IMLebanon

الرئيس المكلف يتسلّح بأجواء التوافق لإنجاز عملية تشكيل الحكومة بسرعة

الرئيس المكلف يتسلّح بأجواء التوافق لإنجاز عملية تشكيل الحكومة بسرعة

وقائع مقلِقَة داخلياً وخارجياً تفرض على كل الأطراف تسهيل ولادة الحكومة العتيدة

 

لا تقتصر عوامل تسريع تشكيل الحكومة الجديدة على المشاكل والقضايا الداخلية  فقط، فهناك أمور ومسائل أخرى لها ارتباط بالداخل والخارج معاً

ظللت أجواء التوافق والتهدئة السياسية آلية تسمية رئيس الحكومة وما تبعها من استشارات نيابية لتشكيل الحكومة الجديدة، بالرغم من محاولة أكثر من طرف رفع سقوف مطالبه بالحصص والحقائب الوزارية التي تفوق حجمه النيابي، أو سعي البعض الآخر لتقليص حصة خصومه السياسيين خلافاً لحجمهم التمثيلي بعد الانتخابات النيابية أو محاولته اقتصاءهم عن المشاركة في الحكومة العتيدة.

هل تنسحب أجواء التوافق على عملية التشكيل أم تُعرّقل طموحات البعض واصرارهم على حصص وحقائب نوعية اكتمال عقد الحكومة وتؤخر ولادتها إلى حين؟

يلاحظ بوضوح ان تسريع خطى تأليف الحكومة الجديدة واختصار الوقت وتجاوز العديد من المطبات وتداعيات الحملات الانتخابية، يدلّ على ان هناك رغبة قوّية من الأطراف الاساسيين بتسهيل عملية تشكيل الحكومة الجديدة، حتى مع استمرار التباين والخلاف في ما بينها على العديد من القضايا المحلية أو المسائل الإقليمية المعقدة، باعتبار ان إعاقة عملية التشكيل أو اطالة امدها أكثر من المعتاد وتحت أي مطلب أو سبب خاص لتحقيق مكاسب معينة، سيلحق الضرر بالمصلحة العامة للوطن ككل ويترتب عليه انعكاسات سلبية سترتد على الجميع من دون استثناء.

فهناك مسائل وقضايا ومشاكل بالداخل تتطلب تأليف الحكومة الجديدة بسرعة كي تتولى استكمال الإجراءات والتدابير اللازمة التي بدأتها الحكومة المستقيلة طوال الأشهر الماضية ولا تحتمل التأجيل والمماطلة ولا سيما منها النهوض بالوضع الاقتصادي والمالي وذلك من خلال وضع مقررات مؤتمر «سيدر» موضع التنفيذ العملي واتخاذ كل الإجراءات والخطوات المرافقة على الصعيد الحكومي لمواكبة هذه العملية والبدء بورشة الإصلاحات الإدارية المطلوبة بلا تردّد والقيام بحملة شفافة لمكافحة الفساد في المؤسسات والإدارات العامة بعيداً عن المحسوبيات والاستزلام لهذا الطرف أو ذاك، كذلك يتطلب الأمر تأمين الحاجات الضرورية للمواطن والتي أصبحت موضع شكوى مستمرة، كالكهرباء، ومعالجة مشكلة النفايات وتوفير مياه الشفة وحل أزمة السير التي ترهق تنقلات المواطنين وباتت وكأنها أصبحت مستعصية، ناهيك عن مشاكل ومسائل أخرى تتعلق بتسيير أمور النّاس اليومية في الإدارات والمؤسسات العامة وغيرها.

ومن ضمن هذه المشاكل بالداخل أيضاً والمرتبطة خارجياً، مشكلة النزوح السوري وكيفية التعاطي مع هذه المشكلة التي باتت تضغط بقوة على مفاصل الدولة وتؤثر سلباً على الوضع المعيشي والاجتماعي للبنانيين كافة، بالرغم من كل الإجراءات التنظيمية التي اتخذتها الدولة للتخفيف من وطأة النزوح السوري على اللبنانيين، في حين لا تبدو مؤشرات عودة هؤلاء الى سوريا متوفرة حتى اليوم استناداً إلى تعثر ولادة الحلول المطروحة لحل الأزمة السورية وعدم انقشاع أي بوادر مشجعة بهذا الخصوص، بل على عكس ذلك تماماً فإن تصرفات وممارسات النظام السوري تجاه اللاجئين لا تبعث الأمل بإمكانية عودتهم إلى بلادهم في وقت قريب.

ولا تقتصر عوامل تسريع تشكيل الحكومة الجديدة على المشاكل والقضايا الداخلية فقط، فهناك أمور ومسائل أخرى لها ارتباط بالداخل والخارج معاً، واهمها تصاعد المواجهات المحتدمة بين إسرائيل وإيران في سوريا والتي يخشى من تطورها نحو الأسوأ مع الانقلاب الأميركي على اتفاقية الملف النووي الإيراني وقيام الإدارة الأميركية بفرض سلسلة متدرجة من العقوبات الموجعة ضد إيران وكبار القياديين في «حزب الله» والتي تشكّل منعطفاً هاماً بالسياسة الأميركية المتبعة تجاه إيران والخشية من تداعياتها على الداخل اللبناني ولو جزئياً بسبب الارتباط الكلي للحزب مع إيران ونظامها، مادياً وسياسياً وعسكرياً.

ويبدو ان كل هذه الوقائع المقلقة داخلياً وخارجياً تستوجب من الطاقم السياسي التخفيف من مطالبه وشروطه وتقليص متطلبات عملية تشكيل الحكومة ومساعي ولادة الحكومة الجديدة إلى أقصر مُـدّة ممكنة قياساً على ما كان يحصل خلال تشكيل أي حكومة في السابق، لتسهيل تأليف الحكومة بسرعة وتمكينها من المباشرة بالمهمات الثقيلة المنوطة بها في وقت معقول، تداركاً لأي تداعيات سلبية محتملة لما يحصل بالجوار وداخلياً على حدٍ سواء.

يبقى ان استكشاف مدى استمرارية أجواء التفاهم والانسجام بين كبار المسؤولين والمعنيين يُمكن اختباره فعلياً لدى وضع مسودة التشكيلة الحكومية موضع البحث الجدي، وعندها يُمكن معرفة ما يُمكن أن يقدمه كل طرف سياسي من تنازلات لتسهيل عملية التأليف وتسريع انطلاقة الحكومة الجديدة، وعندها تنكشف النوايا الحقيقية لكل الأطراف من دون استثناء ولذلك، لا بدّ من انتظار الأيام الليلة المقبلة وترقب ما يمكن أن تؤول إليه الاتصالات والمشاورات العلنية وغيره باتجاه تشكيل الحكومة العتيدة، وعندها يُمكن معرفة قياس الوقت التي تحتاجه عملية التأليف، وعما اذا كانت أجواء التفاهم والتهدئة ستظلل العملية أم تنقلب عليها نزولاً عند مصلحة هذا الطرف أو ذاك.