بات محسوماً انتخاب الرئيس نبيه بري لولاية جديدة الأسبوع المقبل، في ظل الإتصالات التي جرت في الساعات الماضية، وبعيداً عن الأضواء بين الكتل النيابية، بمن فيهم النواب «التغييريين»، وحيث تم التوصّل إلى اتفاق يقضي عدم تعطيل الجلسة، أو أن يطرح أي نائب من «التغييريين» ما هو مخالف للدستور والأعراف، درءأ لأي فتنة طائفية، لأن هكذا طروحات قد تشعل الساحة اللبنانية ، حيث تصل الأمور إلى ما لا يحمد عقباه، وعليه بات السيناريو حتى الساعة، بأن يصوّت النواب «التغييريون» بورقة بيضاء، في وقت حسم فيه «اللقاء الديموقراطي» خياره بانتخاب بري، وإن لم يكن ذلك رسمياً، بحيث ثمة أجواء عن لقاء قريب قد يُعقد في الساعات القليلة المقبلة لـ «اللقاء الديمقراطي»، ويصدر عنه بيان حول انتخابات رئاسة المجلس، إلى موقف سياسي واقتصادي في ضوء ما حصل في البلد اليوم من انهيار غير مسبوق على أكثر من صعيد.
وعلم أن «اللقاء الديموقراطي» لن ينتخب أي مرشح من «التيار الوطني الحر» لنيابة رئاسة المجلس، وهذا الأمر محسوم. وفي هذا السياق، ينقل وفق المتابعين والمواكبين للإتصالات الجارية، بأن عملية انتخاب نائب لرئيس المجلس لم تُحسم بعد، على الرغم من كثافة الإتصالات التي تجري في هذا الإطار، وهناك معلومات عن مساعٍ قام بها حزب الله مع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، بغية تسهيل عملية الإنتخاب، في وقت علم أن الإتصالات الجارية على غير خط وصعيد، وتهدف إلى التوصّل لتسوية ما، كي يتم تجاوز المطبّات والخلافات، وما قد ينتج من خلافات إضافية بفعل هذا الإستحقاق.
ولكن، ووفق آخر الإتصالات، فإنه لم يحدث أي تطوّر إيجابي يمكنه حسم من سيكون نائباً للرئيس، إنما ثمة خرق حصل، ويقضي بإبعاد هذه الإنتخابات عن الإستحقاقات الأخرى، بمعنى أن البعض يرفع من سقف شروطه للسير بالتسوية، في مقابل أن يكون له دور من خلال تسمية الرئيس المكلّف، وصولاً إلى التأليف وحصة وازنة في الحكومة العتيدة لفريقه السياسي، وهذه المسألة هي التي أعادت خلط الأوراق وعقّدت التوافق حول عملية انتخاب نائب رئيس المجلس العتيد، ولكن ثمة أجواء بأن الساعات المقبلة ستحسم الكثير من الخيارات المطروحة على بساط البحث، وهناك من يشير إلى أن الأمور ستسلك طريقها الطبيعي نهاية الأسبوع الحالي.
وعلى خط موازٍ، فإن المتابعين للمسار السياسي الراهن، يؤكدون بأن لبّ المشاكل يكمن في كيفية تمرير الوضع الحكومي بعيداً عن المناكفات والشروط وتصفية الحسابات السياسية، لا سيما على خلفية ما أفرزته الإنتخابات النيابية من نتائج، وفي هذا الصدد، فإن الأجواء تؤكد أن المؤشّرات تصبّ في خانة رفض «التيار الوطني الحر» إعادة تكليف الرئيس نجيب ميقاتي لتشكيل حكومة جديدة، أو حتى استمرار حكومته في تصريف الأعمال حتى نهاية العهد الحالي، وبالمقابل فإن استمرار الإنهيار الإقتصادي والمالي، مخالف لكل هذه التوقّعات والشروط، بمعنى أنه لا يمكن دخول البلد في فراغ حكومي، أو إطالة أمد التكليف والتأليف، ولو لشهر واحد، وبناء عليه، فإن الإتصالات الداخلية والخارجية تصب في خانة بقاء الحكومة الحالية لتصرّف الأعمال إلى حين انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وأقلّه أن تواكب وتتابع القضايا الإقتصادية والمالية والمعيشية، وإن كانت لم تجترح المعجزات لا ماضياً ولا حاضراً، إنما وفي ظل ما يجري اليوم من انحدار غير مسبوق للقضايا الإجتماعية والحياتية، فبقاء الحكومة أفضل من الفراغ، وهذا ما تقرّ به أكثر من مرجعية سياسية وحزبية.