على إيقاع الحوار المستمر بين “حزب الله” و”تيار المستقبل” وانعكاساته الايجابية على غير صعيد، يدعو مرجع سياسي مستقل الى عدم الاستهانة بالخطوة التي تم التفاهم عليها ونفذت على الفور. وهي إزالة الصور والشعارات والاعلام الحزبية والدينية والسياسية على اختلافها، لأنها تشكل خطوة أولى وأساسية نحو الاستقرار الأمني والسياسي المطلوب. ويرى أن هذه الخطوة التي شملت بيروت وصيدا وطرابلس والطريق الساحلية “يجب أن تستكمل بخطوات تزيل آثار حملات الشحن والتعبئة الطائفية والفئوية والمذهبية التي يتعرض لها المواطن في لبنان والمنطقة عموماً، تنفيذاً لمشروع جهنمي عنوانه الواضح اثارة فتنة طائفية ومذهبية، والتركيز على التحريض بين المسلمين السنّة والشيعة، وقد بات المشروع مكشوفاً ومفضوحاً، ومصادره معروفة”… ويدعو الى تنظيم ندوات وحملات توعية وإن على نطاق ضيق في البداية، تزامناً مع استمرار الحوار بين “تيار المستقبل” و”حزب الله”، “من شأنها أن تعيد الأمور الى نصابها الطبيعي من خلال التذكير بضرورة احترام الرأي الآخر وبأن أحداً ليس في استطاعته الادعاء أنه وحده على صواب وكل الآخرين على ضلال”!
ولأن ما تعرض له لبنان ولا يزال من استهدافات أمنية، ولا سيما ضد المؤسسة العسكرية وافتعال صدامات في بعض المناطق، هو جزء من تداعيات الحروب في بعض دول المنطقة وعليها، يرى المرجع أنه “في موازاة الحوار اللبناني الداخلي، من الضروري والملحّ مخاطبة العالم أجمع، سواء على مستوى جامعة الدول العربية أو منظمة المؤتمر الاسلامي أو مجلس التعاون الخليجي، من خلال خطاب بسيط وواضح، وبمعزل عن بعض الخلافات العربية الثنائية، بهدف إزالة آثار الحملات المنظمة والمبرمجة التي تستهدف الاسلام والمسلمين ليس في العالم العربي فحسب، بل في كل أرجاء العالم. وآخر تجليات تلك الحملات هي المجموعات المسلحة التي نبتت كالفطر، وأبرزها ما يعرف بـ”داعش” و”النصرة” وما شابه. وثمة مراجع كثيرة سياسية ودينية واسلامية خصوصاً، ترسم علامات استفهم كبيرة حول منشأ تلك المجموعات وارتباطاتها ومصادر تسليحها وتمويلها، وتجزم في تصريحات علنية بأن مهمتها الاساسية تشويه صورة المسلمين في العالم واظهار الاسلام كأنه دين العنف والقتل وتجاهل كل المبادئ والقيم الانسانية التي يجسّدها”. ورداً على استعمال الجماعات المسلحة عناوين اسلامية كالجهاد مثلاً، يقول مرجع ديني اسلامي لبناني: “إن الاسلام إذ يمجّد الجهاد بمعناه الانساني الحقيقي بما هو دفاع عن الحق والعدل، ينهى في شكل قاطع عن قتل الأبرياء وإلحاق الأذى بأي انسان وكائن حيّ على وجه الأرض، ويدعو الى التواد والتراحم، خلافاً للممارسات الوحشية التي تتغنى بها بعض الجماعات المسلحة التي تتلطى وراء الاسلام وتدّعي التحدث باسمه. إن الجهاد الذي يدعو اليه الدين الاسلامي هو ذاك الذي يكون في خدمة رسالة الدين الحنيف بما يحض عليه من فضائل وقيم، وحتى حركات المقاومة الوطنية على مرّ التاريخ، تبقى عرضة للتداعي والتبدد ما لم تقترن بالحفاظ على القيم الانسانية واحترامها. ان أسوأ ما يمكن أن يحل بمجتمع هو أن يرتدي العنف فيه رداء الثقافة. واخطر ما يمكن أن يحل بالعالم هو أن يرتدي فيه العنف رداء الحضارة، وان يصل الى مرحلة يصبح فيها الارهاب طبيعياً. ولا فرق بين ارهاب مجموعات مسلحة تنتحل صفة الاسلام وارهاب الدولة المنظم الذي بلغ ذروته في عدوان مستمر على فلسطين والدول العربية منذ ما قبل 1948 تاريخ نشوء الكيان الاسرائيلي. تلك حقائق، على المسلمين سنّة وشيعة، في لبنان والعالم أدراكها وعلى المؤسسات العربية والدولية تظهيرها والدفاع عنها، دفاعاً عن الانسانية والعالم أجمع”.
ووسط أجواء الغليان المحيطة بلبنان من كل حدب وصوب، يبدو واضحاً استناداً الى مواقف لمراجع دينية وسياسية مختلفة، أن ثمة اجماعاً على استمرار الحوار الداخلي في لبنان، وإن “على قدنا” بحسب تعبير أحدهم، بين “المستقبل” و”حزب الله”، وبين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” من جهة أخرى، وأن الأهم في النهاية ان يسفر الحوار على الخطين، عن تفاهم على ضرورة اجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان في أقرب وقت. ولكن، في الوقت نفسه، يدرك الجميع ان الاستحقاق الرئاسي اللبناني موضوع في الاسر منذ 25 أيار من العام الماضي، ويبدو أنه باق كذلك في انتظار محطتين: جلاء الوضع في سوريا (؟!) وكذلك نتائج المحادثات الاميركية – الايرانية التي تُستأنف في آذار المقبل في فيينا. وثمة من يرى أنه إذا حصل تطور على مستوى محادثات فيينا في شأن الملف النووي الايراني، فسينعكس هذا التطور على الوضع في سوريا. ربما… وهنا سيكون السؤال: هل يمون الايراني على السوري في عدم عرقلة اجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان؟
حتى الآن لا جديد، ولا يزال الطرفان على موقفهما: طهران أبلغت الموفد الفرنسي جان فرنسوا جيرو بهذا “الواقع” ودمشق “تذكّر” بين فترة وأخرى بأن “لا انتخابات في لبنان دون التنسيق معنا!”.
هل من المبالغة القول إن الاستحقاق الرئاسي لا يزال في الأسر؟