجلس صراحة انهم ليسوا مع عقد جلسات تشريعية قبل انتخاب رئيس للجمهورية مع ما يعنيه ذلك من تباينات قانونية – دستورية؟!

وثمة خشية لدى رئيس مجلس النواب من ان يسري مفعول عدم انتخاب رئيس للجمهورية على نشاط المجلس، ان لجهة التشريع او لاية جهة اخرى، لاسيما ان من حق بعض النواب المسيحيين مقاطعة التشريع كي لا يسيروا في اتجاه القبول بنشاط عادي وطبيعي للمجلس، فيما هناك فراغ في الرئاسة الاولى ما كان ليحسب في سياق «الكباش السياسي» لولا ان المنصب شاغر لانه يخص الطائفة المارونية قبل ان يكون يخص جميع اللبنانيين على السواء (…)

وهناك اهمية اخرى يعول عليها الرئيس بري وهي القاتلة ان تعقيدات الانتخابات الرئاسية لا تعود الى مقاطعة الطوائف الاسلامية، حيث ان المعروف ان الاغلبية  المسيحية (التيار الوطني) هي من يقاطع جلسات الانتخاب بحسب ما دلت عليه المناسبة التي تكرر عقد جلساتها من غير ان يتأمن النصاب اللازم لذلك، على رغم التباين بين من يرى رأى الرئيس نبيه بري بالنسبة الى نوعية عقد الجلسات باغلبية الثلثين زائدا واحدا  وبين ان يرى انه يكفي عقد الجلسة بالاغلبية المطلقة.

من هنا يفهم المواطن العادي مقاطعة الجلسات التشريعية من جانب النواب المسيحيين الا في حال كانت المواضيع تحمل الصفة الاستثنائية العاجلة التي يصح القول عنها انها من ضمن تسيير عمل مؤسسات الدولة، واي تفسير آخر لن يجد من يلبي طلب عقد الجلسات لمجرد ان هناك من يسعى عن سابق تصور وتصميم ان تخفي المعنى الحقيقي للدستور والاعراف ما يحول دون انتخاب رئيس للجمهورية على رغم مرور اكثر من ثلاثة اشهر على الفراغ الرئاسي، واي تفسير آخر لا بد وان يأتي من خارج الحتمية الدستورية التي تستدعي انتخاب رئيس الجمهورية.

وثمة من يجزم في هذا الصدد بان الفراغ الرئاسي  يكاد يصبح مقصودا، حيث لا يعقل ان يكون في البلد رئيس لمجلس النواب شيعيا كما يكون رئيس للحكومة سنيا من غير ان يكون في موازاتهم رئيس ماروني – مسيحي، لاسيما اننا لسنا في صراع بقاء، الا في حال تكريس هذا الخطأ الفادح والفاضح في آن خصوصا عند ظهور مؤشرات توحي بان المنصب سيبقى من دون رئيس، في ظل موافقة شيعية – سنية من المستحيل  قول المعنيين بها انهم براء من عدم وجود  الرئيس الاول؟! 

الى هنا يفهم البعض كيفية البحث في عقد جلسات تشريعية، من دون مقاربة جلسة انتخاب الرئيس، مع ما يعنيه وذلك من تجاهل  لواقع الامر حيث لكل حقه  فيما الحق المسيحي ضائع بين من لا يرضى في ملئه وبين من يتطلع الى مصلحة ذاتية من المستحيل عليه تأمينها، خصوصا ان البلد حافل بمشاكل وقضايا وتعقيدات من الصعب الخوض فيها بمعزل عن رئيس جمهورية يقوم بواجب الحفاظ على المصلحة العامة التي يراها بعضهم مجرد سراب؟!