IMLebanon

أزمة الاستحقاق الرئاسي: كثرة  من الزعماء وقلّة من القادة!

السياسيون في لبنان فئتان: فئة السياسيين المحترفين، وهؤلاء هم الكثرة الكاثرة في بلادنا والمنطقة. والاحتراف هو بمعنى انهم يتخذون من السياسة مهنة لهم للارتزاق، ويتوارثونها أباً عن جدّ عن حفيد، وذلك على غرار ما كان الجدود يتوارثون من زمان مهن الخيّاط والاسكافي والمكوجي والمبيّض وغيرهم! والسياسيون من هذه الفئة متوافرون على نطاق واسع، وسعرهم ليس مرتفعاً وفقاً لنظرية العرض والطلب وحين يكون المعروض فائضاً عن الحاجة، وأكثر من الطلب عليه! وهؤلاء يتكتكون في السياسة تبعاً للأجواء السائدة من جهة، والمصلحة الشخصية أو الفئوية من جهة ثانية. وقد يكون من بين هؤلاء زعماء، ومع ذلك فهم لا يتصدّرون الفعل، رغم تصدّرهم للمشهد لأنهم أولاً وأخيراً من الأتباع…

***

الثانية هي فئة السياسيين القادة، وهؤلاء هم ندرة الندرة. وهم الزعماء الحقيقيون الذين يؤثرون في مجرى الحدث، ويشاركون في صنع التاريخ. والقائد قد يكون زعيماً ولكن ليس كل زعيم قائداً. والزعيم القائد، هو أولاً لاعب شطرنج في السياسة. يحسب الاحتمالات بدقّة، ويتابع بعقله المركّب سلسلة من النقلات الافتراضية على رقعة الشطرنج السياسي، ويحسب لكل نقلة احتمالاتها على حدة… فاذا وصل في الحساب الافتراضي الى طريق مسدود، ينتقل الى الاحتمال الثاني فالثالث وهكذا… وعندما يصل الى الاحتمال الأخير السالك الذي يقود الى تحقيق الهدف، آنذاك يقدم ويقوم بالخطوة الأولى، ويتبعها بأخرى تمهيدية متتابعة توصله الى الغاية المنشودة.

***

ما يفعله الزعيم – القائد، هو نقيض ما يفعله الزعيم – المحترف الذي يقوم بخطواته بأسلوب التلمّس وعلى قاعدة الصواب والخطأ. وهو يجرّب الاحتمال الأول، فاذا أخفق، ينتقل الى الاحتمال الثاني فالثالث وهكذا… وحقيقة أزمة الاستحقاق الرئاسي في لبنان – كما غيرها من الأزمات على مختلف الصعد – تعود أسبابها الى وجود كثرة كاثرة من الزعماء، وندرة نادرة من القادة!