الإنتخابات الرئاسية معلّقة في قبضة النظام الإيراني بمعزل عن وجود رغبة دولية مؤثِّرة لإجرائها
طهران تربط تسهيل إنتخاب الرئيس بدور أوسع بالمفاوضات السورية وضمان نفوذها مستقبلاً
تعتبر المصادر السياسية البارزة أن استمرار تعطيل الانتخابات الرئاسية مُـدّة لا يمكن التكهن بنهايتها سيزيد الانعكاسات السلبية على أداء مؤسسات الدولة وإداراتها العامة
ترى مصادر سياسية بارزة أن استمرار تعطيل إنتخابات رئاسة الجمهورية وإبقاء لبنان يدور في حالة من الجمود السياسي حتى اليوم، مردّه إلى إصرار النظام الإيراني ومعه «حزب الله» إنتظار مسار المفاوضات الجارية بين المعارضة والنظام السوري برعاية دولية لحل الأزمة السورية ولتبيان نتائجها ومؤثراتها على كل الأطراف المشاركين في الحرب السورية وتحديداً الطرف الإيراني، لا سيما مع إمساك روسيا وبعدها الولايات المتحدة الأميركية بمعظم أوراق هذه الأزمة من خلال التدخل العسكري المباشر على الساحة السورية والتقاء الدولتين على العديد من النقاط المشتركة بينهما، الأمر الذي قد يؤدي إلى تهميش الدور الإيراني أو تقليل مفاعيله ومؤثراته في الحلول المطروحة قياساً على ما يرغب فيه النظام الإيراني وما قدّم لأجله من أثمان مادية مرتفعة للغاية وتضحيات بشرية كبيرة منذ عقود وحتى الساعة.
وفي اعتقاد المصادر المذكورة فإن إحكام قبضة النظام الإيراني على الواقع السياسي الداخلي من خلال «حزب الله» ولجوئه إلى تعطيل انتخابات الرئاسة علناً وبالرغم من كل الدعوات والمناشدات الداخلية والخارجية لإنهاء التعطيل هدفه توجيه رسالة واضحة للقوى الدولية المؤثرة لإظهار مدى فاعلية ونفوذ الدور الإيراني في المنطقة ولبنان من ضمنها وضرورة التعاطي مع هذا الواقع على حقيقته وعدم تجاهله أو القفز فوقه ووجوب الأخذ بعين الاعتبار المطالب الإيرانية، إن كان في المشاركة بالحلول المطروحة أو بضمان الدور والنفوذ مستقبلاً في سوريا ولبنان على حدٍّ سواء والسعي قدر الإمكان لتجنّب حدوث أية ارتدادات أو انعكاسات سلبية على وجود «حزب الله» وسلاحه مستقبلاً بعد تصاعد وتيرة المطالبة بإيجاد حل لمسألة تفلّت هذا السلاح واعتباره منظمة إرهابية من قبل أكثرية الدول العربية.
ومن وجهة نظر المصادر السياسية البارزة فإن هذا الواقع الناجم عن تعطيل الانتخابات الرئاسية قد يستمر لبعض الوقت ولأسابيع مقبلة إضافية كحدّ أدنى بالتزامن مع تركيز الدول المؤثرة ولا سيما روسيا والولايات المتحدة على حل الأزمة السورية التي باتت تتصدّر أولوياتهما في الوقت الحاضر، كون تحقق تقدّم ملموس في الجهود المبذولة بهذا الخصوص والمباشرة بحل الأزمة عملياً وإن كان هذا الأمر ما يزال صعباً، لا بدّ وأن ينسحب عملياً وبشكل مباشر على دول الجوار المحيطة بسوريا ومن ضمنها لبنان على وجه الخصوص، سياسياً وأمنياً واقتصادياً على حدٍّ سواء، وهذا الواقع الجديد سيؤدي حتماً إلى انفراج سياسي ينجم عنه إنتخاب رئيس للجمهورية ودخول لبنان في مرحلة سياسية جديدة بكل معنى الكلمة.
وتُشير المصادر المذكورة إلى أن انشغال الدول المؤثرة بالأزمة السورية وتداعياتها وترك لبنان وحيداً في ظل الفوضى القائمة بالمنطقة، أتاح للنظام الإيراني التحرّك بحرية بالداخل اللبناني والإمعان بتعطيل الانتخابات الرئاسية من خلال «حزب الله» وبعض حلفائه كالتيار العوني وغيره تحت حجج وذرائع ملتوية مستفيداً من عدم وجود أي ضغوط دولية مؤثرة وفاعلة لكبح جماح هذا التدخل وترك لبنان يدير شؤونه بنفسه ولو بالحد الأدنى على الأقل في ظل الظروف الملتهبة والمعقدة بالمنطقة.
وتعتبر المصادر السياسية البارزة ان غياب الرغبة المشتركة للدول المؤثرة وعدم وجود تحرك جدي وفاعل لمساعدة لبنان في تخطي ازمته وتجاوز مؤثرات التدخل الإيراني المباشر في شؤونه الداخلية لغايات ومصالح إقليمية، صرفة، سيؤدي إلى إطالة أمد الأزمة السياسية القائمة حالياً إلى حدّ غير معلوم وإلى استمرار تعطيل الانتخابات الرئاسية مُـدّة إضافية لا يمكن التكهن بنهايتها، وهذا سيزيد حتماً في الانعكاسات السلبية على أداء مؤسسات الدولة واداراتها العامة وإلى تراجع الوضع الاقتصادي كما حدث في السنوات الماضية، وهو ما يجب التنبه له وتفادي حدوثه لئلا يزيد من معاناة المواطنين وتضرر مستوى عيشهم الذي يشهد تراجعاً قد تكون له انعكاسات ضارة على الوضع العام في لبنان في ظل استمرار ربط حلحلة الوضع الداخلي مع مسار الأزمة السورية الذي يشهد مطبات وتعقيدات كثيرة يصعب التكهن بنتائجها.