الكلام الذي أطلقه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في ملف إنتخابات رئاسة الجمهورية والذي اعتبره كثيرون على أنَّه إعطاء إشارة الإنطلاق للمعركة الرئاسية المقبلة، حرَّك المياه الراكدة في مستنقع الأزمة، كذلك حرَّك الهواجس لدى خصوم العهد وتحديداً خصوم الوزير جبران باسيل.
رئيس الجمهورية حين تحدّث عن أنَّ الوزير باسيل هو المتقدِّم في السباق، قرأه البعض على أنَّه تكرار لسيناريو المرشح الأقوى في طائفته، فالعماد ميشال عون قبل وصوله إلى سدة الرئاسة، كان يمتلك الكتلة المسيحية الأكبر والتي تخطت العشرين نائباً. اليوم هناك محاولة لتكرار السيناريو من خلال القول إنَّ رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، يملك أكبر كتلة نيابية مسيحية يصل عدد أعضائها إلى ما يقارب 28 نائباً.
لكن ما يجب التنبه إليه، وفق بعض المصادر المهتمة بملف الإنتخابات، هو أنَّ رئيس الجمهورية المقبل لن ينتخبه مجلس النواب الحالي، فهذا المجلس تنتهي ولايته في أيار 2022، فيما انتخابات رئاسة الجمهورية تجري في تشرين الأول 2022، أي أنَّ مجلس 2022 هو الذي سينتخب رئيس 2022 وليس مجلس 2018.
هذا يعني أنَّ أحجام الكتل النيابية في المجلس الحالي لا يُعوَّل عليها، إلا في حال واحدٍ من إحتمالين:
الإحتمال الأول التمديد لمجلس النواب الحالي، وعندها يكون قادراً على انتخاب رئيس الجمهورية المقبل.
والإحتمال الثاني أن تتم انتخابات الرئاسة قبل موعد انتهاء ولاية هذا المجلس.
الإحتمالان بعيدان، ولكن قبلهما هناك استحقاق داهم وهو استحقاق تشكيل الحكومة الجديدة التي ستُلقى على عاتقها عشرات الملفات الداهمة، وللعلم:
لأنَّ الدَين العام يتجاوز اليوم ال 80 مليار دولار، هل يعلم الذين يقفزون فوق الإستحقاقات أنه في العام 2022، عام الإستحقاقين النيابي والرئاسي، سيكون الدَين العام قد تجاوز المئة مليار دولار؟
فكيف يتمُّ القفز فوق الإستحقاقات؟
أليس من الأجدر والأجدى أن يتمَّ النظر إلى كيفية التخفيف من الأعباء المالية بدل تحميل الناس هموم وهواجس استحقاقات بعيدة المدى؟
في مطلق الأحوال، فإنَّ ملف رئاسة الجمهورية ليس مفتوحاً عند فريق واحد فحسب بل عند معظم الأفرقاء، وليس سراً على الإطلاق أنَّ كل الأفرقاء يجرون حساباتهم كأن الإنتخابات الرئاسية ستجري غداً، فالصالونات السياسية والمنتديات لا تتحدث إلا عن الإستحقاق الحكومي معطوفاً على الإستحقاق الرئاسي، فلماذا التلطي وراء الأصابع؟
ولماذا الإكثار من أن الحديث سابق لأوانه؟
في لبنان، ما إن ينتخب رئيس جديد حتى يبدأ الحديث عن الرئيس الذي سيليه، إنها سياسة التشويق التي يتمُّ من خلالها جذب اهتمام اللبنانيين، علماً أنَّ هذا الجذب لم يعد يلقى الإنشغال الكافي، لأنَّ اللبنانيين منشغلون باستحقاقات معيشية قلبت إهتماماتهم رأساً على عقب.