بانتظار ما سيؤول اليه السباق المحموم بين لغة الديبلوماسية ولغة النار واصوات المعارك والحروب، وما قد ينتج عن زيارة الوسيط الديبلوماسي الاميركي اموس هوكشتاين الى بيروت اليوم، تؤشر حركة الموفدين الخارجيين على خط بيروت الى حراك ما لتهيئة الارضية للحل المرتقب ما بعد وقف العدوان على غزة.
فبحسب ما يكشف مصدر متابع لمجريات ما يحصل على الجبهة الجنوبية اللبنانية المفتوحة على كل الاحتمالات، مع ارتفاع منسوب التصعيد “الاسرائيلي” الذي يتزايد يوما بعد يوم، ان ما يحصل يظهر بوضوح بان “اسرائيل” انتقلت من مرحلة التهديدات الى مرحلة التحذيرات عبر الموفدين، وتسعى لتقديم ما يمكن من “الاغراءات” لحزب الله علّه يغلق جبهة الجنوب المساندة لجبهة غزة.
ويكشف المصدر المطلع على جو 8 آذار ان ما يقوم به الموفدون ، لاسيما الاميركيون منهم، انهم يحثون عبر وسطاء حزب الله على وقف الحرب جنوبا، مقابل الاستعداد بالحديث عن تطبيق الـ 1701 والنقاط الخلافية الـ 13 والحل الامثل لمزارع شبعا، لاسيما ان هذه المزارع تعتبر اساسية واستراتيجية بالنسبة “لاسرائيل”، كما ان هويتها غير محسومة نظرا للجدل السوري – اللبناني بشأنها.
ويتابع المصدر ان حزب الله المدرك تماما لنوايا “اسرائيل”، يعلم بان احد ابرز اهداف العدو، هو عودة المستوطنات الى حالتها الطبيعية على الجبهة الشمالية، وبالتالي العمل على اعادة المستوطنين الى مستوطناتهم ولو باي ثمن، من هنا فـ “اسرائيل” تريد ابعاد حزب الله باتجاه شمال الليطاني. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بالمقابل هو: ما الثمن الذي سيأخذه حزب الله مقابل هذا الامر ان حصل فعلا ؟
هذا الثمن هو الذي قد يكون بحوزة الموفدين الاجانب باتجاه لبنان، ولو ان اوساطا مطلعة على حركة هؤلاء تجزم بان لا حوار مباشرا حصل بعد مع اي من المعنيين حول ماهية الحل، وتضيف “بعد ما صار في حوار لنحكي بتسوية”. وبالتالي، فاي تفاوض لم يتم بعد ليمهد لاتفاق، لاسيما ان “الاسرائيلي” يتحدث عن حرب ستمتد أشهرا اضافية.
فهل هذا يعني ان الحل متأخر؟ يجيب المصدر : اذا لم تضغط الولايات المتحدة الاميركية باتجاه اسقاط حكومة نتانياهو في اسرع وقت ، فالاخير يقولها صراحة بان الحرب طويلة ، لا سيما ان “الجيش الاسرايلي” فشل حتى الساعة بتحقيق اهدافه التي كان يتأمل تحقيقها في غزة، من القضاء على حماس الى اطلاق الرهائن والاسرى دون قيد او شرط.
من هنا يرى المصدر ان نتانياهو سيكون عندئذ مضطرا لاكمال حربه على غزة، الى حين تحقيق شيء ما يعتبره انتصارا له ويظهره بصورة المنتصر، وكأنه هو من تمكن من تأمين الامان والانتصار “لاسرائيل”، وبعدها يبدأ الحديث عن الحل السياسي.
ويتابع المصدر بان ما تحاول “اسرائيل” القيام به راهنا، هو الانتقال من العمل العسكري في غزة الى العمل الامني، سواء في بيروت او دمشق وبغداد وايران، محاولة بذلك ترميم صورة الردع، لتظهر امام الغرب لاسيما اميركا، بان “يدها طائلة” أبعد من غزة ولبنان، بل حتى لبغداد وايران وسوريا ، محاولة عبر ذلك ترسيخ معادلة “انا قوية وموجودة”، من خلال تحويل المعركة من عسكرية في غزة لامنية خارج غزة، وتكون بذلك قد خففت من حجم الضغط الاميركي عليها لوقف العدوان على غزة.
وفي هذا السياق، تكشف مصادر متابعة لزيارة مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي جوزيف بوريل لبيروت، واللقاء اللافت الذي جمع بوريل بحزب الله عبر رئيس كتلة الوفاء للمقاومة الحاج محمد رعد، ان ما حمله بوريل هو نوع من رسالة التحذير والتهديد في آن ، داعيا المعنيين الى عدم ربط الملفات الداخلية لا سيما الاستحقاق الرئاسي بانتهاء الحرب في غزة.
وفي اطار الحديث عن الملف الرئاسي ، تشير مصادر بارزة مطلعة على جو الثنائي الشيعي الى ان لا تبدل بالمشهد الراهن، باعتبار ان اي فريق لم يبدّل رأيه، كما ان التسوية الخارجية لم تنضج معالمها بعد، ولو ان رياحها بدأت تهبّ ولو عن بعد.
وتعلق المصادر على امكان ان تكون هذه التسوية المقبلة لمصلحة قائد الجيش جوزيف عون، الذي اجتاز امتحان التمديد باصوات كبيرة تؤهله ليكون ريئسا للجمهورية بالقول : للتمديد الذي حصل لقائد الجيش ظروفه ، وللحرب في غزة ظروفها والرئاسة امر آخر. وتكمل المصادر شارحة بان ما فرض التمديد هو رغبة حزب الله بعدم حصول الشغور في قيادة الجيش، اما الرئاسة فمجمدة لما بعد حرب غزة .
وتجزم المصادر لتختم بالقول: وعليه، لا يمكن القول ان الحرب هي لمصلحة رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية او التسوية هي لمصلحة جوزيف عون، فالوقت لا يزال مبكرا على هكذا كلام!