مع انطلاق جلسات الانتخاب الرئاسي، ينطلق عداد الجلسات الذي لن يتوقف قبل الوصول إلى التوافق الذي تحدث عنه في ختام الجلسة الأولى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، والذي سيحدد موعداً جديداً له، مسار جلسة الإنتخاب الثانية أو الثالثة أو ما بعدها من جلسات، حتى الوصول إلى انتخاب رئيس الجمهورية الجديد. وعلى مسافة يومٍ واحد من نهاية الشهر الأول من المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية، أتت جلسة الأمس التي وضعت مشهديةً واضحة قوامها معادلة الشغور في حال عدم التوافق ، وذلك في المرحلة القليلة الفاصلة عن 31 تشرين الأول.
وتتحدث مصادر سياسية واسعة الإطلاع، عن خلاصاتٍ خرجت بها الكتل النيابية بعد المعطيات التي ظهرت في الجلسة الأولى، وأبرزها بلورة خارطة اصطفافات مبدئية بين ثلاثة إتجاهات، الأول تقوده قوى 8 آذار، والثاني تقوده قوى المعارضة والثالث قوى “التغيير”، في موازاة اتجاه رابع غير واضح المعالم والهوية وهو الشغور الرئاسي.
وكما كانت الدعوة التي وجهها بري إلى النواب للمشاركة في جلسة انتخاب خلال يومين مفاجئة للعديدين، كذلك أتت النتائج التي ظهرت، وفق ما كشفت المصادر السياسية، والتي تحدثت عن واقعٍ من الإرباك الواضح والإنقسام والتشتت حتى في صفوف المعارضة على وجه الخصوص، مقابل تنسيق واضحٍ ومفاجىء أيضاً في صفوف الفريق الذي يمثّل الموالاة أو فريق 8 آذار، وإن كان التفاهم على مرشّح واحد في ما بين الكتل المكونة لهذا الفريق ما زال غير منجزٍ حتى الآن، ولذلك كان خيار الورقة البيضاء والتي نالت العدد الأكبر من الأصوات النيابية.
وعلى الرغم من أنه كان بديهياً للجميع بأن الجلسة الأولى للإنتخابات لن تؤدي إلى انتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية، فإن جلساتٍ عدة ستليها قبل الوصول إلى خطّ النهاية، كما تقول المصادر نفسها، ذلك أن المرحلة المقبلة ستحمل الإشارات الأكيدة على المسار الذي سيسلكه الإستحقاق الرئاسي، في ضوء المواقف التي أطلقت من داخل المجلس النيابي، والتي عززت الحاجة إلى التخفيف من سقف الشروط التي يطرحها أي فريق من أجل السير بتفاهمات أو اتفاق على مرشّح توافقي قبيل الدعوة إلى الجلسة المقبلة، مع العلم أن رئيس المجلس قد ترك المجال مفتوحاً أمام إعادة خلط الأوراق السياسية على الصعيد الرئاسي، ورسم سيناريوهات جديدة قبل أي جلسة إنتخابية قد يحددها قبل 31 تشرين الأول، ان بالنسبة للنصاب القانوني أو بالنسبة للمرشحين الذي قد يتبدلون في المرحلة المقبلة، بحيث قد لا تتكرر عملية انتخاب الورقة البيضاء والتي ستحمل لاحقاً إسماً معينا،ً وربما إذا اتفقت كلّ الكتل التي اعتمدت هذا التصويت، خصوصاً وأنه لن يكون من الصعب ضمّ صوتين إضافيين، وبالتالي تأمين حظوظ الفوز للمرشّح الذي لم ينل أي صوتٍ في الجلسة الإنتخابية إلى هذه الكتل.