هل بدأت الأزمة اللبنانية تخطو باتجاه التدويل، وتحت عناوين عدة رئاسية أو مالية أو أمنية؟ سؤال مطروح بقوة في الأسبوعين الماضيين، وتحديداً منذ الحديث عن مبادرة فرنسية سيتم الإعلان عنها في الإجتماع الرباعي المراقب في باريس، أو من خلال التحقيق الأوروبي المالي بقضايا تبييض أموال تمّت في مصارف في ألمانيا وفرنسا واللوكسمبورغ، بينما المعطيات الديبلوماسية المتوافرة حتى اللحظة، تكشف عن غياب المبادرات الخارجية أو حتى الداخلية الحاسمة في هذا الإطار، وذلك في ضوء غياب المناخ الدولي الضاغط من أجل تحريك الإستحقاق الرئاسي، بمعنى أن كل “الطبخات” الخارجية لم تنضج بعد، وتتطلّب المزيد من الوقت حتى تتبلور.
وتتقاطع هذه المعطيات الديبلوماسية مع تأكيد أوساط نيابية مطلعة، بأن المعادلة التي باتت واضحة اليوم على الساحة السياسية الداخلية، تؤشر إلى حالةٍ من التسليم للخارج للإمساك بزمام المبادرة رئاسياً، على الرغم من أن أصواتاً عدة ارتفعت في المرحلة الأخيرة، أجمعت على ضرورة إبقاء القرار في الإستحقاق الرئاسي في الملعب اللبناني وبيد اللاعبين المحليين، بعدما بات من شبه المؤكد أن أحداً في الداخل أو الخارج، يريد أن يتحمّل مسؤولية الشغور الرئاسي كما انتخاب رئيسٍ للجمهورية لإدارة الأزمة فقط، ذلك أن الخيارين لن يساهما في إنقاذ لبنان من الإنهيار المتسارع على كل المستويات المالية والصحية والإقتصادية والإجتماعية.
فالنتائج المترتبة عن السير في هذين الخيارين ستؤدي إلى نتيجة واحدة، كما تُضيف الأوساط النيابية نفسها، لأنّ انعكاسات الإبقاء على النهج ذاته في الحكم، بمعنى تأخير الإصلاحات على كل المستويات، لن يؤدي إلى أي تفاهمات مع صندوق النقد الدولي أو مع مجموعة الدول المانحة، للحصول على مساعدات مالية تسمح بتنفيذ الخطة الموضوعة للتعافي، علماً أن ما من إمكانية في المطلق لأي إنقاذٍ مالي واقتصادي إلاّ عبر برنامج تمويل من صندوق النقد، خصوصاً وأن الإنهيار الإقتصادي، يتسارع في الآونة الأخيرة بنتيجة انهيار سعر الليرة بشكلٍ غير مسبوق.
وعلى هذا الصعيد، فإن التحركات الخارجية، بحسب الأوساط عينها، ما زالت في مراحلها الأولية، وكل ما يتردد عن لقاءات أو مبادرات، لا يتخطى إطار التنسيق فقط وليس أكثر، لأن الإجتماع الرباعي في باريس على سبيل المثال، لم يتأكد بعد بشكلٍ رسمي، وما زالت الإتصالات الديبلوماسية قائمة من أجل الإعداد له، ولكن لم يحدد موعده حتى اللحظة.
ومن ضمن السياق نفسه، تُدرج الأوساط عينها الحراك الإقليمي الذي يسير بالتوازي مع حراك باريس، إذ أن عواصم معنية بالملف اللبناني تستعد للدخول على خطّ أزمة لبنان، عبر طرح مقاربة تؤكد على أهمية إنجاز الاستحقاق الرئاسي في لبنان، ولكن من دون الإنزلاق إلى الإنقسامات السياسية في لبنان، والتي أدت إلى واقع الجمود الرئاسي، حتى أن كل محاولات إطلاق حوار سياسي حول الإستحقاق، قد وصلت إلى حائطٍ مسدود وانسداد من دون أفق.