IMLebanon

رئيس الجمهورية قد يضطر يوماً إلى سرد كل الوقائع

 

 

الرئاسة “تجاوبت” لكنّها مقتنعة: الحريري “عاجز” عن التأليف

بعد أيام قليلة من إعلان رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط عدم ممانعته توسيع الحكومة لتكون من 20 أو 22 وزيراً، ما يعني التنازل عن حصرية التمثيل الدرزي، لينزع فتيل اللغم الدرزي من الحكومة، عاد إلى المربع الأول: تفعيل حكومة حسان دياب المستقيلة.

 

في الواقع، فإنّ جنبلاط الزعيم الدرزي مهجوس بحركة المتغيرات الاقليمية، كما بحراك الشارع الذي يأخذ منحى تصاعدياً ينذر بمزيد من التوتر والشغب طالما أنّ السلطة تعتمد سياسة التطنيش واللامبالاة وتقاذف المسؤوليات من باب رفض تقديم أي تنازل، بانتظار أن تقضي التقاطعات الخارجية أمراً كان مفعولا!

 

وحين تيقّن الزعيم الدرزي أنّ مبادرة مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم، لا تزال مكانها، لاعتبارها من جانب “المستقبليين” مفخّخة من جانب الفريق العوني بشكل لا يسمح لها بتجاوز العقبات والعراقيل ويراد لها بالنتيجة أن تحرق في أرضها، عاد جنبلاط ليستنجد بالحكومة “المتوفاة”.

 

وبالفعل، يقول أحد المقربين من رئيس الحكومة المكلّف إنّ مبادرة ابراهيم لم تحمل طابعاً رسمياً، وهي لم تستدرج أي موقف من جانب الرئاسة الأولى لجهة تبنيها واعتبارها تقدّماً جدياً في مصير المشاورات الحكومية. وفق هؤلاء كان يفترض بدوائر القصر أن تسارع إلى تحديد موعد للرئيس المكلف للتداول في الشأن الحكومي، “هذا لو افترضنا أنّ الرئاسة الأولى جدية ازاء ما نقله ابراهيم”.

 

لكن لهؤلاء قراءتهم التي تقول إنّ الرئاسة لا تزال عند استراتيجيتها، وهي لم تتقدم أي خطوة الى الأمام، وكل ما تحاول فعله هو تحصين موقع رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل ومستقبله. ولهذا فإنّ الكلام عن تباين بين الرئيس ميشال عون وباسيل، ليس في محله، كما يقول المقربون من رئيس الحكومة المكلف، لا بل إنّ رئيس الجمهورية يغطي باسيل، والكلام عن خلاف هو مجرد دخان لذرّ الرماد في العيون.

 

أما وفق العونيين، فإنّ أساس العلّة ليس في المبادرة وإنّما في عدم قدرة الحريري على التأليف، وهي القاعدة التي دأب العونيون على التذكير بها منذ تكليف رئيس “تيار المستقبل”، حيث يعتبرون أنّ الرجل عاجز عن القيام بهذه المهمة، وبالتالي إنّ الحجج التي يسوقها ليست سوى من باب تغطية هذا العجز لا أكثر. ويشيرون إلى أنّ الطرح الذي حمله ابراهيم يعود إلى الجلسة الثالثة التي جمعت رئيس الجمهورية برئيس الحكومة المكلف، حيث اقترح الأخير أن يجيّر لرئيس الجمهورية مع “التيار الوطني الحر” خمسة وزراء فضلاً عن الوزير الأرمني لتكون وزارة الداخلية من ضمن هذه الحصة، لكن الحريري عاد في الجلسة الرابعة وتراجع عن طرحه بحجة أنّ الشارع السني يرفض أن يتخلى “المستقبل” عن حقيبة الداخلية.

 

ويشير هؤلاء إلى أنّ ابراهيم قرر احياء هذا الطرح وعرضه على رئيس الجمهورية الذي أكد أمام مدير عام الأمن العام أنّ الحريري ليس في وراد تأليف حكومة ومع ذلك لم يعترض على الطرح، مع محاولة اللواء ابراهيم “تجريب حظه” مع رئيس الحكومة المكلف، تحت عنوان أنّ الأخير يبدي تعاونه واستعداده.

 

إلا أنّ هذه الجولة انتهت أيضاً إلى لا شيء. يقول مطلعون على موقف رئيس الجمهورية إنّ اللواء ابراهيم تيقّن هذه المرة أنّ المبادرات التي يطرحها على الحريري لن تؤدي إلّا لمزيد من الترحال والتجوال وضياع الوقت، لأسباب خارجية تحول دون دخول الرجل السراي الحكومي. ويشيرون إلى أنّ أكثر من وسيط ودبلوماسي أبلغ رئيس الجمهورية بأنّ تصعيد الحريري لا يهدف إلا لتبرير هروبه من التأليف، لكونه غير قادر على فعلها.

 

يكشف هؤلاء بعضاً من مداولات عون مع الحريري على هامش المشاورات الحكومية، للتدليل على “عجز” رئيس الحكومة المكلف. ويقولون إنّ الحريري أبلغ صراحة رفضه للتدقيق المالي قبل الجنائي لأنه “لا يريد أن يضع رئيس مجلس النواب ووليد جنبلاط في ظهره”، ما قد يجعل من الاستحالة أن يحكم، وهو يعلم جيداً أنّ هذا التدقيق هو في أساس المبادرة الفرنسية وأحد الشروط الأساسية للدول والصناديق المانحة. كما أبلغ أنّه موافق على الخصخصة لكن “حزب الله” يرفضها. كذلك لا يستطيع المضي في قانون الشراكة بين القطاعين الخاص والعام. ما يعني وفق المطلعين على موقف رئيس الجمهورية أنّه أفرغ المبادرة الفرنسية من مضمونها… في المقابل يصرّ على أنّها حكومة مهمة عمرها ستة أشهر وهو المتأكد أنّها ستبقى حتى انتهاء العهد. ويخلص هؤلاء إلى القول “كلها تناقضات تثبت بأنّه غير قادر على التأليف. ما قد يضطر رئيس الجمهورية يوماً، إلى سرد كل الوقائع والحقائق، للردّ على اتهامات العرقلة التي تكال بحقه ضمن أجندة سياسية معروفة الأهداف”.