دولة الرئيس الشهيد,
كثيرون أمثالي لا ينتظرون ذكرى اغتيالك بأيدي الإجرام والغدر, حتى يذكروك بشخصيتك الباهرة, وبإنجازاتك الناجحة, أو بأعمالك الخيرية الخالدة, في القلوب وفي العقول.
أنت غادرت هذه الدنيا الفانية إلى دار الخلود, ولكن طيفك ما زال أمامنا, بل يلازمنا حيث توجهنا في بيروت, وفي مختلف المناطق اللبنانية, حيث بصماتك, ومنجزات مسيرتك الإنمائية الغنية, تعيد لنفوسنا ذلك الوهج الذي عشناه في تلك المرحلة الذهبية من تاريخ لينان.
دولة الرئيس الشهيد,
عندما تركتنا بغتة في ذلك اليوم المشؤوم, شعرنا أن الزمن توقف, والبلد دخل في دوامة من الاهتزاز المستمر, والدولة أصيبت بشلل نصفي, سرعان ما أدى إلى تعطيل فعاليتها, وأفقدها ما تبقى من هيبتها, وسادت لغة التهديد والتخوين, وغاب صوت العقل والاعتدال عن طاولات الحوار, التي تعددت دوراتها, وتنوعت إداراتها, ولكنها لم تنفع في مداواة حالة العقم والعجز التي هيمنت على الطبقة السياسية.
دولة الرئيس الشهيد,
دماؤك الزكية أزهرت في ذلك اليوم التاريخي من آذار, لقاءً مليونياً حاشداً، حقق انصهاراً وطنياً نادراً بين شباب لبنان, وشجّع المراهنين على معركة الحرية والاستقلال والسيادة, على المضي قدماً في المواجهة لإعادة الشرعية إلى الدولة, وتعزيز دور الأجهزة والإدارات العامة في تنظيم أمور الناس, ومعالجة مشاكلهم.
ولكن القيادات لم تكن على مستوى طموح الشباب, وآمالهم الكبيرة ببناء دولة المؤسسات, فكان أن غاب المشروع السياسي عند مجموعة ١٤ آذار, وفتك مخرز الاغتيالات بعيون وأجساد الشهداء الأبرار, وأكملت الخلافات الشخصية والحزبية على ما تبقى من ذلك الأمل, الذي لمع نجمه يوم ١٤ آذار.
دولة الرئيس الشهيد,
لن نطيل عليك حديث أوجاعنا ونكساتنا, فوطأة الآلام تشتد علينا يومياً, وما يزيد من مشاعر الوهن والإحباط التي تلف حياتنا هذه الأيام, هو إدراكنا بأننا لم نحافظ على ما تركته لنا من إنجازات وإصلاحات في الميثاق والدستور, ولم نعمل بوحي ما تركته لنا من قيم ومبادئ, وعِبَر ودروس في تجربتك الغنية, وانشغلنا بما هو زائل من نِعَم ومغانم, وتركنا قرار السلطة والحكم لمن يطمع بالتفرّد, ويسعى للهيمنة.
دولة الرئيس.. سامحنا!