تتصدر انتخابات رئاسة الجمهورية، الاهتمام اللبناني والخارجي المتابع لها، بعد ان اعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري تاريخ 9 كانون الثاني المقبل موعداً لجلسة انتخاب، هي 13 في تعداد الجلسات التي عقدت، وكان آخرها في 12 حزيران 2023.
فالرئيس بري يؤكد لزواره كما لوسائل الاعلام، ان الجلسة ستعقد وفي دورات متتالية، ولن تتكرر الجلسات السابقة التي كان يرفع فيها الجلسة، عندما لم يحصل اي مرشح على 86 صوتاً في الدورة الاولى، وهو ما يعتبره بري انه يقترب من الرئيس التوافقي، الذي كان يصر عليه، وهو لذلك طرح مبادرته “الحوار والانتخاب” ولم يُعمل بها، فعوّض عنها بان ترك مهلة اكثر من شهر للنواب كي يتشاوروا، وقد بدأوا، وما حصل في “لقاء معراب الثالث” يؤشر الى ذلك.
فخلال الفترة التي تفصل عن جلسة الانتخاب الرئاسي، فان مواقف موفد الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب اللبناني الاصل مسعد بولس للشرق الاوسط، حول تأخير عملية انتخاب رئيس الجمهورية، تركت تساؤلات حول موقف الادارة الجديدة من الاستحقاق الرئاسي، الذي مر عليه اكثر من عامين. وربطت مصادر نيابية مطلعة موقفه، بانه يريد ان يوظف الانتخاب الرئاسي الى ترامب، الذي يتسلم مهامه في 20 كانون الثاني المقبل، اي بعد 11 يوماً من جلسة الانتخاب.
وفي هذا الاطار، يؤكد مصدر نيابي لـ “الديار” ان جلسة الانتخاب المقبلة سيحصل فيها انتخاب رئيس للجمهورية، مستنداً الى ان الثنائي حركة “امل” و حزب الله اللذين يعملان لحصول الاستحقاق، لان لبنان مقبل على ورشة اعمار بعد الدمار الذي خلفته الحرب “الاسرائيلية” على لبنان، والتي كانت الاقسى من كل الحروب.
فانتخاب رئيس للجمهورية بات اكثر جدية في هذه الجلسة من الجلسات السابقة، يقول المصدر، ويجب على المعارضة ان تتجاوب مع دعوة الرئيس بري، التي كانت تحمّله مسؤولية عدم فتح مجلس النواب امام انتخاب رئيس للجمهورية، وان المناورات الرئاسية لم تعد مجدية قطعا. ويكشف المصدر عن ان الاجواء الداخلية والخارجية ايجابية جداً.
ويجزم بان دول كل من فرنسا والسعودية ومصر وقطر ايدت دعوة الرئيس بري الى جلسة 9 كانون الثاني، وهي تأمل انجاز الانتخاب، في وقت ما زال الموقف الاميركي مائعاً، وهذا ما يفسر موقف بولس من الاستحقاق الرئاسي.
ويرى ان على لبنان ان يستفيد من هذه الجلسة، بعد ان تمت الموافقة على اتفاق وقف اطلاق النار مع العدو “الاسرائيلي”، وان يقرأ اللبنانيون ما يحصل في سوريا، من عودة المعارك العسكرية بين المجموعات المسلحة والجيش السوري، فان خارطة جديدة ترسم لمنطقة الشرق الاوسط، وعلى لبنان ان يستعجل انتخاب رئيس للجمهورية، واعادة العمل للمؤسسات الدستوية، ومنها تشكيل حكومة يرأسها شخص اصلاحي وموثوق به.
اما اسماء المرشحين لرئاسة الجمهورية فهم كثر، ولم يرغب المصدر النيابي الدخول في مَن هو الذي سينتخب، ويرى ان اسما مستوراً لا سيما لدى اميركا ستقدمه في اللحظة الاخيرة، وربما بعد دخول ترامب الى البيت الابيض، لكن الدول الاخرى لا تريد الانتظار، وهذا ما صدر عن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والعاهل السعودي الامير محمد بن سلمان، حول تأييدهما لجلسة انتخاب رئيس للجمهورية، وهذا ما ترك الرئيس بري يندفع نحو تحديد موعد الجلسة، التي قد يخرج منها الدخان الابيض يقول المصدر، الذي كشف عن ان رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية ما زال مرشحاً، ويلقى تأييد الثنائي “امل” وحزب الله ، وهو لم يفقد حظوظه، ولم يعد مرشح تحد كما وصفه البعض، وان اسمه متداول منذ تسعينات القرن الماضي، لكن الظروف السياسية الداخلية والخارجية كانت تعاكسه، وهو مؤمن بذلك ويصرح حولها، لان رئيس الجمهورية قد يولد في الربع الساعة الاخير، ولم يفقد حظه في الوصول الى رئاسة الجمهورية، التي يبدو ان الدول باتت ترغب بالمرشح المدني العسكري، وكذلك اطراف داخلية.
ان انتخابات رئاسة الجمهورية، ما زالت صناعة خارجية، فهل يحولها اللبنانيون الى صنع في لبنان؟