IMLebanon

المعارضة المسيحية تجتاز “القطوع”: “لا تسوية على حسابنا”

 

 

تُسيطر الضبابية على الإستحقاق الرئاسي، فعملية «البخّ» التي تنتهجها بعض قوى «الممانعة» للإيحاء بتسليم الأميركيين والسعوديين لبنان إلى إيران لكي تنتخب تلك القوى الرئيس المناسب لها، سقطت لأنّ الحقيقة في مكان آخر ولا يعرفها إلا من يعمل في دائرة القرار.

 

منذ نشوء دولة لبنان الكبير، والتسويات تتحكّم بخيوط اللعبة الداخلية، ويُحكم لبنان من قوى خارجية تضع توازنات وقواعد لعبة يسير عليها من يعمل في السياسة الداخلية، ولكن بعد عام 1990، دفع المكوّن المسيحي ثمن تسوية أميركية – سورية بغطاء عربي ودولي ولم ينفع عصيان رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع ومعارضة البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير لاحتواء الوضع، فدفع المسيحيون الثمن الأكبر في ذلك الحين.

 

ويعود الحديث عن تسوية إقليمية ودولية ليُرخي بظلاله على الساحة اللبنانية. ففي وقت نجحت «الجبهة اللبنانية» وجناحها العسكري، أي «القوات اللبنانية»، في فرض واقع عسكري وأمني وسياسي داخل المناطق الشرقية المحرّرة إبّان الحرب، إلا أنّ ضعف التأثير على الأحداث والقرار السياسي كانا السمة الغالبة خصوصاً بعد وفاة الرئيس كميل شمعون عام 1987.

 

تعرف معراب والصيفي وبقية الشخصيات المسيحية المعارضة إضافةً إلى «التيار الوطني الحرّ» المعارض لـ»حزب الله» سلطوياً ورئاسياً والمتفق معه استراتيجياً، أنّ هناك طبخة ما تُحضّر، لذلك لا بدّ من رصّ صفوف القوى المسيحية المعارضة والتي تستفيد هذه المرّة من رفض رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل ترشيح رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية.

 

لا تتّكل «القوات» حتى الساعة على ثبات موقف باسيل المعارض، لأن الثقة مفقودة به وتعتبره «يبيع ويشتري» حسب مصلحته، لذلك فقد وضعت عدّة خطط لمواجهة تحدّيات المرحلة المقبلة. وكانت الخطة الأولى تقضي بتأمين أكثر من 42 صوتاً لمنع وصول فرنجية إلى بعبدا من خلال «فرط» النصاب، وعملت على هذا الأمر من دون احتساب أصوات الحزب «التقدمي الإشتراكي» وقدامى «المستقبل» على رغم أن النائب السابق وليد جنبلاط يرفض حتى الساعة وصول فرنجية.

 

ويتجلّى العمل بتوحيد موقف «القوات» و»الكتائب» و»تجدد» والنواب المستقلّين وعلى رأسهم نعمت إفرام وميشال ضاهر إضافة إلى عدد مهم من النواب التغييريين والمستقلّين، وبالتالي تحاول هذه المعارضة بناء خط دفاع في حال سار جنبلاط وقدامى «المستقبل» بترشيح فرنجية أو أقلّه حاولوا تأمين النصاب له.

 

هذا في ما يختص بالمعركة البرلمانية، أما سياسياً فهناك تعبئة شاملة لمنع «حزب الله» ومرشحه من السيطرة على الجو السياسي والإعلامي، وهذه التعبئة تتمثّل بدخول قادة المعارضة في صلب المواجهة وتكثيف الإطلالات الإعلامية، مثلما يحصل مع الإطلالات المتتالية للدكتور جعجع ورئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميّل والمرشح النائب ميشال معوّض والنائبين أشرف ريفي وفؤاد مخزومي والنواب المستقلّين والتغييريين.

 

أما جبهة العمل المهمة فأتت من خلال التواصل مع الدول الكبرى الفاعلة في الملف اللبناني من أجل منع وصول مرشح «حزب الله»، وقد ذهب الجميّل إلى الإليزيه وقال ما قاله باسم حزبه والمعارضة المتفقة على الرأي نفسه، وتبلّغت السفيرة الفرنسية آن غريو موقفاً حازماً من الدكتور جعجع خلال زيارتها الأخيرة معراب ووصل الأمر إلى درجة الشكوى من الدور الفرنسي الذي بات يشبه الدور السوري في فترة الإحتلال.

 

وبات معظم سفراء الدول الفاعلة على علم بما تقوم به باريس من دور سلبي بدعمها مرشح «حزب الله» والقيام بصفقات على حساب الشعب اللبناني، وكل ذلك بفضل الجهود المعارضة للخطوات الفرنسية بعدما فقدت باريس ثقة المسيحيين وشريحة كبيرة من اللبنانيين، وهذا الأمر دفع باريس إلى التراجع عن دعم فرنجية وأبلغت السفيرة الفرنسية بكركي تخليها عن مبادرتها الأخيرة.

 

والأهم من هذا كله هو اطمئنان المعارضة إلى موقف المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية، فكل استجداء فريق «حزب الله» لقبول الرياض بفرنجية لم يُقابل بأي قبول سعودي، في حين ظهر الموقف الأميركي واضحاً في رفض أي مرشح رئاسي مصبوغ بالفساد.

 

وأمام كل هذه المعطيات، تكثفت الإتصالات بين قوى المعارضة المسيحية وغير المسيحية من أجل استكمال تصوّر للمرحلة المقبلة، خصوصاً وسط ما يحصل من تغيّرات في سياسة المنطقة، مع تأكيد أحزاب المعارضة أنّ فترة الإحتلال السوري لن تعود بوجه آخر، بينما الأساس يبقى البحث عن مرشح بديل تتفق عليه أطراف المعارضة واستطراداً مع «التيار الوطني الحرّ».

 

وهنا يدور نقاش حول هوية الأسماء، وما إذا كانت تُشكّل تقاطعاً مع رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل.

 

ويأتي على رأس اللائحة اسم قائد الجيش العماد جوزاف عون على اعتبار أنه من خارج المنظومة ويحظى برضى داخلي وخارجي، لكن هناك عقبات تواجه هذا الترشيح وأولاها رفض باسيل له وانتخابه يحتاج إلى تعديل دستوري، لذلك يجب نيله إجماعاً داخلياً وتوافقاً خارجياً لكي يصل إلى بعبدا.

 

وتتقدّم أسماء كل من الوزراء السابقين زياد بارود وجهاد أزعور السباق الرئاسي لدى أطراف المعارضة خصوصاً أن لا «فيتو» سعودياً وعربياً وأميركياً عليهما، إضافةً إلى اسم النائب السابق صلاح حنين الذي يشكّل إلتقاء بين المعارضة المسيحية والسنية ورئيس الحزب «التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط ويمكن أن ينال موافقة باسيل إذا كان الأخير جاد بالتوافق على اسم غير اسمه.