Site icon IMLebanon

جلسة انتخاب الرئيس «مُناورة» لتحديد الأحجام والأوزان إصطفافات مُختلفة… وخريطة سياسيّة جديدة بعد الانتخابات 

 

 

 

 

لا يختلف اثنان في احتساب إنجاز اتفاق المعارضات المسيحية مع «التيار الوطني الحر» بأنه يعود الى المرشح سليمان فرنجية فقط، وهذا الأمر شرحه بوضوح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية في خطابه الأخير في ذكرى مجزرة اهدن، متحدثا عن اغتيال سياسي لترشيحه للانتخابات الرئاسية . فكل أهداف الكتل المسيحية تجمعت عند هدف إسقاط فرنجية ومنعه من الوصول الى قصر بعبدا، لكونه من فريق الممانعة والمنظومة السياسية الماضية بتصنيف خصوم فرنجية، لكن ما لا يقوله الخصوم ان عدم قبولهم فرنجية يخضع ايضا لحسابات وأجندات معينة ، فليس صحيحا ان القوى المسيحية لم تتفق على فرنجية بسبب انتمائه الى محور سياسي، بقدر ما جاء تجمع الكتل المعارضة لحسابات محض رئاسية، او تتعلق بمستقبل الزعامة المسيحية. وهذ الأمر سيظهر بوضوح ما ان تمر جلسة الانتخاب، التي صار واضحا انها لن تنتج رئيسا، ولن يكون هناك رئيس للجمهورية يوم الأربعاء ولا دورة ثانية ، بل «مناورة بالذخيرة الحية» لترسيم الأحجام والأوزان لمرحلة ما بعد الأربعاء.

 

ما بعد جلسة اليوم لن يكون شبيها بما سبقه، على الأقل بالنسبة الى التداعيات السلبية في ملعبي «التيار الوطني الحر» والحزب «التقدمي الاشتراكي»، فلن يكون سهلا على التيار ان يعود الى «الحضن الدافىء» لحليفه الشيعي بعد انهيار جسور الثقة بينهما. في أروقة التيار لا تسير الأمور بالحسم الباسيلي بالعصا، لان التصويت متأرجح لخمسة نواب مترددين بين الورقة البيضاء، وعدم حضور نائبين من تكتل «لبنان القوي» بداعي السفر، وتصويت أحدهم لزياد بارود.

 

كل هذا يظهر مدى العصف السياسي الذي يحصل داخل التكتل، حيث نقل عن رئيسه جبران باسيل قوله إنه «سيربي الآخرين بهم بعد الانتخابات»، في إشارة الى إجراء تأديبي حيال المترددين، كما لا يمكن تجاهل التجاذبات في اجتماعات التكتل، ومدى التخبط الذي رافق إعلان تبني المرشح جهاد أزعور، مع بروز حالات غير مؤيدة لهذا الخيار من البداية.

 

تداعيات معركة انتخاب ازعور ستترك آثارا على التيار و»الاشتراكي»، فالأول انتقل للاصطفاف بعيدا عن حليفه الشيعي وخط ٨ آذار، ولم يعد مخفيا حجم الامتعاض من رئيس التيار في حارة حريك، مع تنامي الحديث في صفوف فريق ٨ آذار عن التحاق باسيل بالمشروع الأميركي ، فيما رمى رئيس الحزب «الاشتراكي» مهمة انتخاب رئيس للجمهورية في ملعب نجله تيمور على حساب سنوات طويلة من الحياد السياسي والتهدئة مع حزب الله في المحطات الوطنية الخطرة، في حين وصل الاستياء في عين التينة الى مستويات لم تعرفها العلاقة بينهما سابقا، بعد تنصل وليد جنبلاط من مسايرة عين التينة رئاسيا على الأقل بالورقة البيضاء.

 

بالنسبة الى «الاشتراكي» و»الوطني الحر»، فإن العودة من خندق المعارضة الى تبني مرشح جديد للرئاسة سيكون خيارا مكلفا ، ويتساءل المنتقدون لتحالف الكتل المسيحية عما جمع هذه القوى المتشرذمة من وقت بعيد في الاستحقاق الرئاسي اليوم، فرئيسا حزب «القوات» و»الكتائب» لم يتفقا يوما مع باسيل، وأجمعا على ان عهد الرئيس ميشال عون أوصل لبنان الى جهنم، فيما نواب «التغيير» لم يسقطوا شعارات «الثورة» ضد باسيل والمطالبة بمحاسبته. والسؤال الأساسي حول سر الاتفاق المسيحي و»الاشتراكي» مع معارضات نواب «الثورة» على مرشح رئاسي، كان وزيرا للمالية في حكومة الرئيس السابق فؤاد السنيورة، وكانت مجمل هذه القوى معارضة لسياساته المالية.

 

بالمؤكد، ان ما بعد يوم غد الأربعاء، سيكون هناك مشهد سياسي جديد وخريطة تحالفات واصطفافات مختلفة، بانتظار بروز مؤشرات داخلية وإقليمية تعيد ترتيب الوضع اللبناني.