Site icon IMLebanon

الاستحقاق الرئاسي… “الفصل الأخير” في علاقة التيّار وحزب الله؟ 

 

 

تستحوذ جلسة ١٤ حزيران على اهتمام خاص، ليس لاستشراف نتائج المواجهة القاسية بين معسكري المرشحين سليمان فرنجية وجهاد أزعور فقط، إنما لتبيان المسار السياسي المقبل بعد الجلسة، وعلاقة القوى السياسية ببعضها ونتائج تموضعاتها.

 

فالمتوقع، ان تنعقد جلسة الأربعاء وينال كل مرشح أقل من ٥٥ صوتا مع عدد من الأوراق البيضاء، لكن بعد انتهاء الجلسة تتجه الأنظار الى القوى المؤثرة بالاستحقاق، التي خاضت معركة إحراج سليمان فرنجية لإخراجه من الانتخابات، فـ “اللقاء الديموقراطي” حسم تصويته للمرشح أزعور، لكن دعمه لن يتخطى الجلسة الانتخابية الأولى قبل الانسحاب من تأييده، وبصورة مشابهة قد يعتمد تكتل “لبنان القوي” السيناريو نفسه بالتملص من تأييد أزعور والذهاب الى خيار ثالث.

 

الانسحاب من معركة تأييد أزعور هو سيناريو مطروح بقوة في الأوساط السياسية، ذلك ان حسابات “الاشتراكي” و”التيار الوطني الحر” تقاطعت ضد فرنجية، فالنائب السابق وليد جنبلاط قرر عدم تبني مرشح مستفز للمسيحيين، في حين يعتبر وصول فرنجية مسألة “حياة او موت” سياسيا، بالنسبة الى النائب جبران باسيل. علما ان ترشيح أزعور من قبله ليس إعجابا بمواصفاته، بقدر ما هو موجه ضد ترشيح فرنجية، وبتعبير النائب محمد رعد ان “باسيل يدعم مرشحا لا يريده ان يصل”.

 

في كل الأحوال، فإن علاقة التيار الوطني الحر وحزب الله دخلت مرحلة حساسة وبالغة الدقة، مع تقدم موعد الجلسة وارتفاع وتيرة حملات التخوين والاتهامات بين الحليفين السابقين، على خلفية الملف الرئاسي مع تمايز التيار وتموضعه الى جانب القوى “السيادية” كما تسمي نفسها ضد خيار “الثنائي الشيعي”.

 

فعلى الرغم من إصرار المقربين من باسيل على اعتبار أزعور ليس مرشح “تحد”، وتفسير المبررات التي دفعت التيار الى هذا الاصطفاف، بعد فشله في إقناع “الثنائي الشيعي” بعدم ملاءمة ترشيح فرنجية مع المرحلة السياسية للجديدة، إلا ان “الثنائي الشيعي” يرى في الخطوة دعسة ناقصة من قبل باسيل، وخطأ كبيرا أصاب التحالف الاستراتيجي مع فريقهم السياسي.

 

بالمقابل، يتحدث المقربون من باسيل عن “لا خيار” لتركه حزب الله بعد اصراره على فرنجية، وينسب هؤلاء لفريقهم انهم حققوا انتصارا يتعلق أولا بإسقاط ترشيح سليمان فرنجية وتعجيز معركته الرئاسية، وثانيا بتحول التيار الى بيضة قبان رئاسية وخروجه من العزلة التي وضعته فيها الأحداث منذ ما بعد “ثورة تشرين”، والأهم بالنسبة الى التيار انه نجح في استقطاب “الكارهين” له وخصومه، فـ “القوات” قدمت تراجعات رئاسية لمصلحة ترشيح أزعور، والنواب “التغييريين” تقاطعوا معه على مرشح وفق ما أكد في احد خطاباته بقوله” الآخرون أتوا إلينا ولم نذهب الى أحد”، مع ان أزعور ليس مرشح التيار او محسوبا عليه، وهو أبرز من انتقده في السياسات المالية، لكن رئيس التيار هو أول من طرح اسمه في التداول الرئاسي.

 

من وجهة نظر التيار لا يفترض بترشيح ان يكسر الجرة مع حزب الله، لأنه لا يعكس تغييرا في الخيارات الاستراتيجية الكبرى، فرئيس التيار حريص على التوازنات في العلاقة مع حلفائه “ولم يكن ليذهب في خيار ازعور لو تراجع حزب الله عن ترشيح فرنجية”.

 

بالنظرة المجردة عن رأي الطرفين، تقول مصادر سياسية ان تسوية أزعور سيكون ثمنها مكلفا على التيار، لأن حزب الله أعطى مهل “سماح” كثيرة لرئيس التيار ليعود الى صوابه السياسي وقبل ان تتعقد الأمور أكثر، اما وقد حدث التباعد في الاستحقاق فمن الصعب إعادة ترميم العلاقة في المستقبل، إلا إذا عاد التيار الى صفوف المؤيدين لفرنجية بعد جلسة ١٤ حزيران او في الجلسات الانتخابية اللاحقة، وهذا الأمر من سابع المستحيلات لأنه سيخسر مصداقيته بعد جولات عنيفة من التهجم على فرنجية، وما جرى من تلاسن كلامي بين ميرنا الشالوحي وحارة حريك، التي لن تمرر بأي شكل من الأشكال الانقلاب الباسيلي الرئاسي.

 

وصار واضحا ان الأمور قطعت أشواطا بعيدة تجعل من الصعب جدا العودة الى زمن الماضي الجميل لتفاهم مار مخايل، مع العلم ان فريق التيار، كما ينقل عن نوابه المترددين، متخوف من ترددات عميقة لتدهور العلاقة بين الحليفين السابقين، كما يتحدث هؤلاء عن خسائر لا تحصى من استعداء حزب الله رئاسيا، تبدأ من الشركة السياسية والوطنية، ولا تنتهي عند الافتراق في الاستحقاقات المقبلة، مما كان يحتم المراجعة الدقيقة قبل هذا الانتقال من ضفة الى أخرى.