على خط بعبدا – عين التينة انشغل نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي في ايجاد المخرج اللائق لجلسة مناقشة رسالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى مجلس النواب والمقرر انعقادها في 17 الجاري. وعلى مسافة عشرة أيام من الجلسة تمّ التنبه إلى وجود مشروع أزمة عنوانها مناقشة مادة في الدستور قد تجرّ إلى طلب تعديلها. احتمال ولو ضئيل استوجب الاستنفار للبحث عن اقتراح يليق بمرسل الرسالة ومتلقيها.
لدى زيارته رئيس الجمهورية الأحد الماضي تداول الفرزلي مع عون واتفقا على أنّ سحب رئيس الجمهورية الرسالة غير ممكن وكذلك ليس مناسباً أن يبادر إليه رئيس المجلس، ويجب البحث عن آلية دستورية تؤمن انعقاد الجلسة من دون ترددات سلبية.
تطورات كثيرة طرأت على الساحة المحلية منذ أن وجه عون رسالته الى مجلس النواب نهاية تموز الماضي، والتي أتت “في ضوء اللغط الذي رافق اقرار المادة 80 من موازنة العام 2019، لا سيما الفقرة الاخيرة منها، ما يتطلب جلاؤه، خصوصاً أنّ نقاشاً مستفيضاً حصل بين المكونات السياسية حول الخلل الميثاقي في اعتماد نتائج المباريات (لمجلس الخدمة المدنية) التي تضمنتها المادة 80 المذكورة في قانون الموازنة للعام 2019”.
يومها بعث عون برسالته معطوفة على الفقرة “ي” من مقدمة الدستور “وفقاً لقواعد التفسير الدستوري، وذلك حفاظاً على ميثاقنا ووفاقنا الوطني وعيشنا المشترك، وهي مرتكزات كيانية لوجود لبنان وتسمو فوق كل اعتبار”.
وتركز البحث خصوصاً على الفقرة “ب” من المادة والتي تقول “تلغى قاعدة التمثيل الطائفي، ويعتمد الاختصاص والكفاءة في الوظائف العامة والقضاء والمؤسسات الأمنية والعسكرية والمؤسسات العامة والمختلطة، وفقاً لمقتضيات الوفاق الوطني باستثناء وظائف الفئة الأولى…”. وأعرب عون عن أمله “في أن يساهم تفسير مجلس النواب في الإضاءة الوافية له ولأي سلطة دستورية معنية بالمسائل التي وردت في الرسالة”.
ثلاثة أشهر فاصلة بين تاريخ بعث الرسالة وموعد نقاشها. وبينما يخوض الجميع في نقاش اقتصادي – مالي تقترب الجلسة من موعدها لنكون أمام مشكلة اضافية، إذ كيف سيفتح النقاش حول المادة 95 من الدستور المختلف على تفسيرها بين المسلمين والمسيحيين؟ ومن بإمكانه دوزنة جلسة قد تفتح النقاش على مصراعيه وتشكل مدخلاً لدى البعض للشروع في بحث تعديل الدستور برمته؟
يبدو الفرزلي من المتحمسين لتأجيل النقاش والساعين إليه توافقياً لأنّ مسألة التفسير تعني التعديل، وستشهد وجهات نظر متضاربة “تنعكس بصورة سلبية على الوضع العام”. وهو يلتقي مع القائلين إن الظروف غير مؤاتية لفتح النقاش حول هذه المادة تحديداً، لأن الأولوية اليوم هي للشأن الاقتصادي والمالي الذي يحتل المتابعات الوزارية والنيابية، غير أن معالجة قضية الجلسة ليست بالأمر السهل، فالرسالة موجهة من رئيس الجمهورية الى مجلس النواب عبر رئيس المجلس، ومعالجتها تحتاج إلى توافق رئاسي ثنائي.
لا قرار نهائياً بعد وهناك جوجلة للاقتراحات. أكثر من فكرة قيد الدرس ولم يتبلور البديل بعد. وبين سحب رسالة وعدم انعقاد الجلسة، أو الاكتفاء بتلاوتها من دون الخوض في نقاشها، يؤكد الفرزلي أن سحب الرسالة غير ممكن وليس مطروحاً ولكن قد يكون الاتجاه نحو تلاوة الرسالة وإرجاء النقاش بشأن المادة. برأيه أن الجلسة يجب أن تعقد والرسالة يجب أن تتلى ولكن النقاش بشأنها قد يؤجل إلى جلسة أخرى.
ووفق المادة 145 من النظام الداخلي لمجلس النواب “إذا كانت الرسالة موجهة بواسطة رئيس المجلس، فعليه أن يدعو المجلس للإنعقاد خلال ثلاثة أيام لمناقشة مضمون الرسالة، واتخاذ الموقف أو الإجراء أو القرار المناسب”. ما يعني أنّ لرئيس الجمهورية وحده الصلاحية والحق إما بسحب الرسالة أو الطلب من رئيس المجلس إرجاء النقاش في شأنها.
قد تكون الأزمة الاقتصادية سبباً في تأجيل النقاش لكن المؤكد أن ثمة من غمز من قناة أن فتح الباب على مناقشة أي مادة في الدستور لن يفي بالغرض بل سيقود إلى نقاش عقيم في لبنان، ما يحصل ليس محاولة إرجاء لجلسة بل لأزمة قد تطوى إلى حين يأتي من يرى مصلحة في إثارتها مجدداً ولحسابات مختلفة.