الحراك اجترار ولا مبادرات جدّية والانتظارات سيّدة الموقف
يتفق كثيرون مع مضمون التغريدة الأخيرة لرئيس الحزب التقدمي الأشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط ولاسيما في اشارته إلى ان «كلمة السر الخارجية لم تأتِ بعد»، طبعا هو يقصد الكلمة المتصلة بالاستحقاق الرئاسي والتي ينتظرها الأفرقاء السياسيون على اختلافهم. وفي خلال هذا الانتظار، أديرت محركات داخلية وأخرى تترقب الموعد الامثل للأنطلاق في مهمة محفوفة بالمخاطر.
قد يكون من المفيد طرح مبادرات محلية صرف أو أخرى تحمل عنوان لبننة الانتخابات الرئاسية، لكن ليس مؤكدا أنها تحظى بالتوافق المطلوب لإنجاح العملية. تحرك بعض النواب وستتحرك كتل أخرى في سياق السعي لوقف الشغور سواء من خلال اعتماد غربلة أسماء مرشحة لا فيتو عليها من غالبية الكتل النيابية أو من خلال مقاربة جديدة في الملف الرئاسي. وهنا يتوقع أن تدخل ترشيحات جديدة في اللعبة الانتخابية حتى وإن تعمد البعض حرقها أو حتى للسير بها مؤقتا.اما جلسة الانتخاب الجديدة فعلى الأرجح ستعقد وفق توقيت رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي أعلن بدوره اطفاء هذه المحركات وعدم الدعوة لأي حوار قريب.
والواضح أن مطلع العام الجديد حمل معه ارث الخلافات السياسية من العام المنصرم، لا بل فإن التشنجات تضاعفت وكأن مرحلة التصعيد مددت، ولا شيء يوحي بقرب الحل، وفي المختصر تبقى المساعي في الإطار النظري طالما أن لا أكثرية ولا أقلية في المجلس النيابي الحالي والنصاب يتحكم بمصير الجلسات الانتخابية، وبالتالي فإن تذاكي الكتل النيابية بات في غير محله ومكشوفاً.
اما مَن يتابع المواقف أو التحركات السياسية الأخيرة فيشعر بأن بعض الأفرقاء اعتمد تكتيكا جديدا والبعض الآخر اظهر انفتاحا حيال ترشيحات جديدة والمقصود بذلك حزب الله الذي لا يزال يرغب برئيس لا يطعن المقاومة، وهو مع تفضيله لرئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية أبدى استعدادا كما ألمح أمينه العام السيد حسن نصرالله للتوافق على الرئيس العتيد.
فما هو المنتظر على الساحة الرئاسية؟
تقول مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن التحركات المتفرقة التي تحصل لن تخرج بأي نتيجة مع العلم أنها مفيدة لا سيما إذا كانت تساهم، في مكان ما، في التخفيف من التشنج السياسي بين مختلف الأطراف وتشير إلى أن الخيار الوحيد للحل الذي رفضته كتلتا «لبنان القوي» و«الجمهورية القوية» تمثل في حوار رئيس المجلس كما يردد نواب كتلة التنمية والتحرير النيابية، معتبرة أن معظم اللقاءات غير قادرة على معالجة الاصطفافات في البرلمان أو تأمين النصاب المنشود بفعل عدم وجود قوى نيابية حاسمة، ولذلك كان من الأجدى منح فرصة لهذا الحوار الذي اقفل رئيس المجلس الدعوة إليه في الوقت الراهن.
وتفيد هذه المصادر أن السنة الجديدة لا تزال في بداياتها وإن الانتخاب الذي يقود إلى إيصال رئيس جدبد للبلاد لا يتم بسحر ساحر، فلا بد من التحضير له من خلال عوامل محلية متداخلة مع الخارج الذي لا يزال منشغلا بقضاياه وما أكثرها وتبدي خشية من إطالة أمد الشغور بسبب فشل المحاولات المحلية التي لا تقوم على أسس ثابتة، وتقول ان من رفض الحوار أمثال النائب جبران باسيل كان أول من طالبه به حتى قبل مغادرة رئيس الجمهورية السابق ميشال عون قصر بعبدا، مشيرة الى أنه لا يمكن لباسيل اتهام الرئيس بري بالتلكؤ أبداً كما أن انعدام التجاوب مع دعوة رئيس المجلس سيدفعه إلى عدم طرح الأمر مجددا.
وتكشف أن نوابا قالوا في الكواليس ان لا جدية ملموسة في عدد من الاجتماعات التي شهدتها الساحة المحلية قبل عطلة الأعياد وبعدها، ما يعطي انطباعا بأن الحركة لم تأتِ بالبركة وإن اللجوء إلى «السواقي» بدلا من «النبع» غير ناجع، وتشير إلى أن مسالة المسرحية الانتخابية التي يتم وصفها بالمملة يعرفها هؤلاء، أي النواب، ويرددونها ايضا ولذلك الصدمة المطلوبة تحمل عنوان «الحوار وسقفه الأول والأخير التفاهم».
وترى أن كتلة الوفاء للمقاومة لم ترشح اسما توافقيا، وإن حزب الله لا يمانع وصول قائد الجيش العماد جوزاف عون لكن في المقابل لا يملك أية مبادرة، وهو يدعم رئيس المجلس في خطواته المقبلة سواء اتخذت طابع الحوار أو جلسات انتخاب متواصلة، وتسأل أنه إذا كان من أبرز داعمي التوافق فلماذا لا يُخرج الأسماء التي تحمل الصفة التوافقية إلى العلن وهي ليست بقليلة، حتى إن لا معطيات تؤشر الى أنه يسير بمرشح باسيل.
الخارج يُقفل الأبواب بوجه المسؤولين ولا خارطة طريق في المطبخ الدولي
وتعتبر ان لا مفاجآت قريبة في الملف الرئاسي قبل وضع خارطة طريق معينة تقوم على نقاط محددة وليس معروفا ما إذا كانت الدول المؤثرة ستقدم على ذلك في لقاءات مرتقبة بين عدد من المسؤولين الدوليين، او أنها ستخلص إلى تكرار مبادىء رئيسية تتصل بمواصفات الرئيس الحيادي والقادر على نسج أفضل العلاقات مع الدول، وتشير إلى ان الجهد الرئيسي يبدأ من الداخل لتتم مواكبته خارجيا، وهذا الجهد غير ناضج بعد ولذلك قد تطول كلمة السر المرتقبة.
وتعرب عن اعتقادها ان لا جدول أعمال واضحا بشأن لقاءات لمسؤولين لبنانيين في الخارج وإن قيام هذه الزيارات من شأنه أن يعزز التأكيد أن ثمة ما يطبخ، لكن حاليا ما من تعديل ملحوظ في المشهد الرئاسي العام.
ينطبق على الملف الرئاسي ما انطبق على الملف الحكومي منذ فترة أي العبارة الأشهر: «ما تقول فول ليصير بالمكيول» بعدما تم التعويل على حراك بداية العام الجديد، مع فارق بسيط أن الهبّات الباردة والساخنة التي ترافقه قد تختتم مهما طال الوقت بنتيجة واحدة من دون منازع وهي وصول الشخصية المتفاهم عليها إلى قصر بعبدا.