صحيح ان الملف الرئاسي وُضع حاليا على الرف بانتظار تبلور نتائج الحراك المستجد في المنطقة للدفع بالهدنة في غزة قدما بعدما وصل الجميع الى قناعة بعدم امكانية فصل المسارات، الا ان المرشحين الرئاسيين واصلوا حركتهم الداخلية واتصالاتهم الخارجية تمهيدا لمرحلة القرارات المقبلة لا محال بمسعى لتحسين شروطهم ووضعيتهم مع وضع طبخة التسوية الكبرى على النار.
وفيما يعتبر البعض ان اي تسوية من هذا النوع تعزز حظوظ رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية ربطا بأن حزب الله سيطلب اثمانا كبيرة للعودة لتطبيق الـ١٧٠١، اثمانا في الميدان والسياسة، سيكون احدها رئاسة الجمهورية، يستبعد آخرون هذا السيناريو لاعتبارهم ان تمرير انتخاب فرنجية متعذر تماما سواء حصلت تسوية شملت الرئاسة ام لم تحصل، من منطلق ان لا رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل بصدد السير بفرنجية ايا كانت الظروف، ولا رئيس حزب “القوات” سمير جعجع بصدد تكرار تجربة الرئاسة السابقة بتبني ترشيح الرئيس السابق ميشال عون. وتعتبر مصادر معنية بالملف انه “مهما كان حجم التفاهم الدولي المقبل فلا امكانية على الاطلاق للقفز فوق ارادة الحزبين اللذين يمثلان الاكثرية الساحقة من المسيحيين، ما يعزز حظوظ المرشح الثالث، وان كانت الارضية للسير به لم تجهز بعد وقد لا تجهز قريبا”.
وعند الحديث عن المرشح الثالث، يسقط تلقائيا ترشيح الوزير السابق جهاد ازعور، الذي لا تزال القيادة في معراب كما في ميرنا الشالوحي تتمسكان به حصرا لتحسين شروطهما في التفاوض مع “الثنائي الشيعي” على قاعدة “طالما انتم متمسكون بفرنجية سنبقى متمسكين بأزعور ولن ننجر لاحراق مزيد من الاسماء وبخاصة تلك المطروحة بجدية في الكواليس”.
ويبدو واضحا انه وفي الآونة الاخيرة تجاوز مدير عام الامن العام اللواء الياس البيسري قائد الجيش العماد جوزاف عون في السباق الرئاسي.اذ يبدو واضحا ان قسما كبيرا من القوى الرئيسية المعنية بالملف الرئاسي مستعدة للسير به، وابرزها “التيار الوطني الحر” كما رئيس المجلس النيابي نبيه بري. حتى حزب الله المتشدد في النقاش بأسماء غير اسم فرنجية لن يكون بعيدا عن تغطية انتخابه حتى ولو لم يصوّت له نواب “الوفاء للمقاومة” بتكرار لتجربة العماد عون ولكن بشكل معاكس، بحيث يصوّت نواب “التنمية والتحرير” لصالح البيسري هم الذين رفضوا التصويت لعون، بمقابل احجام نواب حزب الله الذين كانوا عام ٢٠١٦ الاوائل بانتخاب عون. حتى “القوات اللبنانية” التي لم تكن حتى الامس القريب متحمسة للبيسري وتنتقد آداءه في قيادة الامن العام، خرج رئيسها سمير جعجع ليصفق له مؤخرا مثنيا على العمل الذي يقوم به في معالجة ازمة النزوح.
بالمقابل، بقيت القوى الداعمة لجوزيف عون هي هي، من دون ان ينجح باجتذاب المزيد منها خاصة وان ما بين بروفايل جوزيف عون والياس البيسري يفضّل حزب الله، الذي ستكون له الكلمة الاساس بالرئاسة، السير بالثاني.
اما على مستوى الدعم الدولي، فلا يبدو ان هناك اي فيتو على اي منهما، علما ان قطر التي كانت اول من روجت لعون عادت لتروج للبيسري.
وبين هذا وذاك، تبقى اسماء اخرى “محمية” من الحرق باعتبارها قد تكون هي المخرج في حال وصول الترشيحات السابق ذكرها لحائط مسدود.وهنا يبرز اسم الوزير السابق ناجي البستاني الذي نجح بنسج علاقات ممتازة مع كل القوى، في الداخل والخارج، ولم تغره بيوم الاضواء التي يعلم تماما انها “حارقة” في هذه المرحلة.
بالمحصلة، سواء نجح تعويل البعض على خرق رئاسي بتحقق قبيل الانتخابات الرئاسية الاميركية او خاب ظنه، فحظوظ المرشحين السابق ذكرهم ستبقى هي هي على الحالتين، ليكون النجاح حليف صاحب النفس الاطول والاستراتيجية الانجع في التعامل مع مرحلة استثنائية بتاريخ المنطقة.