IMLebanon

الرئيس المكلَّف يستكمل مهمة التأليف متسلحاً بالتوافق السياسي ودعم المواطنين والمجتمع الدولي

الرئيس المكلَّف يستكمل مهمة التأليف متسلحاً بالتوافق السياسي ودعم المواطنين والمجتمع الدولي

التوفيق بين المطالب المطروحة ضمن الممكن وجمع الأطراف تحت سقف حكومة الوحدة الوطنية

 

 

كل الأطراف السياسية وحتى الخصوم السياسيين، على قناعة بضرورة المساعدة في عملية التشكيل وقيام الحكومة الجديدة بمهماتها بأسرع وقت ممكن

ما يزال موضوع تشكيل الحكومة الجديدة يستأثر باهتمام الوسط السياسي والرأي العام على حدٍ سواءٍ، لما ترمز اليه قيام حكومة جديدة من مؤشرات تنعكس إيجاباً على الوضع العام من كل جوانبه، وما تؤثر فيه بانتظام الوضع السياسي واستكمال تنفيذ المشاريع المطروحة للنهوض بلبنان.

هناك من يلحّ على استعجال التأليف اليوم قبل الغد، نظراً لحساسية الأوضاع الإقليمية المتسارعة ولضرورة المباشرة بالخطوات اللازمة لمعالجة الأوضاع الاقتصادية الدقيقة التي يُعاني منها لبنان منذ فترة، وكل تأخير في عملية التشكيل سيزيد من عبء وتكلفة المترتبات على اللبنانيين، فيما يعتبر البعض الآخر أن إنجاز التشكيلة الحكومية الجديدة يتطلب مزيداً من الوقت لكي يتم تجاوز العقد والصعوبات التي تعترض عملية التشكيل.

وبين وجهتي النظر المطروحتين، تزداد مطالب الكتل والأطراف جنوحاً نحو الفوز بما تتمناه من مقاعد وحقائب وزارية وازنة مقابل خصومها السياسيين وترفع سقوف مطالبها إلى حدود شبه مستحيلة، تارة بحجة حجم تمثيلها النيابي الكبير وتارة أخرى بأحقيتها الميثاقية وما شابه من بدعٍ واستنباط أعراف لم يألفها واقع تشكيل الحكومات من قِبل.

وبين وجهتي النظر المذكورتين، يواصل الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري اتصالاته البعيدة عن الإعلام مع الأطراف المعنيين لتذليل العقد والصعوبات والتوفيق بين المطالب المطروحة وما هو ممكن تحقيقه في إطار التشكيلة الحكومية المرتقبة وضمن الاحجام الطبيعية لهذه الأطراف، بعيداً عن طموحات البعض بالاستئثار أو الهيمنة على منافسيهم السياسيين أو محاولات الإبعاد عن الحكومة الجديدة.

وانطلاقاً من هذه المعادلة  الدقيقة والصعبة في آن واحد، تندرج المواقف الإيجابية للعديد من الأطراف السياسيين لتسهيل مهمة الرئيس المكلف ومن خلالها يُمكن اختبار مدى جديتها وصدقيتها في تسريع عملية التأليف، في حين ان التشبث برفع سقف مطالب كل طرف بما لا يتماشى مع هذه المواقف الإيجابية المعلنة، يعني عملياً تعقيد مهمة تشكيل الحكومة ووضع العصي في الدواليب، وإطالة أمد قيام الحكومة الجديدة إلى نحو غير معلوم، خلافاً لكل الادعاءات والمواقف المعلنة.

ومع ان الوقت ما يزال مبكرا لمعرفة وتقصي كل المواقف على حقيقتها ومدى التزام الأطراف السياسيين بجدية تسهيل مهمة الرئيس المكلف استنادا إلى عدد النواب الكبير الذين أيدوا تسميته لتشكيل الحكومة العتّيدة، يتسلح الرئيس الحريري بهذه الثقة للانطلاق في عملية تأليف الحكومة وبالرغبة الشعبية التي عبّر عنها اللبنانيون تجاه تسلمه المسؤولية أكثر من مرّة ولا سيما إبان أزمة استقالة الحكومة السابقة في شهر تشرين الثاني الماضي ومطالبة الغالبية الساحقة منهم بعودته عن استقالته يومذاك، ليمضي قدماً في مهمته آخذاً بعين الاعتبار الاحجام والتوازنات السياسية التي يُمكن ان تضمنها الحكومة الجديدة، بما يمكنها ان تضم أكبر عدد من الأطراف والكتل السياسية تحت سقفها، ويؤمن لها انطلاقة قوية وفاعلة كي تواصل مهمة تثبت الاستقرار السياسي والأمني ومقاربة الملفات والمشاريع الملـحّة والمطروحة ولا سيما عملية النهوض الاقتصادي في البلد بعيداً عن المشاحنات و التجاذبات السياسية المعهودة لوضع الحلول والمعالجات المطلوبة لما يعانيه لبنان حالياً.

ويضاف إلى ذلك، الثقة الدولية التي محّضها المجتمع الدولي للرئيس الحريري من خلال مؤتمر «سيدر» ومؤتمري روما وبروكسل2، للنهوض الاقتصادي، ولترسيخ الأمن والاستقرار من خلال دعم الجيش والقوى الأمنية على إختلافها والمساعدة في تحمل أعباء اللاجئين السوريين على الأراضي اللبنانية. فهذا عامل إضافي ومهم ينطلق منه الرئيس المكلف الى جانب الثقة الكبيرة من الشعب اللبناني ليقارب ملف تشكيل الحكومة الجديدة، ليتجاوز مطالب هذا الطرف التعجيزية أو المطالب غير المعقولة للأطراف الآخرين ليستكمل مهمته حتى النهاية وينجح بالنهاية في تشكيل الحكومة العتيدة التي تنتظرها مهمات صعبة ولكنها ليست مستحيلة في حال استمرت الأجواء التوافقية التي سادت عمل الحكومة السابقة وتكرست بتسمية الرئيس الحريري لتأليف الحكومة الجديدة.

فهذه الوقائع كفيلة بدعم وتسريع مهمة الرئيس المكلف بالرغم من كل ما يطرح من هذا الطرف أو ذاك، لأن كل الأطراف السياسية وحتى الخصوم السياسيين، على قناعة بضرورة المساعدة في عملية التشكيل وقيام الحكومة الجديدة، بمهماتها بأسرع وقت ممكن نظراً إلى حاجتهم إليها بعد تسارع الأحداث بالمنطقة ولأن تجارب تسمية رئيس الحكومة بديل موالٍ لهم فشلت فشلاً ذريعاً أكثر من مرّة سابقاً.