IMLebanon

عودٌ على السباق الرئاسي

يتفاقم الانطباع السائد في أوساط محلية وخارجية أيضاً، أنّ دعوة الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله إلى التوافق على «تسوية وطنية شاملة» رئاسية وحكومية ونيابية، هي عبارة عن بداية تحوُّل في موقف الحزب إزاء الوضع اللبناني الداخلي، شبيهة بتلك التي برزت مع موافقة نصرالله على حكومة من «ثلاث ثمانات» التي فتحت الطريق أمام ولادة حكومة «المصلحة الوطنية».

ورغم أنّ «السلّة» التي تحدّث عنها السيّد لم تتضمّن جديداً باعتبار أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري سبق أن تحدّث عنها مراراً وتكراراً في جلسات الحوار، كما يقول أحد المشاركين فيها، فإنّ الجديد يكمن في أمرين:

الأول: توقيت هذا الموقف الذي تزامن مع انطلاق قطار التسوية حول سوريا، في اطار مؤتمرات فيينا التي لم تطلق بداية أسس لهذه التسوية وحسب، وإنّما جَمَعت الجبّارين الاقليميين المعنيّين بالوضع السوري، أي المملكة العربية السعودية وإيران، على طاولة واحدة.

والثاني: اقتران الحديث عن هذه «السلّة» بالتزام، جديد من نوعه على لسان نصرالله، باتفاق الطائف وبآلياته الدستورية.

هذان «الجديدان» يمكن عطفهما على مجموعة مواقف ومعطيات أخرى جديدة أيضاً أبرزها:

– تضمين ورقة مواصفات رئيس الجمهورية التي قدّمها «حزب الله» لرئيس مجلس النواب على طاولة الحوار أن يكون الرئيس العتيد «ممثلاً لبيئته ومقبولاً من المكوّنات الأخرى».

– تأكيد الرئيس بري، حسب أوساطه، رفض فكرة «المثالثة» منذ أن بدأ الحديث عمّا يسمّى «المؤتمر التأسيسي».

– دعوة نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم الأسبوع الفائت إلى «تسوية فيها تبادل للتنازلات والمكاسب.. الأمر الذي يتطلّب شجاعة وإقداماً نحن نملكهما ونتمنى أن يملكهما كل القادة في لبنان».

هذه المواقف تؤشّر إلى احتمال كبير، برأي مرجع رئاسي سابق، مفاده أنّ رسم «خارطة طريق» لحلّ سياسي في سوريا (في فيينا) يفترض رسم «خارطة طريق» لحلّ سياسي في لبنان، بعد أن ارتبطت أزمة الأخير بالأزمة السورية، مع ميل المرجع نفسه إلى الاعتقاد بأنّ إيران اختارت هذا المسار تحت عنوان فكّ ارتباط الوضع اللبناني عن الوضع السوري بالتزامن مع انطلاق مسار الحلّ في سوريا.

لا يستبعد المرجع أن يترجم موقف نصرالله بخطوات عملية، أي الاتفاق على رئيس وعلى حكومة علاوة على قانون الانتخاب، تماماً كما حصل قبل وخلال مؤتمر الدوحة، مذكّراً بأنّ قائد الجيش السابق العماد ميشال سليمان تكرّس رئيساً للجمهورية قبل سبعة شهور من انتخابه لولا تأخّر ذلك لسببين، الأول: رفضه شروط دولة اقليمية نقلها إليه موفد لبناني، والثاني: انتظار التوافق على قانون انتخاب والحكومة.

كما لا يستبعد أيضاً مواكبة هذا المسار الداخلي بسحب «حزب الله» قوّاته من سوريا إذا ما تقدّم مسار الحلّ السياسي في سوريا خلال الشهور القليلة المقبلة، بحيث تعود الحياة إلى «إعلان بعبدا» الذي يبقى عنوان الحلّ في لبنان وإن لم يلتزم بعض القوى به، أو يخجل البعض الآخر بإعادة التأكيد عليه.

هذا التفاؤل الذي تتفاوت نسبته بين وسط سياسي وآخر، ربّما يعكسه بصورة أوضح وأدقّ حراك النائب سليمان فرنجية، بصرف النظر عمّا إذا كان التقى الرئيس سعد الحريري أم لا كما شاع في الأيام الماضية، وبصرف النظر عن حظوظه الرئاسية إذا كانت متوافرة أم لا، ذلك أنّ مواقفه التي عبّر عنها في الأسابيع الماضية سواء على طاولة الحوار أو عشيّة الجلسة التشريعية أو في مواقفه الإعلامية، إنّما تؤشّر إلى فتح السباق الرئاسي من جديد، بعيداً عن «فيتوات» من هنا أو «التزامات» بهذا المرشّح أو ذاك من جهة ثانية.

ومعنى ذلك أنّ ما كان عبارة عن «ثوابت» في هذا الاستحقاق لم يعد مقدّساً، وأنّ عملية خلط الأوراق ربّما قد بدأت.. من أجل انتخاب رئيس.