Site icon IMLebanon

عفو الرئيس لا يجب أن “يخالف المبادئ التي وُجد لأجلها”

 

من غير الطبيعي العفو عن جرائم شائنة

 

 

نشرت “نداء الوطن” أمس وثائق تثبت منح رئيس الجمهورية ميشال عون العفو الخاص لمدانة بترويج المخدرات، وتخفيضه الغرامة عن محكوم بجرم القدح والذم والمس بكرامة العاهل السعودي من خمسين مليوناً إلى عشرة ملايين ليرة. وبالتدقيق بأسماء الوكيلين في الحالتين، تبين أن من توكّل لتقديم طلب العفو الخاص إلى رئيس الجمهورية في الحالة الأولى هو المحامي ماجد بويز، الوكيل القانوني لصهره الوزير جبران باسيل والمفوّض من قبله بتنسيق التشكيلات القضائية. أما في الحالة الثانية، فتولى تقديم الطلب المحامي ناجي لحود من مكتب وزير الرئاسة الأولى حالياً سليم جريصاتي.

 

فكان من الطبيعي أن تثير “نداء الوطن” الموضوع، وأن يطرح أيّ مواطن شكوكه وتساؤلاته، وأن يتعجب لصدور قرار بالعفو عن مدانة بترويج المخدرات. كذلك من الطبيعي أن تزداد شكوك المواطنين لا سيما وأن الرئيس وافق على طلبات عفو خاص تبين أن المتقدمين بها محامون مقربون من باسيل وجريصاتي. الأمر الذي يُشعر المواطنين بالمزيد من التمييز واللاعدالة وأنهم متفاوتون بالحقوق والواجبات. ما يطرح السؤال عن استنسابية قرارات العفو الخاص، وشروطها، وعن مدى مراعاة المصلحة العامة قبل أي اعتبار خصوصاً من موقع الرئيس.

 

يؤكد المحامي والنائب السابق بطرس حرب لـ”نداء الوطن” أنه “من الناحية الدستورية يحق لرئيس الجمهورية إصدار قرار بالعفو الخاص”، لكنها في الوقت ذاته “صلاحية أعطيت لرئيس الجمهورية ليمارسها في حالات استثنائية وتحديداً في حالات الإعدام حيث يمكن للرئيس منح العفو”.

 

ووفق حرب، فإن “الحالات الاستثنائية لا ترد ضمنها حالات تجارة المخدرات”. ومن وجهة نظره الدستورية والقانونية فإن العفو الخاص يأخذ بالاعتبار إمكانية وقوع خطأ لدى القضاء، أو ارتكاب الجرم عن طريق الخطأ وفي حالات استثنائية، “فالصلاحية بالتأكيد ليست مطلقة للعفو عن تجار المخدرات وهم أخطر من القتلة. والأهم أن لجنة العفو المؤلفة من ثلاثة قضاة والنيابة العامة التنفيذية رفضتا العفو”.

ويرى حرب أنه “لكان من الطبيعي موافقة الرئيس على العفو لو أن اللجنتين أيدتاه، لكن من غير الطبيعي العفو في جرائم شائنة تضرُّ بالمجتمع وإن أتاح القانون لرئيس الجمهورية العفو من دون موافقة لجنة العفو والنيابة العامة التنفيذية”، وبالتالي فهو يعتبرها “مخالفة للمبدأ الذي أعطى الرئيس هذه الصلاحية، وتشكل سابقة خطيرة تسمح للمسؤولين في الدولة بتحويلها إلى ممارسة لأجل مصالح شخصية أو حزبية أو من أجل مكسب مادي”. ويأسف حرب لأن يكون “من سعى إلى العفو هم أشخاص مقربون من الرئيس إن كان وكيل صهره أو محام في مكتب وزير القصر” الجمهوري.

 

ويرفض حرب “اعتبار كشف المسألة استهدافاً لصلاحيات الرئيس”. إذ ومنذ أن صدرت مانشيت “نداء الوطن” ويحاول الفريق المتضرر والمتورط وضعها في قالب استهداف رئيس الجمهورية للاحتماء خلفه. ويقول حرب: “أبداً ليس في الأمر أي استهداف لرئيس الجمهورية، فنحن مع هذه الصلاحية وفق الأصول والمبادئ. ورئيس الجمهورية خُدع. هناك من خدعه وقدّم له الملف بشكل مختلف لا سيّما أن الرئيس يقول أنا قائد معركة مكافحة الفساد وقائد الأخلاق في البلد ومعاقبة المجرمين”. ويرى حرب أن “خطورة ما جرى بأنه سيفتح المجال للمطالبة بالعفو الخاص. خصوصاً أنه تم العفو عن جريمة شائنة بينما القانون اللبناني وعندما منح أسباباً مخففة لم يمنحها لمرتكب جرائم الاتجار بالمخدرات والترويج”.

 

ويرى حرب أن القرار الثاني المتعلق بالعفو عمن هاجم رئيس دولة أجنبية وأساء إلى رئيس دولة، “قد يترتب عنه انعكاسات جراء شتم دولة لها أفضال على لبنان”. ويرفض حرب البحث بالحكم الصادر لناحية السجال الذي يثيره حول مسألة حرية التعبير، وإنما يكتفي بالحديث عن استنسابية العفو، فيقول: “لا أبحث بالحكم أبحث بالعفو بعد صدور الحكم وأصبح نافذاً ويجب تنفيذه”.