مخاوف من خضّات أمنيّة وتداعيات في الشارع مطلع العام الجديد
ينذر التدهور السريع لليرة اللبنانية في ظل التأزم السياسي وعدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية بتداعيات خطيرة ربما تنتقل الى الشارع مع مطلع العام الجديد، لا سيما في ظل انعدام المسؤولية على كل الصعد تجاه تفلّت الدولار وصعوده الصاروخي.
واللافت ان ارتفاع سعر الدولار الجنوني بهذا الشكل لم يقابله اي اجراء او موقف على الاقل من قبل الحكومة والجهات المسؤولة، ولم يحدث اي رد فعل شعبي حتى الان.
وهناك اسئلة عديدة مطروحة حول اسباب هذا الصعود السريع للدولار، مع العلم ان بعض الجهات السياسية كانت وعدت بتحول ايجابي لصالح الليرة بعد الانتخابات النيابية، ثم كررت تكهناتها على عتبة انتهاء ولاية الرئيس عون.
واليوم يبدو ان كل هذه الوعود والتكهنات قد تبخرت، ولن نفاجأ بان تصدر تبريرات جديدة عن هذه الجهات تضع كل الاسباب في خانة الفراغ الرئاسي وازمة هذا الاستحقاق.
صحيح ان استمرار ارتفاع الدولار لا يشكل مفاجأة، لكن هذا الصعود اليومي والسريع ربما ناتج عن سبب اضافي سينكشف في الايام والاسابيع القليلة المقبلة.
واللافت ايضا توقيت هذا الارتفاع الكبير الذي يصادف قبل دفع المخصصات والمساعدة المالية الاضافية الشهرية للموظفين والعسكريين وفق ما نصت عليه موازنة الـ٢٠٢٢ التي اقرت مؤخرا.
ومما لا شك فيه ان من بين النتائج السلبية لارتفاع الدولار بهذا الشكل هو تآكل هذه المساعدة قبل ان يقبضها الموظفون عشية الميلاد ورأس السنة، وبالتالي تضرر شريحة كبيرة وواسعة من اللبنانيين بشكل مباشر من هذا التطور على عتبة العام الجديد، هذا عدا عن الارتفاع الاضافي الجنوني لاسعار المواد الغذائية والسلع بعد موجة الارتفاع السابقة التي حصلت مؤخرا مع تطبيق سعر الدولار الجمركي الجديد على اساس ١٥ الف ليرة.
ما هي الاسباب الحقيقية
لهذا الارتفاع الصاروخي؟
تختلف الاراء حول تحديد كل الاسباب، لكن هناك اجماعا على ان الازمة السياسية في البلاد وعدم انتخاب رئيس للجمهورية تساهمان في استمرار ارتفاع الدولار، وتزيدان من انعدام الثقة بالليرة، لكن هذا لا يبرر ارتفاع الدولار اليومي بهذا الشكل الكبير والمضطرد.
ويرى رئيس مخضرم لاحدى اللجان النيابية ان هناك اسبابا عديدة الى جانب الوضع السياسي المتأزم تساهم مباشرة بالصعود الكبير للدولار، منها:
ـ تهريب العملة الصعبة والدولار على وجه الخصوص الى اتجاهات مختلفة في الخارج وليس فقط الى سوريا كما يروج البعض. ففي غياب اقرار قانون الكابيتال كونترول وضعف عملية الضبط والرقابة تتشارك جهات عديدة في تهريب الدولار اكانت مافيات وتجار عملة او مصارف او جهات مصرفية اخرى.
– يشارك مصرف لبنان بشكل او بآخر في المساهمة بارتفاع الدولار من خلال جمع الدولار وشرائه من السوق بكميات كبيرة لتغطية بعض الحاجات. ويقال انه ربما ينشط اليوم في هذا الاطار لتامين التغطية المالية من اجل شراء الفيول اويل للكهرباء.
– تزايد الطلب مؤخرا على الدولار بعد زيادة سعر الدولار الجمركي، وهذا ساهم بارتفاعه ايضا.
– تبقى سوق العملة مشرعة لمافيا المال على تنوعها وللمنصات والمضاربات التي كانت وما زالت تساهم في زيادة نسبة ارتفاع الدولار، الى جانب دور عدد من المصارف بل معظمها في الاتجار المباشر بالعملة والدولار مستغلة تعميمات مصرف لبنان ومنصة صيرفة.
ويقول المصدر النيابي المطلع انه بالاضافة الى هذه الاسباب والعوامل، يبدو ان هناك سببا اضافيا لارتفاع الدولار السريع والصاروخي يتمثل بالدخول اكثر في اجواء المعركة الرئاسية التي يتوقع ان تشتد تدريجيا مع مطلع العام الجديد، والتي لا يستبعد ان تكون احدى ادواتها الضغوط المالية والمعيشية، واستخدام الدولار سلاحا اضافيا مباشرا فيها.
من هنا، لا يستبعد المصدر، ان نشهد مع مطلع السنة الجديدة تطورات وتداعيات قد تمتد الى الشارع باشكال مختلفة.
واذا كان من المستبعد ان يتحرك الشارع مجددا بالحجم الذي سجل في ١٧ تشرين الثاني العام ٢٠١٩، الا ان هناك مخاوف من حصول حوادث وخضات قد تاخذ طابعا امنيا احيانا في صوء المظاهر التي بدأنا نشاهدها مؤخرا.