من دون أن يحالفها النجاح، حاولت القوى السياسية استشراف ما استخلصه الموفد الفرنسي الرئاسي جان إيف لودريان من لقاءاته في بيروت، حيث سعى كل فريق إلى الإطلاع على ما تحدث عنه الفريق الآخر، في إطار الأجوبة على الأسئلة العديدة التي طرحها الموفد الفرنسي، والتي حملت المواقف المُعلنة نفسها في الجلسات الإنتخابية الرئاسية، كما في الإطلالات والمحطات السياسية خلال الأشهر الماضية من الشغور الرئاسي.
وتتحدث معلومات مصادر مواكبة عن أن لودريان توقف طويلاً عند استعداد الفريق المؤيد لترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، للذهاب إلى الحوار مع الفريق المؤيد لرئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، كما أنه عرض مع كل كتلة بشكلٍ خاص، أسباب معارضتها لبعض المرشحين وتأييدها للمرشح الآخر، حيث أنه تطرق إلى بعض الترشيحات، وبالتالي تحدث عن مرشحين مطروحين.
ووفق المعلومات، فإن لودريان لم يبد أي موقف أو تعليق، ولكنه ومن خلال أسئلته إلى النواب، قد كشف عن توجهات إدارته إزاء الإستحقاق الرئاسي، التي تقضي بالدرجة الاولى على تحقيق هدفين: الأول تهدئة الخطاب السياسي في ظل الإنقسام الحاد في المجلس النيابي، والثاني السعي إلى تقديم المساعدة من أجل الخروج من حال عدم التوافق والإنسداد.
وبالتالي، اكتفى الديبلوماسي الفرنسي برمي كرة المبادرة الرئاسية في ملعب الكتل النيابية، وإطلاق تحذير بعد مغادرته الأراضي اللبنانية، من أن اللبنانيين لا يملكون الكثير من الوقت لإضاعته في المزيد من الفراغ الرئاسي، حيث تتحدث المعلومات نفسها، عن أن الحوار سيكون نواة المــبادرة التي سيعود بها لودريان بعد أسابيع، ولكن من دون رســم أية ملامح مُسبقة، باستثناء تحديد مواقف كل مرجعــية سياسية ونيابية وحزبية من الحوار المقترح، تمهيداً لتنفيــذ الأهداف الفرنسية المذكــورة.
وتنقل المعلومات، عن أن بعض النواب الذين شاركوا في الغداء الذي أُقيم في قصر الصنوبر، قد لمسوا مدى استعداد لودريان لمناقشة أية ملاحظة أو اعتراض على المبادرة الفرنسية، وذلك في سياق العمل لفتح كوةٍ في جدار الشغور الرئاسي في الوقت الحالي.
وقد يكون أبرز ما استخلصه أكثر من نائب بعد لقاء لودريان، وفق المعلومات، أنه حمل كل الملاحظات وسأل عن كل المرشحين من دون استثناء، كما استفهم من كل فريق عن تصوره الخاص للحل، وركز على الحوار من أجل التسوية.
واللافت في هذا المجال، أن لودريان بدا على اطلاعٍ تام على كل المعطيات كما الخلافات على الساحة الداخلية، التي تتجاوز حدود الملف الرئاسي إلى مصير المرحلة المقبلة على عدة مستويات سياسية ومالية واقتصادية وأمنية، ولذلك كان حذراً في الرد على أي مداخلة من قبل النواب، انطلاقاً من أنه لا يملك كلمة السر الرئاسية.
وبالتالي، تشير المعلومات إلى أن واقع الشغور الرئاسي على حاله، وما من موعدٍ لجلسة انتخابية في المدى المنظور، بانتظار ما سيعود به لودريان من اقتراحات وورقة عمل للمرحلة المقبلة.